الإنسان سريع التأثر بصاحبه يحاول أن يسير على منهاجه وأن
يتابعه فى سلوكه وعاداته، وبطول العشرة يصبح كل منهما شبيها
بالآخر، فإذا كان الصاحب طاهر النفس، مستقيم الخلق حسن
السيرة، انتقلت صفاته إلى من يخالطه فصار إنسانا فاضلا يسعد نفسه
وأمته، وإذا كان الصاحب شريرا فاسد الطبع منحرف السلوك سرت
أحواله إلى من يعاشره فصار أداة للشر والفساد.
قال الشاعر العربى:
واحذر مصاحبة اللئيم فإنه
يعدى كما يعدى الصحيح الأجرب
وفى الحديث الشريف:
عن أبى موسى_رضى الله عنه_عن النبى

قال:
( مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك
ونافخ الكير: فحامل المسك إما أن يحذيك، وإما أن
تبتاع منه ،وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما
أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة ).
لذا أرشدنا

إلى أن نحسن اختيار أصحابنا، وضرب لنا مثلا
محسوسا يوضح أهمية الصاحب فى حياة كل منا لنحرص على
مصاحبة الأخيار ونجتنب مصاحبة الأشرار، فقد شبه الجليس الصالح
بصاحب الروائح الطيبة تفيدك مجالسته على أى حال، لأنه إما أن
تشترى منه، أو يعطيك هدية، أو تشم منه رائحة طيبة.
وكذلك الجليس الصالح إما أن ينفعك بتعاونه معك على الخير وإما
أن يبذل لك نصحه وإرشاده وإما أن تنتفع بالإقتداء به أو بحسن السمعة
التى تكسبها من مصاحبته وشبه الجليس الشرير بحداد، له جراب ينفخ
به النار: فمصاحبته كلها شر وبلاء لأنه إما أن يحرقك الشرر المتطاير
من ناره، وإما أن يدفعك إلى الفساد، وإما أن تتأثر فتحاكيه فى سلوكه
وانحرافه، أو تسوء سمعتك بمرافقته، وقد قال

المرء على دين
خليله فلينظر أحدكم من يخالل ).
فعلى العاقل أن يحرص على مصادقة الأخيار، وأن يفر من
مصاحبة الأشرار.