بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال ; سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول : قال الله تعالى " يا ابن آدم انك ما دعوتني
ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا ابالي , يا ابن آدم لو بلغت
ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك , يا ابن آدم انك
لو اتيتني بقراب الارض خطايا , ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا
لأتيتك بقرابها مغفره" صحيح .
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
وقد تتضمن حديث أنس أسبابا ثلاثه تحصل بها المغفره :
الأول : الدعاء مع الرجاء .
الثاني : الاستغفار .
الثالث : التوحيد .
وفيما يلي بيان هذه الأسباب بشيء يسير من التفصيل :
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
أولا :- الدعاء مع الرجاء ..
فإن الدعاء مأمور به , وموعود عليه بالإجابة ,كما قال
تعالى : وقال ربكم ادعوني استجب لكم " غافر "
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
ثانيا :الاستغفار ..
ولو عظمت الذنوب وبلغت الكثرة عنان السماء _ وهو السحاب _ .
والاستغفار : طلب المغفرة , والمغفرة هي وقاية شر الذنوب مع
سترها , وقد ذكر الاستغفار في القرآن مرات كثيرة , وكثيرا ما
يقرنه الله بالتوبة , فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب
المغفرة باللسان , والتوبة عبارة عن الاقلاع عن
الذنوب بالقلوب والجوارح ..
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
ويجب ان يكون الاستغفار مقرونا بعدم الإصرار ,
وأفضل أنواعه ما بدأه العبد بالثناء على ربه تبارك وتعالى ,
ثم يسآل الله المغفرة والعفو كما في حديث سيد الاستغفار .
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
ثالثا : التوحيد ..
وهو السبب الأعظم , فمن فقده فقد فقد المغفرة ,
ومن جاء به فقد اتى بأعظم أسباب المغفرة , قال تعالى :
" إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "
النساء .
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
قال بعضهم :
الموحد لا يلقى في النار كما يلقى الكفار ,
ولا يبقى فيها كما يبقى الكفار , فإن كمل توحيد العبد
وإخلاصه لله فيه وقام بشروطه كلها بقلبه ولسانه
وجوارحه , او بقلبه ولسانه عند الموت أوجب ذلك
مغفرة ما سلف من الذنوب كلها , ومنعه
من دخول النار بالكلية ...
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
فمن تحقق بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوى
الله محبة وتعظيما وإجلالا ومهابة وخشية ورجاء وتوكلا ,
وحينئذ تحرق ذنوبه وخطاياه كلها ولو كانت مثل
زبد البحر , وربما قلبتها حسنات .
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
وبالجملة فإن تمحيص الذنوب يكون في دار الدنيا بأربعة أشياء :
- بالتوبة .
- والاستغفار .
- وعمل الحسنات الماحية .
- والمصائب المكفرة .
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
فإن محصته هذه الأربعة وخلصته كان من الذين تتوفاهم الملائكة
طيبين يبشرونهم بالجنة , وكان من الذين تتنزل عليها الملائكة
عند الموت : " ألا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم
توعدون , نحن اولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة
ولكم فيها ما تشتهي انفسكم ولكم فيها ما تدعون
نزلا من غفور رحيم " فصلت .
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
وان لم تف هذه الأربعة بتمحيصه وتخليصه ..
فلم تكن التوبة نصوحا _ وهي العامة الشاملة الصادقة _
ولم يكن الاستغفار كاملا تاما _ وهو المصحوب بمفارقة الذنب
والندم عليه , وهو الاستغفار النافع لا استغفار من في يده
قدح السكر وهو يقول : استغفر الله , ثم يرفعه الى فيه _
ولم تكن الحسنات في كميتها وكيفيتها وافية
بالتكفير , ولا المصائب ..
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
وهذا إما لعظم الجناية وإما لضعف المحص
وإما لهما معا , ومحص في البرزخ بثلاثة اشياء :
احدها .. صلاة اهل الايمان الجنازة عليه , واستغفارهم له وشفاعتهم فيه .
والثاني .. تمحيصه بفتنة القبر , وروعة الفتان والعصرة والانتهار وتوابع ذلك .
والثالث .. ما يهدي إخوانه المسلمون اليه من هدايا الاعمال من
الصدقة عنه , والحج والصيام عنه , وقراءة القرآن عنه والصلاة
وجعل ثواب ذلك له .
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
أيها المذنب .. لا تغالط نفسك
وعلى العبد أن يحذر مغالطة نفسه ,
فإن العبد يعرف ان المعصية والغفلة من الاسباب المضرة له
في دنياه وآخرته ولابد .. ولكن تغالطه نفسه بالاتكال على عفو الله ,
ومغفرته تارة وبالتسويف بالتوبة والاستغفار , باللسان تارة ,
وبفعل المندوبات تارة , وبالعلم تارة ,
وبالاحتجاج بالقدر تارة .
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
* ** * ** * ** * ** * ** * ** *
د / مجدي الشهاوي
تقبلوا تحياتي
ولا تنسوني من صالح دعائكم
فراشة الربيع