عرض مشاركة واحدة
قديم 22 Jun 2013, 03:22 AM   #3
نور الشمس
وسام الشرف - مشرفة قروب - أخوات البحث العلمي - جزاها الله تعالى خيرا
** أم عمـــر **


الصورة الرمزية نور الشمس
نور الشمس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 13417
 تاريخ التسجيل :  Dec 2012
 أخر زيارة : 21 Aug 2023 (03:12 PM)
 المشاركات : 8,847 [ + ]
 التقييم :  35
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 مزاجي
لوني المفضل : Olivedrab
رد: قصة يوسف عليــه الســلام



وأكثر أقوال المفسرين هاهنا متلقى من كتب أهل [ ص: 470 ] الكتاب فالإعراض عنه أولى بنا ، والذي يجب أن يعتقد أن الله تعالى عصمه وبرأه ونزهه عن الفاحشة وحماه عنها وصانه منها ؛ ولهذا قال تعالى : كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين واستبقا الباب . أي هرب منها طالبا إلى الباب ليخرج منه فرارا منها فاتبعته في أثره : وألفيا : أي وجدا سيدها أي زوجها لدى الباب ، فبادرته بالكلام وحرضته عليه قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أو عذاب أليم . اتهمته وهي المتهمة وبرأت عرضها ونزهت ساحتها ، فلهذا قال يوسف عليه السلام : هي راودتني عن نفسي . احتاج إلى أن يقول الحق عند الحاجة . وشهد شاهد من أهلها قيل : كان صغيرا في المهد قاله ابن عباس . وروي عن أبي هريرة ، وهلال بن يساف ، والحسن البصري ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، واختاره ابن جرير . وروى فيه حديثا مرفوعا عن ابن عباس ، ووقفه غيره عنه . وقيل : كان رجلا قريبا إلى أطفير بعلها . وقيل : قريبا إليها . وممن قال إنه كان رجلا ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والحسن ، وقتادة ، والسدي ، ومحمد بن إسحاق ، وزيد بن أسلم . فقال : إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين . أي لأنه يكون قد راودها فدافعته حتى قدت مقدم قميصه : وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين . أي لأنه يكون قد هرب منها فاتبعته ، وتعلقت فيه فانشق قميصه لذلك ، وكذلك كان ؛ ولهذا قال تعالى : فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم . [ ص: 471 ] أي هذا الذي جرى من مكركن أنت راودته عن نفسه ، ثم اتهمته بالباطل ، ثم أضرب بعلها عن هذا صفحا . فقال : يوسف أعرض عن هذا . أي لا تذكره لأحد لأن كتمان مثل هذه الأمور هو الأليق والأحسن ، وأمرها بالاستغفار لذنبها الذي صدر منها والتوبة إلى ربها ، فإن العبد إذا تاب إلى الله تاب الله عليه ، وأهل مصر وإن كانوا يعبدون الأصنام إلا أنهم يعلمون أن الذي يغفر الذنوب ، ويؤاخذ بها هو الله وحده لا شريك له في ذلك ؛ ولهذا قال لها بعلها وعذرها من بعض الوجوه ؛ لأنها رأت ما لا صبر لها على مثله إلا أنه عفيف نزيه برئ العرض سليم الناحية فقال : واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبا إنا لنراها في ضلال مبين فلما سمعت بمكرهن أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم قالت فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم [ يوسف : 30 - 34 ] . يذكر تعالى ما كان من قبل نساء المدينة يعني مصر من نساء الأمراء وبنات الكبراء في الطعن على امرأة العزيز وعيبها والتشنيع عليها في مراودتها فتاها وحبها الشديد له ، يعنين : [ ص: 472 ] وهو لا يساوي هذا لأنه مولى من الموالي ، وليس مثله أهلا لهذا ؛ ولهذا قلن : إنا لنراها في ضلال مبين . أي في وضعها الشيء في غير محله فلما سمعت بمكرهن . أي بتشنيعهن عليها والتنقص لها ، والإشارة إليها بالعيب والمذمة بحب مولاها وعشق فتاها فأظهرن ذما ، وهي معذورة في نفس الأمر ، فلهذا أحبت أن تبسط عذرها عندهن وتبين أن هذا الفتى ليس كما حسبن ولا من قبيل ما لديهن ، فأرسلت إليهن فجمعتهن في منزلها ، وأعتدت لهن ضيافة مثلهن ، وأحضرت في جملة ذلك شيئا مما يقطع بالسكاكين كالأترج ونحوه . وآتت كل واحدة منهن سكينا ، وكانت قد هيأت يوسف عليه السلام وألبسته أحسن الثياب ، وهو في غاية طراوة الشباب ، وأمرته بالخروج عليهن بهذه الحالة فخرج وهو أحسن من البدر لا محالة فلما رأينه أكبرنه . أي أعظمنه وأجللنه وهبنه ، وما ظنن أن يكون مثل هذا في بني آدم وبهرهن حسنه حتى اشتغلن عن أنفسهن ، وجعلن يحززن في أيديهن بتلك السكاكين ، ولا يشعرن بالجراح وقلن حاش لله ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم .

وقد جاء في حديث الإسراء فمررت بيوسف ، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن . قال السهيلي ، وغيره من الأئمة : معناه أنه كان على النصف من حسن آدم عليه السلام لأن الله تعالى خلق آدم بيده ونفخ فيه من روحه فكان في غاية نهايات الحسن البشري ؛ ولهذا يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم وحسنه ، ويوسف كان على النصف من حسن آدم ولم يكن بينهما أحسن منهما ، كما أنه لم تكن أنثى بعد حواء أشبه بها من سارة امرأة الخليل عليه السلام .

قال ابن مسعود : وكان وجه يوسف مثل البرق ، وكان إذا أتته [ ص: 473 ] امرأة لحاجة غطى وجهه . وقال غيره : كان في الغالب مبرقعا لئلا يراه الناس . ولهذا لما قام عذر امرأة العزيز في محبتها لهذا المعنى المذكور ، وجرى لهن وعليهن ما جرى من تقطيع أيديهن بجراح السكاكين ، وما ركبهن من المهابة ، والدهش عند رؤيته ، ومعاينته قالت : فذلكن الذي لمتنني فيه ثم مدحته بالعفة التامة فقالت : ولقد راودته عن نفسه فاستعصم . أي امتنع ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين . وكان بقية النساء حرضنه على السمع والطاعة لسيدته فأبى أشد الإباء ونأى لأنه من سلالة الأنبياء ، ودعا فقال في دعائه لرب العالمين : رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين . يعني : إن وكلتني إلى نفسي فليس لي من نفسي إلا العجز والضعف ، ولا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله فأنا ضعيف إلا ما قويتني وعصمتني وحفظتني وحطتني بحولك وقوتك . ولهذا قال تعالى : فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم .

[ ص: 474 ] ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ياصاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضي الأمر الذي فيه تستفتيان [ يوسف : 35 - 41 ] . [ ص: 474 ] يذكر تعالى عن العزيز وامرأته أنهم بدا لهم أي ظهر لهم من الرأي بعد ما علموا براءة يوسف أن يسجنوه إلى وقت ليكون ذلك أقل لكلام الناس في تلك القضية ، وأخمد لأمرها وليظهروا أنه راودها عن نفسها فسجن بسببها ، فسجنوه ظلما وعدوانا ، وكان هذا مما قدر الله له ، ومن جملة ما عصمه به فإنه أبعد له عن معاشرتهم ومخالطتهم ، ومن هاهنا استنبط بعض الصوفية ما حكاه عنهم الشافعي أن من العصمة أن لا تجد . قال الله تعالى : ودخل معه السجن فتيان . قيل : كان أحدهما ساقي الملك ، واسمه فيما قيل : بنو . والآخر خبازه يعني الذي يلي طعامه ، وهو الذي يقول له الترك : الجاشنكير ، واسمه فيما قيل : مجلث . كان الملك قد اتهمهما في بعض الأمور فسجنهما ، فلما رأيا يوسف في السجن أعجبهما سمته وهديه ودله وطريقته وقوله وفعله وكثرة عبادته ربه وإحسانه إلى خلقه ، فرأى كل واحد منهما رؤيا تناسبه قال أهل التفسير : رأيا في ليلة واحدة أما الساقي فرأى كأن ثلاث قضبان من حبلة قد أورقت وأينعت عناقيد العنب فأخذها فاعتصرها في كأس الملك وسقاه ، ورأى الخباز [ ص: 475 ] على رأسه ثلاث سلال من خبز ، وضواري الطيور تأكل من السل الأعلى . فقصاها عليه ، وطلبا منه أن يعبرهما لهما ، وقالا : إنا نراك من المحسنين . فأخبرهما أنه عليم بتعبيرهما خبير بأمرهما . و قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما . قيل : معناه مهما رأيتما من حلم فإني أعبره لكما قبل وقوعه ، فيكون كما أقول . وقيل : معناه إني أخبركما بما يأتيكما من الطعام قبل مجيئه حلوا أو حامضا . كما قال عيسى عليه السلام : وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم [ آل عمران : 49 ] . وقال لهما إن هذا من تعليم الله إياي لأني مؤمن به موحد له متبع ملة آبائي الكرام إبراهيم الخليل وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا . أي بأن هدانا لهذا وعلى الناس أي بأن أمرنا أن ندعوهم إليه ونرشدهم وندلهم عليه ، وهو في فطرهم مركوز ، وفي جبلتهم مغروز ولكن أكثر الناس لا يشكرون .

ثم دعاهم إلى التوحيد ، وذم عبادة ما سوى الله عز وجل ، وصغر أمر الأصنام وحقرها وضعف أمرها . فقال : ياصاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله . أي هو المتصرف في خلقه الفعال لما يريد الذي يهدي من يشاء ، ويضل من يشاء [ ص: 476 ] أمر ألا تعبدوا إلا إياه . أي وحده لا شريك له ذلك الدين القيم أي المستقيم والصراط القويم ولكن أكثر الناس لا يعلمون . أي فهم لا يهتدون إليه مع وضوحه وظهوره ، وكانت دعوته لهما في هذه الحال في غاية الكمال ؛ لأن نفوسهما معظمة له منبعثة على تلقي ما يقول بالقبول فناسب أن يدعوهما إلى ما هو الأنفع لهما مما سألا عنه وطلبا منه ، ثم لما قام بما وجب عليه وأرشد إلى ما أرشد إليه قال : يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا . قالوا : وهو الساقي وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه . قالوا : وهو الخباز قضي الأمر الذي فيه تستفتيان . أي وقع هذا لا محالة ووجب كونه على كل حالة ؛ ولهذا جاء في الحديث الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا عبرت وقعت .







(يتـــــــبع)



 
 توقيع : نور الشمس



قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

‏🌱 اجعل نفسك دائماً في تفاؤل والذي يريده الله سيكون

‏ وكن مسروراً فرحاً واسع الصدر ،،

‏فالدنيا أمامك واسعة والطريق مفتوح ✨

‏فهذا هو الخير ،،،

‏ 📚 شرح رياض الصالحين - ج4 ص87

🦋🍃


رد مع اقتباس