عرض مشاركة واحدة
قديم 22 Jun 2013, 03:28 AM   #4
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 8,847 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: قصة يوسف عليــه الســلام



وقد روي عن ابن مسعود ، ومجاهد ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنهما قالا : لم نر شيئا . فقال لهما : قضي الأمر الذي فيه تستفتيان . وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين . [ يوسف : 42 ] يخبر تعالى أن يوسف عليه السلام قال للذي ظن أنه ناج منهما وهو الساقي : اذكرني عند ربك . يعني اذكر أمري ، وما أنا فيه من السجن بغير جرم عند الملك ، وفي هذا دليل على جواز السعي في الأسباب ، ولا ينافي ذلك التوكل على رب الأرباب . وقوله : فأنساه الشيطان ذكر ربه . أي فأنسى الناجي منهما الشيطان [ ص: 477 ] أن يذكر ما وصاه به يوسف عليه السلام قاله مجاهد ، ومحمد بن إسحاق ، وغير واحد . وهو الصواب ، وهو منصوص أهل الكتاب فلبث في السجن بضع سنين . والبضع : ما بين الثلاث إلى التسع . وقيل : إلى السبع . وقيل : إلى الخمس . وقيل : ما دون العشرة . حكاها الثعلبي . ويقال : بضع نسوة ، وبضعة رجال ومنع الفراء استعمال البضع فيما دون العشر . قال : وإنما يقال : نيف . وقال الله تعالى : فلبث في السجن بضع سنين . وقال تعالى : في بضع سنين [ الروم : 4 ] . وهذا رد لقوله قال الفراء : ويقال : بضعة عشر ، وبضعة وعشرون . إلى التسعين ، ولا يقال : بضع ومائة ، وبضع وألف . وخالف الجوهري فيما زاد على بضعة عشر ، فمنع أن يقال : بضعة وعشرون . إلى تسعين ، وفي الصحيح الإيمان بضع وستون . وفي رواية وسبعون شعبة أعلاها قول : لا إله إلا الله . وأدناها إماطة الأذى عن الطريق .

ومن قال : إن الضمير في قوله : فأنساه الشيطان ذكر ربه . عائد على يوسف . فقد ضعف ما قاله ، وإن كان قد روي عن ابن عباس ، وعكرمة . والحديث الذي رواه ابن جرير في هذا الموضع ضعيف من كل وجه ؛ [ ص: 478 ] تفرد بإسناده إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي ، وهو متروك ، ومرسل الحسن ، وقتادة لا يقبل ، ولاسيما هاهنا بطريق الأولى والأحرى ، والله أعلم .

فأما قول ابن حبان في صحيحه : ذكر السبب الذي من أجله لبث يوسف في السجن ما لبث ؛ أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي ، ثنا مسدد بن مسرهد ، ثنا خالد بن عبد الله ، ثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحم الله يوسف لولا الكلمة التي قالها " اذكرني عند ربك " ما لبث في السجن ما لبث ، ورحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد ، إذ قال لقومه : " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " قال : فما بعث الله نبيا بعده إلا في ثروة من قومه . فإنه حديث منكر من هذا الوجه . ومحمد بن عمرو بن علقمة له أشياء ينفرد بها وفيها نكارة ، وهذه اللفظة من أنكرها وأشدها ، والذي في الصحيحين يشهد بغلطها ، والله أعلم .

[ ص: 479 ] وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات ياأيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون قالوا أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلوني يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون [ يوسف : 43 - 49 ] . هذا كله من جملة أسباب خروج يوسف عليه السلام من السجن على وجه الاحترام والإكرام ، وذلك أن ملك مصر ، وهو الريان بن الوليد بن ثروان بن أراشة بن فاران بن عمرو بن عملاق بن لاوذ بن سام بن نوح رأى هذه الرؤيا . قال أهل الكتاب : رأى كأنه على حافة نهر ، وكأنه قد خرج منه سبع بقرات سمان فجعلن يرتعن في روضة هناك ، فخرجت سبع هزال ضعاف من ذلك النهر فرتعن معهن ، ثم ملن عليهن فأكلنهن ، فاستيقظ مذعورا ، ثم نام فرأى سبع سنبلات خضر في قصبة واحدة ، وإذا سبع أخر دقاق يابسات تأكلهن ، فاستيقظ مذعورا ، فلما قصها على ملإه ، وقومه لم يكن فيهم من يحسن تعبيرها ، بل قالوا أضغاث أحلام أي أخلاط أحلام من الليل لعلها لا تعبير لها ، ومع هذا فلا خبرة لنا بذلك ؛ ولهذا قالوا : [ ص: 480 ] وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين . فعند ذلك تذكر الناجي منهما الذي وصاه يوسف بأن يذكره عند ربه فنسي إلى حينه هذا ، وذلك عن تقدير الله عز وجل وله الحكمة في ذلك ، فلما سمع رؤيا الملك ، ورأى عجز الناس عن تعبيرها تذكر أمر يوسف وما كان أوصاه به من التذكار ؛ ولهذا قال تعالى : وقال الذي نجا منهما وادكر . أي تذكر بعد أمة

أي بعد مدة من الزمان ، وهو بضع سنين . وقرأ بعضهم ، كما حكي ، عن ابن عباس ، وعكرمة ، والضحاك : " وادكر بعد أمه " أي بعد نسيان . وقرأها مجاهد : " بعد أمه " بإسكان الميم ، وهو النسيان أيضا . يقال : أمه الرجل يأمه أمها ، وأمها إذا نسي قال الشاعر :

