عرض مشاركة واحدة
قديم 06 Mar 2013, 03:59 PM   #2
بالقرآن نرتقي
مشرفة قروب ـ رياحين الإخاء جزاها الله تعالى خيرا


الصورة الرمزية بالقرآن نرتقي
بالقرآن نرتقي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8317
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Dec 2023 (11:50 PM)
 المشاركات : 2,584 [ + ]
 التقييم :  18
 مزاجي
لوني المفضل : Cadetblue
رد: الأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية



يتبع

فإذا القاعدة المقررة عند أهل السنة والجماعة ، أنه في نصوص الغيبيات ، في الصفات ، أو في ما يكون يوم القيامة ، أو في الملائكة ، أو إلى غير ذلك ، لا تأويل فيها ، نأخذ بالظاهر ، هذا الظاهر تارة يكون ظاهراً من جهة اللفظ ، وتارة يكون ظاهراً من جهة التركيب.

في قول الله جل وعلا: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (1) سورة الملك] ، قد تجد من يفسرها بقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} ، يعني في قبضته ، وتحت تصرفه ، وهذا التفسير إذا كان مع إثبات صفة اليد لله جل وعلا ، فهو تفسير سائغ ، لأن الملك بيده ، بمعنى أنه تحت تصرفه ، لكن في الآية إثبات صفة اليد.

في قول الله جل وعلا: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (10) سورة الفتح] ، قال ابن كثير وغيره: هذا تشديد في أمر البيعة ، هذا فيه إثبات صفة اليد لله جل وعلا ، ومعنى الكلام في ظاهره التركيبي ، مع إثبات صفة اليد ، أن فيه تشديد أمر البيعة ، فإذا كان أحد من المفسرين فسر بالظاهر التركيبي ، أو فسر بالمتضمن للكلام ، أو فسر باللازم ، فتنظر فيه ، هل يؤول الصفات أو لا يؤولها؟.

فمثلاً: لو نظرت إلى هذه الآية {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} (10) سورة الفتح] ، ووجدت أنه في هذه الآية لم يثبت صفة اليد ، وإنما قال: هذا تشديد في أمر البيعة ، لأجل أن لا ينكث بها أحد ، تنظر في الموضع الآخر في قوله جل وعلا: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} (75) سورة ص] ، وفي قوله: {يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ} (64) سورة المائدة] ، هل في ذلك إثبات صفة اليد عند هذا المفسر أم لا؟
فإن أوَّل في ذلك الموضع ، علمنا أنه في هذا الموضع أوََّل ، وإن أثبت في ذلك الموضع ، علمنا أنه في هذا الموضع فسر باللازم ، والمتضمن.
وهذا من دقيق المسائل ، إذا لم تفهمه ، فجاوزه ، ولا تخض فيه بعدم فهم له ، لأن هذه من دقيق المسائل ، ولهذا بعضهم يقول: البغوي أوَّل ، أو مثل واحد ألف: ابن كثير بين التفويض أو قال: بين التأويل والتفويض ، ويظن أن بعض الناس أن ابن كثير فوض بعض الآيات ، أو بعض الصفات ، أو أوَّل ، هذا غير صحيح ، كذلك البغوي فوض وأول ، هذا غير صحيح ، لم؟ لأنه قد يفسر باللازم ، قد يفسر بالمتضمن ، قد يفسر بالظاهر التركيبي ، فكيف تعلم الفرق بين المؤول وبين غيره؟ كما سأل السائل هنا بدقة حيث قال: ما هو الضابط بين ما يجوز تأويله ، وما لا يجوز تأويله؟ ، يلتبس في حق بعض المفسرين ، فلا تأخذ بالموضع المشكل الذي يحتمل أن يُفسر باللازم ، ولكن انظر إلى الموضع الذي فيه التنصيص على الصفة ، فإذا أثبت في الموضع الذي فيه التنصيص على الصفة ، فإنه هنا ما أوَّل الصفة ، ولكن فسر بالمتضمن ، أو اللازم ، أو فسر بالظاهر التركيبي.

