الثاني أن الانبياء لا تأمر الا بالعدل ولا تفعل الا العدل وهؤلاء المخالفون لهم لا بد لهم من الظلم فإن من خالف العدل لا يكون الا ظلما فيدخلون في العدوان على الخلق وفعل الفواحش والشرك والقول على الله بلا علم وهي المحرمات التي حرمها الله مطلقا كما قال تعالى : قل انما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وان تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله مالا تعلمون الثالث أن ما يأتي به من يخالفهم معتاد لغير الانبياء كما هو معتاد للسحرة والكهان وعباد المشركين وأهل الكتاب وأهل البدع والفجور وآيات الانبياء هي معتادة أنها تدل على خبر الله وأمره على حكمه فتدل على أنهم أنبياء وعلى صدق من أخبر بنبوتهم سواء كانوا هم المخبرين أو غيرهم وكرامات الاولياء هي من هذا فإنهم يخبرون بنبوة الانبياء وكذلك أشراط الساعة هي أيضا تدل على صدق الانبياء اذ كانوا قد أخبروا بها فالذي جعله أولئك من كرامات الاولياء وأشراط الساعة ناقضا لآيات الانبياء اذ هو من جنسها ولا يدل عليها فأولئك كذبوا بالموجود وهؤلاء سووا بين الآيات وغيرها فلم تكن في الحقيقة عندهم آية وكانت الآيات عند أولئك منتقضة وأولئك نصروا جهلهم بالتكذيب بالحق وهؤلاء نصروا جهلهم أيضا بقول الباطل فقالوا ان الآية هي المقرونة بالدعوى التي لا تعارض وزعموا أنه لا يمكن معارضة السحر والكهانة اذا جعل آية وأنه اذا لم يعارض كان آية وهو تكذيب بالحق أيضا فإنه قد ادعاه غير نبي ولم يعارض فالطائفتان أدخلت في الآيات ما ليس منها وأخرجت منها ما هو منها فكرامات الاولياء واشراط الساعة من آيات الانبياء وأخرجوها والسحر والكهانة ليس من آياتهم وأدخلوها أو سووا بينها وبين الآيات بل ونوابها .
من كتاب النبوات لشيخ الإسلام ابن تيمية .
يتبع..