|
ان الله طيب لا يقبل الا طيبا
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَيُّهَا النَّاسُ ؛ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ،
فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ
وَقَالَ : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ،
ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ ، أَشْعَثَ أَغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ
[مسلم ، الترمذي ، أحمد ، الدارمي]
هذا الحديث من ألصق الأحاديث بأصول الدين ، وليس أحد وأنا معكم بمنجاة من عذاب الله إن لم يتبع نص هذا الحديث ، وحقيقة الدين شيء خطير جداً ، الدين له مظاهر ، يمكن أن تصلي ، يمكن أن ترتدي ثوباً إسلامياً، يمكن أن تحمل سبحة ، يمكن أن تضع على محلك التجاري آيات قرآنية ، يمكن أن تصلي يوم الجمعة ، هناك آلاف من المظاهر الإسلامية ، ولكن جوهر الدين لو وضعت يدك عليه لقطفت ثماره كلها ، لو وضعت يدك على جوهر الدين لكنت أسعد الناس ، لو عرفت حقيقة الدين لصحت بأعلى صوتك : ليس في الأرض من هو أسعد مني، لكنك إذا وضعت يدك على جوهر الدين يجب أن تكون في مستوى هذا الجوهر ، لا أن تكون أنت في واد، والدين في واد آخر،
هذا الحديث يذكرنا بحديث آخر،
إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ
[الترمذي]
أتحب أن يحبك الله ؟ كن سخياً ، أتحب أن يحبك الله ؟ كن نظيفاً ، أتحب أن يحبك الله ؟ كن طاهراً طيباً .
إذا قلنا فلان طيب ، يعني طاهر ، أما إذا قلنا : الله طيب ، أي منزه عن كل نقص لا يليق به ، إذا وصفنا ربنا بأنه طيب ، أي أنه منزه عن كل نقص،
والطريق واضح ، أتحب أن يحبك الله ؟ كن طاهراً من العيوب ، من الغل ، من الحسد ، من الغيبة ، من النميمة ، من قول الزور ، من الكبر ، من الاستعلاء ، من الأنانية ، إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطَّيِّبَ ، يعني منزهًا عن كل نقص ، يُحِبُّ الطَّيِّبَ، يحب العبد المنزه عن كل نقص ، الكامل ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكَرَمَ، جَوَادٌ يُحِبُّ الْجُودَ
إذا قلنا : إنسان طيب أي طاهر ، طاهر في جسمه ، طاهر في أخلاقه ، طاهر في سلوكه ، طاهر في كسبه ، طاهر في إنفاقه ، أما إذا قلنا : إن الله طيب ، معنى ذلك أنه منزه عن النقائص والعيوب كلها،
قال تعالى :
(وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ)
[سورة النور : 26]
المؤمنة الطيبة سُمعتها ، نظيفة ، عفيفة ، ودودة ، مطيعة لزوجها ، ستيرة،
إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ
أي منزه عن كل نقص لا يليق به ، منزه عن الظلم ، منزه عن أن يشبه أحداً ، عزيز في ملكه ، حكيم في أفعاله،
لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا
إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ ، هو طيب ، عرفت أم لم تعرف ، أقررت أم لم تقر ، هو طيب ، يعني أنه منزه عن كل نقص، لكن الذي يتعلق بك لا يقبل إلا طيباً ، لا تغلب نفسك ، مهما فعلت ، مهما أخذت من مظاهر الدين ، مهما تعلقت بمظاهر الدين ، مهما كنت مع المقربين ، مهما فعلت أفعالا ترضي الناس ، مهما أثنى عليك الناس ، مهما علوت في نظر الناس
لفضيلة الدكتور ابو راتب النابلسي
|