وهذا بحث يحتاج إلى مزيد بسط ، لكن هذه أصوله.


سؤال: هناك كلام لشيخ الإسلام وهو أن أهل السنة يرون أنه لا مانع في وجود حوادث لا أول لها ، كما يوجد حوادث لا آخر لها.

الشيخ: الزمان مخلوق ، والله جل وعلا هو الأول وهو الآخر ، وهو سبحانه وتعالى حي قيوم ، فعال لما يريد ، فلا بد من ظهور أثر صفاته ، وأثر أسمائه الحسنى في بريته ، فلا بد إذاً أن توجد برية ، فينتهي الزمان ، ويكون هو جل وعلا: أول في صفاته ، وهو آخر أيضاً ، {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} (3) سورة الحديد].

هذه هي المسألة التي يسميها بعضهم قِدم الحوادث ، أو تسلسل الحوادث ، أو نحو ذلك من الأسماء.
ومذهب أهل الحديث والسنة فيها ، أن الله جل وعلا له الأسماء الحسنى والصفات العلى ، وأن أسماءه وصفاته ، لا بد أن يظهر أثرها في خليقته ، لا يكون متصفاً بصفات وله أسماء متضمنة لصفات ، ثم يكون معطلاً جل وعلا عن الفعل حتى يخلق الزمان ، ويخلق المكان ، وهذا فيه دخول في قول الجهمية ، والمعتزلة.
فأهل الحديث يقولون: هو جل وعلا لم يزل حياً سبحانه وتعالى ، وهو فعال لما يريد ، ولا بد أن تكون له إرادة سبحانه وتعالى ، فإرادته أن يفعل ، معنى ذلك أن يحدث فعل ، وصفاته جل وعلا لا بد أن يكون لها أثر في الخليقة ، فصارت حوادث.
ول هذه الحوادث متى؟ ، نقول: الزمان وُجد بعد ذلك ، والله جل وعلا أعلم بهذا الأمر ، يتقاصر العقل والفهم عن هذه الأشياء ، لكن من الظلم ما قالوه ، من أن شيخ الإسلام ، وأهل الحديث قالوا بقول الفلاسفة ، حيث يقول الفلاسفة: بقِدم هذا العالم .
وأن هذا القول الذي ذكرناه من مذهب أهل الحديث هو قول الفلاسفة ، هذا باطل ، وإنما أتوا من جهة عدم الفهم.
الفلاسفة ، والضلال في هذا الباب قالوا: بِقِدم هذا العالم ، فيها الإشارة ، هذا العالم ، والأرض ، قالوا: هي قديمة.

وأما أهل السنة فقالوا: خَلق الله جل وعلا قديم ، ليس هذا العالم ، هناك جنس مخلوقات ، أما هذا العالم فهو محدث مبتدئ ابتداء نعلمه مما جاء في النصوص.
أما فعل الله جل وعلا ، وجنس مخلوقاته ، فهذا علمه إلى الله جل وعلا ، ولا يجوز لأحد أن يدخل في ذلك بتعطيل الله جل وعلا عن فعله بما يريد ، فهو سبحانه وتعالى الحي القيوم ، قائم على ما خلق سبحانه وتعالى ، ولا بد أن يظهر أثر الصفات ، وأثر الأسماء في الخلق ، وهذه مسألة عظيمة خاض فيها من لم يُحسن ، وهدى الله جل وعلا أهل السنة فيها ، لتعظيمه ، وعدم حد صفاته ، وأفعاله.


سؤال: بل هو أسلوب من أساليب العرب ، والقائلين به ، يقولون هو مجاز ، وعليه الخلاف لفظي ، ولا مشاحات في الاصطلاح ، لأن الخلاف لا أثر له ، فما هو جوابكم؟

الشيخ: نقول هذا القول باطل ، وغلط كبير ، لأن المجاز كما عرفته لك بنقل تعريف الأصوليين: إنه نقل اللفظ من وضعه الأول ، إلى وضع ثان ، لعلاقة بينهما.
إذا كان النص لأمور غيبية ، مثل صفات الله جل وعلا ، أو صفات الملائكة ، أو صفات الجنة ، والنار ن أو صفات ما يحدث يوم القيامة ، أو ما في البرزخ في القبور ، ونحو ذلك ، إذا كان اللفظ في الأمور الغيبية ، فإنه لا يجوز دعوى المجاز فيه ، ومن ادعى المجاز فيه ، فهو من جملة أهل البدع ، لم؟
لأن المجاز في تعريفه نقل اللفظ من وضعه الأول ، إلى وضع ثان لعلاقة.