أمهت وكنت لا أنسى حديثا كذاك الدهر يردي بالعقول


. فقال لقومه وللملك : أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون . أي فأرسلوني إلى يوسف . فجاءه فقال : يوسف أيها الصديق أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون . وعند أهل الكتاب أن الملك لما ذكره له الناجي استدعاه إلى حضرته ، وقص عليه ما رآه ففسره له . وهذا غلط ، والصواب ما قصه الله في كتابه القرآن لا ما عربه هؤلاء الجهلة الثيران من قرائئ [ ص: 481 ] وربان . فبذل يوسف عليه السلام ما عنده من العلم بلا تأخر ولا شرط ولا طلب الخروج سريعا ، بل أجابهم إلى ما سألوا ، وعبر لهم ما كان من منام الملك الدال على وقوع سبع سنين من الخصب ويعقبها سبع جدب ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس . يعني يأتيهم الغيث والخصب والرفاهية وفيه يعصرون يعني ما كانوا يعصرونه من الأقصاب والأعناب والزيتون والسمسم وغيرها . فعبر لهم وعلى الخير دلهم وأرشدهم إلى ما يعتمدونه في حالتي خصبهم وجدبهم ، وما يفعلونه من ادخار حبوب سني الخصب في السبع الأول في سنبله إلا ما يرصد بسبب الأكل ، ومن تقليل البذر في سني الجدب في السبع الثانية إذ الغالب على الظن أنه لا يرد البذر من الحقل ، وهذا يدل على كمال العلم ، وكمال الرأي والفهم .

وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم [ يوسف : 50 - 53 ] . لما أحاط الملك علما بكمال علم يوسف عليه الصلاة والسلام ، وتمام عقله ورأيه السديد وفهمه ، أمر بإحضاره إلى حضرته ليكون من جملة خاصته ، فلما جاءه الرسول بذلك أحب أن لا يخرج حتى يتبين لكل أحد أنه حبس ظلما وعدوانا ، وأنه بريء الساحة مما نسبوه إليه [ ص: 482 ] بهتانا قال ارجع إلى ربك . يعني الملك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن عليم . قيل : معناه : إن سيدي العزيز يعلم براءتي مما نسب إلي أي فمر الملك فليسألهن كيف كان امتناعي الشديد عند مراودتهن إياي ، وحثهن لي على الأمر الذي ليس برشيد ولا سديد . فلما سئلن عن ذلك اعترفن بما وقع من خطأ الأمر ، وما كان منه من الأمر الحميد وقلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء . فعند ذلك قالت امرأة العزيز وهي زليخا الآن حصحص الحق . أي ؛ ظهر وتبين ووضح ، والحق أحق أن يتبع أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين . أي فيما يقوله من أنه برئ وأنه لم يراودني ، وأنه حبس ظلما وعدوانا وزورا وبهتانا . وقوله : ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين . قيل : إنه من كلام يوسف . أي إنما طلبت تحقيق هذا ليعلم العزيز أني لم أخنه بظهر الغيب . وقيل : إنه من تمام كلام زليخا أي إنما اعترفت بهذا ليعلم زوجي أني لم أخنه في نفس الأمر ، وإنما كان مراودة لم يقع معها فعل فاحشة . وهذا القول هو الذي نصره طائفة كثيرة من أئمة المتأخرين وغيرهم ، ولم يحك ابن جرير وابن أبي حاتم سوى الأول وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم . قيل : إنه من كلام يوسف . وقيل : من كلام زليخا . وهو مفرع على القولين الأولين . وكونه من تمام كلام زليخا أظهر وأنسب ، وأقوى ، والله أعلم .

[ ص: 483 ] وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم وكذلك مكنا ليوسف في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء نصيب برحمتنا من نشاء ولا نضيع أجر المحسنين ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون [ يوسف : 54 - 57 ] . لما ظهر للملك براءة عرضه ، ونزاهة ساحته عما كانوا أظهروا عنه مما نسبوه إليه قال : ائتوني به أستخلصه لنفسي . أي أجعله من خاصتي ومن أكابر دولتي ومن أعيان حاشيتي ، فلما كلمه وسمع مقاله وتبين حاله قال إنك اليوم لدينا مكين أمين . أي ذو مكانة وأمانة قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم . طلب أن يوليه النظر فيما يتعلق بالأهراء لما يتوقع من حصول الخلل فيما بعد مضي سبع سني الخصب لينظر فيها بما يرضي الله في خلقه من الاحتياط لهم والرفق بهم ، وأخبر الملك أنه حفيظ أي قوي على حفظ ما لديه أمين عليه عليم بضبط الأشياء ومصالح الأهراء ، وفي هذا دليل على جواز طلب الولاية لمن علم من نفسه الأمانة والكفاءة ، وعند أهل الكتاب أن فرعون عظم يوسف عليه السلام جدا ، وسلطه على جميع أرض مصر وألبسه خاتمه وألبسه الحرير وطوقه الذهب وحمله على مركبه الثاني ، ونودي بين يديه أنت رب أي مالك ومسلط . وقال [ ص: 484 ] له : لست أعظم منك إلا بالكرسي . قالوا : وكان يوسف إذ ذاك ابن ثلاثين سنة ، وزوجه امرأة عظيمة الشأن .


(يتـــبع)



 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس