عرض مشاركة واحدة
قديم 31 Mar 2013, 11:35 PM   #19
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتـاب الـحيـوان




مناكحة الجنِّ ومحالفتهم
وأمّا قوله:
غلبتني على النَّجابة عرسي ... بعد أنْ طالَ في النجابة ذكري
وأرى فِيهِمُ شمائِل إنسٍ ... غيرَ أنّ النّجارَ صُورةُ عِفرِ
فإنَّه يقول: لما تركّب الولدُ منّي ومنها كان شبهُها فيه أكثر.
وقال عبيد بن أيُّوب:
أخو قَفراتٍ حَالَفَ الجِنَّ وانتفى ... مِنَ الإنْس حتّى قد تَقَضّتْ وسائلُهْ
له نَسَبُ الإنسيّ يُعرَفُ نَجْلُه ... وللجِنِّ منه خَلْقه وشمائلُه
وقال:
وصارَ خليلَ الغُول بَعدَ عداوةٍ ... صَفِيّاً وربَّتْه القِفَارُ البسابسُ
فَليس بِجِنّيٍّ فيُعْرَفَ نَجْله ... ولا أَنَسِيٍّ تحتويه المجالِسُ
يظلُّ ولا يبدوُ لشيءٍ نهارَه ... ولكنّه ينْباعُ واللّيْلُ دامِس
قال: وقال القَعقاع بنُ مَعْبَد بن زُرارة، في ابنه عوف بن القعقاع: واللّه لما أرى من شمائل الجنّ في عوف أكثر ممّا أرَى فيه من شمائل الإنس.
وقال مَسلمة بن محارب: حدّثني رجلٌ من أصحابنا قال: خرجنا في سَفرٍ ومعنا رجُلٌ، فانتهينا إلى واد، فدعَوْنا بالغَدَاء، فمدّ رجلٌ يدَه إلى الطعام، فلم يقدر عليه - وهو قبْلَ ذلك يأكلُ معَنا في كلِّ منزل - فاشتدّ اغتمامنا لذلك، فخرجنا نسأل عن حاله، فتلقَّانَا أعرابيٌّ فقال: ما لكم؟ فأخبرناه خبَر الرَّجُل، فقال: ما اسم صاحبكم؟ قلنا: أسد قال: هذا وادٍ قد أخِذَتْ سباعه فارحلوا، فلو قد جاوزتم الواديَ استمرَى الرَّجُل وأكَل.