لم نقلوه؟ لعدم المناسبة ، الوضع الأول لا بد أن يكون معلوما ، ثم يُنقل من الوضع الأول إلى الوضع الثاني لعلاقة بينهما ، لعدم مناسبة الوضع الأول.
نقول هذا: لو طبقوه ، لرجع عليهم بإبطال كل ما ادعوا فيه المجاز من المسائل الغيبية ، لأن كل من قال بالمجاز في آية ، أو في حديث أمر غيبي ، قل له: لم؟ سيقول لأن هذا اللفظ ليس لائقاً ، وننقله عن ذلك ، فتقول له: وما أدراك عن الوضع الأول؟ الوضع الأول يعني اللفظ الذي وضعته العرب أول ما وضع في الكلام لهذا المعنى.
فمثلاً: لفظ الأسد هو للحيوان المفترس ، نُقل من الحيوان المفترس إلى الرجل الشجاع ، فإذا قلت: رأيت أسداً احتمل الكلام أن تكون رأيت الحيوان المفترس المعروف ، أو رأيت الرجل الشجاع.

لكن إذا قلت رأيت أسداً فكلمني ، هذا انتهى الأول ، هذا ظاهر لم؟ لأن دلالة السياق حددت لك المراد.
لكن في مثل قوله جل وعلا: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} (3) سورة الفاتحة] ، قالوا: الرحمة مجاز على الإنعام ، يعني أن الرحمة لها معنى في أوله ، وهو الذي يحس به المخلوق حين يرحم ، ثم نُقل إلى وضع ثان ، وهو الإنعام لعدم مناسبة الوضع الأول لله جل وعلا.
فتسأل هذا الذي ادعى المجاز ، تقول له: ومن قال لك إن الرحمة وُضعت أولاً في كلام العرب للرحمة التي يُحس بها الإنسان ، هذه دعوى لا يمكن لأحد أن يقول: الوضع الأول للمعاني هو كذا ، هذا من العسير ، أو يقول: الوضع الأول هو كذا ، تقول له: ما الدليل على أن الوضع الأول هو كذا؟ {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (24) سورة الإسراء] ، قال: هذا مجاز لم؟ قال: لأن الجناح كالطائر ، فنقول: بأنه مجاز لأن الجناح للطائر ، فننقله من وضعه الأول إلى الوضع الثاني ، للاستعارة كما يقولون: الآية فيها استعار ، نقول: ومن قال: إن العرب وضعت لفظ الجناح للطائر ، ما الدليل؟ ، يقف معك ، لا دليل.
وهكذا في مثل ، يعني مسائل كثيرة في الصفات ، والغيبيات إلى آخره.

فالمقصود من ذلك أن دعوى المجاز في الصفات باطلة ، ولا دليل واضح علمي بتطبيق ما قرروه في تعريف المجاز على ما ادعوه ، فمن قال: إن في آيات الصفات ، والآيات الغيبية مجاز ، فنقول: هذا باطل مخالف للعقيدة ، عقيدة السلف الصالح.

إذا قال في غير آيات الصفات إنه مجاز ، نقول: الخلاف هنا أدبي ، من قال في لفظ من الألفاظ في غير القرآن ، أن هذا فيه مجاز ، نقول: المسألة سهلة ، لأنه لا تعرض فيها للصفات ، ولا للغيبيات ن فمن قال هذا الكلمة فيها مجاز ، بيت الشعر هذا فيه مجاز ، ونحو ذلك ، نقول : أن الأمر سهل ، لأنه م ينبني عليه خلل في العقيدة.

