الموضوع: كتاب النبوات
عرض مشاركة واحدة
قديم 23 Mar 2013, 12:47 AM   #17
الابن البار
مراقب قروب أنوار العلم جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية الابن البار
الابن البار غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2964
 تاريخ التسجيل :  Jul 2008
 أخر زيارة : 12 May 2020 (08:02 PM)
 المشاركات : 1,051 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue
رد: كتاب النبوات



ولفظ التوراة قد يراد به جميع الكتب التي نزلت قبل الانجيل فيقال التوراة والانجيل ويراد بالتوراة الكتاب الذي جاء به موسى وما بعده من نبوة الانبياء المتبعين لكتاب موسى قد يسمى هذا كله توراة فإن االتوراة تفسر بالشريعة فكل من دان بشريعة التوراة قيل لنبوته انها من التوراة وكثير مما يعزوه كعب الأحبار ونحوه إلى التوراة هو من هذا الباب لا يختص ذلك بالكتاب المنزل على موسى كلفظ الشريعة عند المسلمين يتناول القرآن والاحاديث النبوية وما استخرج من ذلك كما قد بسط هذا في موضع آخر والمقصود هنا أن الانبياء يفتحون الأعين العمي والآذان الصم والقلوب الغلف والسحرة يفسدون السمع والبصر والعقل حتى يخيل للانسان الأشياء بخلاف ما هي عليه فيتغير حسه وعقله قال في قصة موسى سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءوا بسحر عظيم وهذا يقتضي أن أعين الناس قد حصل فيها تغير ولهذا قال تعالى : ولو فتحنا عليهم بابا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سكرت ابصارنا بل نحن قوم مسحورون فقد علموا أن السحر يغير الاحساس كما يوجب المرض والقتل وهذا كله من جنس مقدور الانس فإن الانسان يقدر أن يفعل في غيره ما يفسد إدراكه وما يمرضه ويقتله فهذا مع كونه ظلما وشرا هو من جنس مقدور البشر والجني إذا اراد أن يرى قرينه أمورا غائبة سأل عنها مثلها له فاذا سأل عن المسروق أراه شكل ذلك المال وإذا سأل عن شخص أراه صورته ونحو ذلك وقد يظن الرائي أنه رأى عينه وإنما رأى نظيره وقد يتمثل الجني في صورة الإنسي حتى يظن الظان أنه الإنسي وهذا كثير كما تصور لقريش في صورة سراقة ابن مالك بن جعشم وكان من اشراف بني كنانة قال تعالى : وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وأني جار لكم الآية فلما عاين الملائكة ولى هاربا ولما رجعوا ذكروا ذلك لسراقة فقال والله ما علمت بحربكم حتى بلغني هزيمتكم وهذا واقع كثيرا حتى انه يتصور لمن يعظم شخصا في صورته فاذا استغاث به أتاه فيظن ذلك الشخص انه شيخه الميت وقد يقول له إنه بعض الانبياء أو بعض الصحابة الاموات ويكون هو الشيطان وكثير من الناس أهل العبادة والزهد من يأتيه في اليقظة من يقول إنه رسول الله ويظن ذلك حقا ومن يرى إذا زار بعض قبور الانبياء أو الصالحين أن صاحب القبر قد خرج اليه فيظن أنه صاحب القبر ذلك النبي أو الرجل الصالح وإنما هو شيطان أتى في صورته إن كان يعرفها وإلا أتى في صورة انسان قال إنه ذلك الميت وكذلك يأتي كثيرا من الناس في مواضع ويقول انه الخضر وإنما كان جنيا من الجن ولهذا لم يجترئ الشيطان على أن يقول لأحد من الصحابة إنه الخضر ولا قال أحد من الصحابة إني رأيت الخضر وإنما وقع هذا بعد الصحابة وكلما تأخر الامر كثر حتى إنه يأتي اليهود والنصارى ويقول انه الخضر ولليهود كنيسة معروفة بكنيسة الخضر وكثير من كنائس النصارى يقصدها هذا الخضر والخضر الذي يأتي هذا الشخص غير الخضر الذي يأتي هذا ولهذا يقول من يقول منهم لكل ولي خضر وإنما هو جني معه.

من كتاب النبوات لشيخ الإسلام ابن تيمية .

يتبع..



 

رد مع اقتباس