مراكب الجن
وأمَّا قوله:
وبها كنتُ راكباً حشراتٍ ... مُلجِماً قُنفُذاً ومُسْرجَ وَبْر
وأجوبُ البلادَ تحتيَ ظبيٌ ... ضاحكٌ سنُّه كثيرُ التمرِّي
مُولجٌ دُبْرَهُ خَوَايَة مَكْوٍ ... وهو باللّيل في العفاريت يَسري
فقد أخبرْنا في صدر هذا الكتاب بقول الأعراب في مطايا الجن من الحشرات والوحش.
وأنشد ابنُ الأعرابي لبعض الأعراب:
كلَّ المطايا قد ركبنا فلم نجد ... ألَذَّ وأشهى مِنْ مذاكي الثَّعالبِ
وَمِنْ عنظوان صعبةٍ شمّرية ... تَخُبُّ برجْليها أمام الرَّكائبِ
ومنْ جُرَذٍ سُرْح اليدين مفرَّج ... يعوم برَحْلي بين أيدِي المراكب
ومنْ فارةٍ تزداد عِتْقاً وحدّةً ... تبرِّح بالخوصِ العِتاقِ النَّجَائبِ
ومنْ كلِّ فتْلاء الذِّراعَينِ حُرَّة ... مدَرَّبة من عافيات الأرانبِ
ومنْ وَرَل يغتالُ فضْلَ زِمامِهِ ... أضَرَّ به طول السُّرى في السَّباسِبِ
قال ابنُ الأعرابي: فقلت له: أترى الجن كانت تركبُها، فقال: أحلِفُ باللّه لقد كنتُ أجد بالظِّباء التَّوقيعَ في ظهورها؟ والسِّمة في الآذان، وأنشد:
كلّ المطايا قد ركبنا فلم نجدْ ... ألذَّ وأشْهَى من رُكوب الجَنادِبِ
ومنْ عَضْرفوط حطَّ بي فأقمتهُ ... يبادِرُ وِرداً من عظاءٍ قواربِ
وشرُّ مطايا الجنِّ أرْنبُ خُلّةٍ ... وذئبُ الغضا أوقٌ على كلِّ صاحبِ
ولم أر فيها مِثْلَ قُنفُذ بُرْقةٍ ... يَقُودَ قطاراً منْ عظام العناكبِ
وقد فسَّرنا قولهم في الأرانب، لم لا تركب، وفي أرنب الخَلّة، وقنفذ البُرْقة.
وحدثني أبو نُواس قال: بكرتُ إلى المِربَد، ومعي ألواحي أطلبُ أعرابيّاً فصيحاً، فإذا في ظلِّ دار جعفر أعرابيٌّ لم أسمع بشيطان أقبَحَ منه وجهاً، ولا بإنسان أحسنَ منه عقلاً، وذلك في يومٍ لم أر كبرده برداً، فقلتُ له: هلاَّ قعدت في الشمس فقال: الخَلْوة أحبُّ إليّ فقلت له مازحاً: أرأيت القنفذَ إذا امتطاه الْجِنيُّ وعلا به في الهواء، هل القنفذ يحمل الجنِّيّ أم الجنّيّ يحمل القنفذ؟ قال: هذا من أكاذيب الأعراب، وقد قلت في ذلك شعراً، قلت فأنشِدْنيه، فأنشَدَني بعد أن كان قال لي: قلت هذا الشعر وقد رأيت ليلة قنفذاً ويربوعاً يلتمسان بعض الرِّزق:
فما يُعجبُ الجنَّانَ منك عَدِمتَهم ... وفي الأُسْد أفراسٌ لهم ونجائبُ
أتُسرِج يربوعً وتُلجِم قُنفذاً ... لقَدْ أعوزَتهُمْ ما علمْتَ المراكِبُ
فإن كانت الجنّانُ جُنّت فبالحَرى ... ولا ذَنْبَ للأقدار واللّه غالبُ
وما الناس إلا خادعٌ ومخدَّعٌ ... وصاحبُ إسْهَابٍ وآخر كاذب
قال: فقلت له: قد كان ينبغي أن يكون البيت الثالث والرابع بيت آخر، قال: كانت واللّه أربعين بيتاً، ولكنَّ الحطمة واللّه حَطمتها، قال: فقلت: فَهلْ قلت في هذا الباب غير هذا؟ قال: نعم، شيءٌُ قلتُهُ لزوجتي، وهو واللّه عندها أصدقُ شيءٍ قلتُه لها:
أراه سَميعاً للسِّرارِ كقنفذٍ ... لقد ضاع سِرُّ اللّه يا أمَّ مَعْبدِ
قال: فلم أصبر أن ضحِكْتُ، فغضب وذهب.

شعر فيه ذكر الغول
ويكتب مع شعر أبي البلاد الطُّهوي:
فمن لامَني فيها فَوَاجَه مِثلَها ... على غِرَّةٍ ألقَت عطافاً ومئزرا
لها ساعِدَا غُولٍ ورجلا نعامةٍ ... ورأسٌ كمسْحاة اليهُوديِّ أزعَرَا
وبَطْنٌ كأثناء المزادةِ رَفّعتْ ... جوانبُه أعكانَه وتَكَسَّرا
وثدْيان كالخُرْجين نيطت عُرَاهُما ... إلى جُؤجُؤٍ جاني الترائب أزْوَرَا
قال: كان أبو شيطان، واسمه إسحاق بن رَزِين، أحد بني السِّمط سِمْط جعدة ابن كعب، فأتاهم أميرٌ فجعل ينْكُب عليهم جَوراً، وجعل آخر من أهل بلده ينقب عليهم: أي يكون عليهم نقيباً. فجعل يقول:
يا ذا الذي نَكَبَنَا ونَقَبَا ... زَوّجَهُ الرَّحمن غُولاً عقْرَبا
جمّع فيها ماله ولبْلَبا ... لبالب التّيس إذا تَهَبْهبَا
حتَّى إذا ما استطربَتْ واستطرَبَا ... عاينَ أشنا خَلقِ ربّيزرْنبَا
ذات نواتين وسَلعٍ أُسْقِبَا
يعني فرجها ونوَاتها، يقول، لم تُخْتَن.

من كتاب الحيوان للمؤلف:أبو عثمان عمرو



 

رد مع اقتباس