فإذاً إذا ادُعي المجاز في المسائل الغيبية ، في الصفات أو الغيبيات ، فهذا مخالف للعقيدة ، إذا قيل بالمجاز في غير آيات الصفات ، ومسائل الغيبية ، فنقل: هذا خلاف أدبي ، منهم من يرجح أنه لا مجاز ، ومنهم من يرجح أن فيه ، يعني في اللغة مجازا.

وهل القرآن فيه مجاز أم لا؟ أيضاً ثَم خلاف ، من القواعد المقررة عند القائلين بالمجاز ، أن كل مجاز يصح نفيه ، إذا قلتَ: رأيت أسداً فكلمني ن جاز أن تقول بعدها مباشرة: ولكنه ليس بأسد ، تعني الوضع الأول.

{جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (24) سورة الإسراء] ، يصح بعدها عندهم ولكنه ليس بجناح ، تريد جناح الطائر.

ومن المجمع عليه أنه لا يجوز أن يُنفى شيء في القرآن وهذا من المرجحات لعدم جواز المجاز في المنزل للتعبد.

سؤال: هنا قال هل يوصف الله جل وعلا ، أو يُخبر عنه بأنه ساكت؟

الشيخ: الجواب أن السكوت له معنيان:
* المعنى الأول: سكوت مقابل للكلام ، تكلم وسكت
* والمعنى الثاني: سكوت عن إظهار الحكم ، الإظهار الكلامي ، الإظهار الشيء

أما الأول فلا أعلم أن أهل السنة يصفون الله جل وعلا بالسكوت الذي هو مخالف للكلام ، يعني يتكلم ، ويسكت ، بمعنى يترك الكلام أصلاً ، فلا أعلم أن أحداً من أهل السنة قال به.

وأما المعنى الثاني ، وهو السكوت بمعنى عدم إظهار الخبر ، أو ترك إظهار الحكم ، أو إظهار الكلام ، هذا جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: (وسكت عن أشياء رحمة بكم ، غير نسيان ، فلا تبحثوا عنها)(6).
(سكت عن أشياء): هنا السكوت بمعنى عدم إظهار الحكم ، لأنه قال: (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدودا فلا تعتدوها ، وسكت عن أشياء) ، فالسكوت هنا عدم إظهار حكم تلك الأشياء ، ليس هو السكوت الذي هو ضد الكلام.

فهذا النوع ثابت ، سكت الله جل وعلا عن هذا الحكم ، يعني لم يظهر حكمه ، لا في الكتاب ، ولا في السنة ، تركها جل وعلا ، فيرجع الأمر إلى القواعد ، إما أن الأصل الإباحة ، أو إلى آخر ما هو معلوم.

وهذا هو المراد بقول من قال من السلف: يتكلم إذا شاء ، ويسكت إذا شاء رعاية لهذا الحديث ، هذا تحقيق القول في هذه المسألة ، والله أعلم.

سؤال: ما رأيك في من استحب التعبير إلى قول السلف الصالح بدلا من مذهب أهل السنة والجماعة؟

الشيخ: أهل السنة والجماعة لفظاً ادعاه الكثيرون ، فالأشاعرة يقولون عن أنفسهم: إنهم هم أهل السنة والجماعة ، والماتريدية كذلك ، لأن لفظ السنة والجماعة لفظان محببان ، جميلان ، فأهل السنة والجماعة كل يدعيها ، ولذلك إذا قلت عند الأشاعرة ، فلا بد أن نذهب إلى ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة يسلم لك ، لا خلاف في هذا ، لأن اللفظ كل يدعيه ، أما لفظ السلف الصالح فإنه يتميز به ، المراد به أهل السنة.

السلف الصالح لا ينتسب إليه الأشاعرة ، والماتريدية ، والمبتدعة ، لأنهم بؤصلون أن طريقة السلف أسلم ، ولكن طريقة الخلف أعلم وأحكم ، فلا ينتسبوا إلى السلف الصالح لأجل أنهم أرادوا السلامة ، والسلامة عندهم خلاف العلم ، والحكمة ، نسأل الله العافية والسلامة.

والواقع أن السلف أسلم ، طريقتهم أسلم ، وأعلم ، وأحكم رحمهم الله تعالى وجزاهم عنا وعن الإسلام خير الجزاء.

ولهذا ينبغي التنبه عند إطلاق أهل السنة والجماعة بتقييده ، وإذا أطلق ، ولم يقيد في بعض الأحيان فلا بأس ، لكن تقييده في بعض الأحيان ، هذا هو طريقة المحققين من أهل العلم ، فيطلقونه بدون تقييد ، وتارة يقيدونه حتى يُحمل المطلق على المقيد.

سؤال: ذكرت أن الجهمية يخرجون من الاثنين وسبعين فرقة ، ولم تذكر الشاعرة.

الشيخ: الأشاعرة من هذه الأمة ، الأشاعرة ليسوا بالخارجين عن الإسلام ، الأشاعرة إنما هم مخالفون ، مبتدعة.

سؤال: فقد عُلم من طريقة السلف أنهم لا يردفون نزول الله بأنه ينزل بذاته ، إلا ما قاله ابن منده: ينزل بذاته من العرش ، ولكن هل في قولنا: إنه ينزل بذاته محظور ، أو فساد للمعنى ، ذلك لأننا نعلم أن هذه الصفة ، صفة اختيارية قائمة بالنفس.
وأيضا لماذا لا ينسحب هذا على صفة الاستواء؟

الشيخ: لو ترك ينسحب هذا يكون أحسن ، لو قال: ولكن لماذا لا يصلح هذا في صفة الاستواء ، أو لماذا لا يقال هذا في صفة الاستواء ، ونحو ذلك.

معلوم أن طريقة السلف متابعة النصوص ، والتصريح في بعض الألفاظ الزائدة عما جاء في النصوص مما يُفهم منها في الصفات ، لا يكون إلا عند الحاجة ، لا يكون هكذا من غير حاجة ، لهذا ترى أن الإمام أحمد قال في أول أمره: من قال إن القرآن غير مخلوق فهو مبتدع ، ومن قال: إنه مخلوق فهو مبتدع ، ثم لما استحكم القول بخلق القرآن ، إذا سئل: هل القرآن مخلوق؟ قال: لا ، ليس بمخلوق ، فترة الأولى حين قال: من قال إن القرآن ليس بمخلوق فهو مبتدع ، لأنه لا حاجة إلى ذكر هذه اللفظة ، لأن ذكر هذا اللفظ يستدعي البحث في خلق القرآن ، هل هو مخلوق ، أو غير مخلوق؟ ، ليس بمخلوق ، لماذا نفع ، فلا تدخلوا في الألفاظ في العقائد ، في ألفاظ مبدعة ، بل تتابع النصوص ، وهذا هو الواجب ، خاصة في الحديث مع العامة ، والناس ، ومع طلبة العلم ، إلا فيما يُحتاج إليه ، ولهذا قد يتحاش طالب العلم أن يُفصل بعض المسائل لبعض المتعلمين ، وطلبة العلم ، لأنه لا حاجة إلى تفصيلها.

وهذا الباب ، باب العقائد الأصل فيه أن يتابع الكتاب والسنة ، وأن لا يزاد عليه ، تُذكر المسألة ، ويُذكر دليلها فقط ، لكن توسع أهل العلم رداً على المخالفين ، فلهذا من زاد بعض الكلمات: استوى على عرشه بذاته ، أو قال: هل استوى بحد ، قال: نعم بحد ، أو ينزل بذاته ، أو يأتي بذاته ، أو نحو ذلك ، فهذا لحاجة كانت في ذلك الزمان ، لما لم تكن الحاجة قائمة في مقابلة أهل البدع ، فإنه لا يُتجاوز القرآن والحديث.

ولهذا مما ينبغي أن يُفهم ، وأن يستحضره طالب العلم جيداً ، أن كتب الردود لا تأخذ منها تقعيد العقائد ، وإنما تأخذ منها فهم مرادات السلف لتقرير العقائد ، ففرق بين المسألتين.

