|
رد: تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل
التغافل وتربية الأولاد
يجب التغافل عن بعض هفوات التلاميذ وعدم التعليق على كل حركة تصدر عنه بل لابد أن ننبههم بروح الشفقة والرحمة حتى لا نذل نفسه ونحطم شخصيته أو ندفعه لاكتساب عادات خلقية سيئة كالعناد والكذب،
ولنتمثل فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابي الذي كبر للصلاة من أول المسجد وركع وظل يمشي حتى وصل الصف فنبهه النبي صلى الله عليه وسلم على خطئه بلطف حيث قال: ((زادك الله حرصا ولا تعد))
من أنماط التربية، التغافل ـ لا الغفلة ـ عن بعض ما يصدر من الأولاد من عبث أو طيش وهو مبدأ يأخذ به العقلاء في تعاملهم مع أولادهم ومع الناس عموما؛ فالعاقل لا يستقصي، ولايشعر من تحت يده أو من يتعامل معهم بأنه يعلم عنهم كل صغيرة وكبيرة؛ لأنه إذااستقصى، وأشعرهم بأنه يعلم عنهم كل شيء ذهبت هيبته من قلوبهم، ليس الغبي بسيد في قومه لكن سيد قومه المتغابي، ثم إن تغافله يعينه على تقديم النصح بقالب غير مباشر،
من باب:
إياك أعني واسمعي يا جاره،
ومن باب:
ما بال أقوام.
وربما كان ذلك أبلغ وأوقع.
من أخطاء المُعلم :
محاولة ضبط الطفل أكثر من اللازم:
بحيث لاتتاح له الفرصة للعب والمرح والحركة. وهذا يتعارض مع طبيعة الطفل وقد يضر بصحته إذ أن هذا اللعب مهم لنمو الطفل بصورة جيدة إذ أن:
(اللعب في المكان الطلق الفسيح من أهم الأمور التي تساعد على نمو جسم الطفل وحفظ صحته) فينبغي أن يتجنب الأب زجرا لأولاد عند مبالغتهم في اللعب بالتراب أثناء النزهة على شاطئ البحر أو في الصحراء.
وذلك لأن الوقت وقت ترفيه ولعب وليس وقت انضباط، وليس ثمة وقت ينطق فيه الأولاد بلا قيود إلا في مثل هذه النزهات البريئة،
فلابد من التغافل عنهم بعض الشيء.
التغافل على أخطاء قليلة حكمةٌ تربويَّة :
إذا ظهر على الصبي خُلقٌ جميل وفعلٌ محمود ، فينبغي أن يكرَّم عليه ـ يجب أن تثني على ابنك إذا رأيت منه خُلقاً حميداً؛ أمانةً، وفاءً، صدقاً ـ ويجازى عليه لما يفرح به، وأن يُمدح بين أظهر الناس، فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرَّةً واحدة فينبغي أن يتغافل عنه.
جاء في وصية الغزالي : فإذا خالف ذلك في بعض الأحوال مرَّةً واحدة فينبغي أن نتغافل عنه ـ وأن لا نهتك ستره، وألا نكاشفه ، أما إذا عاد ثانيةً يُعاتب عتاباً رقيقاًفيما بينك وبينه .
لمن التغافل
مسامحة أهل الاستئثار والاستغنام والتغافل لهم ليس مروءة ولا فضيلة بل هو مهانة وضعف وترضية لهم على التمادي على ذلك الخلق المذموم وتغبيط لهم به وعون لهم على ذلك الفعل السوء.
وإنما تكون المسامحة مروءة لأهل الإنصاف المبادرين إلى الإنصاف والإيثار فهؤلاء فرض على أهل الفضل أن يعاملوهم بمثل ذلك لا سيما إن كانت حاجتهم أمس وضرورتهم أشد.
التغافل شيمة أهل الدين
عن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: ( إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث )
متفق عليه
وسوء الظن يدعو إلى التحسس و التجسسن.
فعن أبي هريرة قال: قال صلى الله عليه وسلم: ( لا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تقاطعوا و لا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا )
متفق عليه.
التجسس في تطلع الأخبار و التحسس بالمراقبة بالعين فستر العيوب والتجاهل و التغافل عنها شيمة أهل الدين ويكفيك تنبيها على كمال الرتبة في سترالقبيح و إظهار الجميل أن الله تعالى وصف به في الدعاء فقيل يا من أظهر الجميل وسترالقبيح، فإنه ستار العيوب وغفار الذنوب ومتجاوزعن العبيد فكيف لا تتجاوز أنت عمن هو مثلك أو فوقك.
وقد قال عيسى عليه السلام للحواريين كيف تصنعون إذا رأيتم أخاكم نائما وقد كشف الريح ثوبه عنه قالوانستره ونغطيه قال بل تكشفون عورته قالوا سبحان الله من يفعل هذا فقال أحدكم يسمع بالكلمة في أخيه فيزيد عليها ويشيعها بأعظم منها.
قال عمرو بن عثمان المكي:
المروءة التغافل عن زلل الإخوان .
عن أبي بكر بن أبي الدنيا أن محمد بن عبد الله الخزاعي قال :
سمعت عثمان بن زائدة يقول :
العافية عشرة أجزاء تسعة منها في التغافل
قال : فحدثت به أحمد بن حنبل فقال:
العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل
قال الأعمش:
التغافل يطفئ شراً كثيراً .
عن أبي بكر بن عياش قال:
قال كسرى لوزيره ما الكرم ؟ قال : التغافل عن الزلل .."
وفي قوله صلى الله عليه وسلم :
(إن الله يحب الرفق في الأمر كله)
استحباب تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين إذا لم يترتب عليه مفسدة.
قال الشافعي:
الكيس العاقل هوالفطن المتغافل.
قال جعفر بن محمد الصادق:
(عظموا أقدراكم بالتغافل).
قال المهاجري:
(قال أعرابي لرجل: قد استدللت على عيوبك بكثرة ذكرك لعيوب الناس لأن طالبها متهم بقدر ما فيه منها).
وكما قال الإمام أحمد بن حنبل
" تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل"
والحسن البصري يقول:
ما زال التغافل من فعل الكرام
وقال أكثم بن صَيْفيّ:
الكَرم حُسن الفِطنة وحُسْنُ التغافل واللّؤم سوءُ الفطنة وسُوء التغافل ولم تَرَ أهلَ النُّهَى والمنسوبِين إلى الحِجَا والتُّقَى مَدَحوا الحلماءَ بشدة العقاب وقد ذكروهم بحُسن الصَّفْح وبكثرة الاغتفار وشدّة التغافُل وبعد فالمُعَاقِب مستعدٌّ لعداوة أولياءِ المذنِب والعافي مُسْتَدْعٍ لشكرهم آمِنٌ من مكافأتهم أيّامَ قدرتهم ولأنْ يُثنَى عليك باتِّساع الصدر خيرٌ من أن يُثْنى عليك بضِيق الصَّدر على أنّ إقالتك عثرةَ عبادِ اللّه موجبٌ لإقالتك عَثْرَتَكَ منربِّ عباد اللّه وعفوُك عنه موصولٌ بعفو اللّه عنك وعقابُك لهم موصولٌ بعقاب اللّه لك".
|