فكتب الردود قد يحتاج فيها العالم الذي رد من أئمة السلف إلى ألفاظ ، لا يقولها عند الابتداء ، والاختيار ، وإذا قرر العقيدة من دون رد ، فإنه لا يأتي بتلك الألفاظ.
ولهذا نقل بعض أهل البدع على بعض أئمتنا كعثمان بن سعيد الدارمي ، وابن منده ، ونحو هؤلاء الأئمة بألفاظ أوردوها ، وإنما أحوجهم إيراد تلك الألفاظ ، الرد على المخالفين ، فتنتبه أن كتب الردود تكون فيها زيادة ، فيها استطراد ، فيها أنه يلتزم بشيء لا داعي له ، لكن في مقام الرد يلتزمه ليبين أنه على ثبت ويقين من الأصل الذي أصله.

فإذاً أعيد لكم هذا الأصل ، وهذه القاعدة ، وهي أن كتب الردود لا يؤخذ منها تقرير عقائد أهل السنة ، وإنما يؤخذ منها فهم تقرير العقائد ، التقرير نفسه ما تأخذ منها ، يعني التقعيد ما تأخذه من كتب الردود ، وإنما كيف تفهم النصوص ، كيف تفهم القواعد ، تفهمها من الردود.

فإذا احتجت ذكرت ما ذكروا ، إذا لم تحتج فلا تتوسع في ذلك ، فباب الصفات ، باب إنما يتابع فيه النصوص ، لا تزيد على النصوص ، إلا إذا كانت ثمة حاجة ، ولهذا بعض طلبة العلم يستأنس في هذا الباب إلى ذكر خلافيات دقيقة في نصوص الصفات ، وكلام أهل العلم ، ويتجادلون في ذلك ، ويتركون بعض الواجب عليهم من مسائل الدين الأخرى ، لا يتعلمون ، وبالتالي لا يعملون به ، وهذا غير سائغ ، لأن طلب العلم في الحقيقة له لذة ، ومن سار في طلبه للعلم على لذته ، حُرِمَ بعض الشباب ، وهذه سبق أن ذكرتها لكم ، وهي أن بعضهم يطلب العلم للذة من الزمن القديم ، له لذة في البحث في الصفات ، فيبحث ويدقق ، لكن باب الإيمان لا يعرفه ، لكن باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ما يعرف كلام أهل السنة فيه ، لكن باب الأخلاق ما يعرف كلام أهل السنة فيه ، وهكذا.

فالإيغال في بحث شيء ، وقد فرطت في واجب ، وذاك الذي أوغلت فيه ليس بواجب عليك ، هو من باب تقديم المستحب على الواجب.
فتقديمك المستحب على الواجب لم؟ بأن لك لذة فيه ، ولشيخ الإسلام رحمه الله رسالة في هذا الأصل عنوانها (قاعدة فيما للعبد فيه محبة) يعني من الأعمال ، وهذا من دقائق البحث في أصول العمل ، والنيات ، وما يصلح به القلب.
وهذه الرسالة غير موجودة في الفتاوى ، ولا رسائل شيخ الإسلام ، وإنما موجودة في مجموع اسم: مسائل عربية ، أو بحوث عربية وإسلامية مُهداة إلى أديب العربية محمود محمد شاكر ، مجموعة من تلامذة الأستاذ الشيخ محمود محمد شاكر ، كتبوا تحقيقات ، ومن ضمن تلامذته محمد رشاد سالم حقق هذه الرسالة ، وأودعها على المجموع ، وهي رسالة وجيزة.

بعض الناس يطلب العلم للذته ، تجده يبحث في المصطلح ، ويحقق في المصطلح لماذ1؟
لأن له لذة في ذلك ، يجد استمتاع ، يُخرج الأحاديث ، يدرس الحديث شهر ، وأسبوعين وثلاثة ، لم؟ لأن له لذة في ذلك ، يحفظ حفظاً مطولاً كذا ، هل لأنه الواجب عليه؟ لا ، لأنه له لذة في ذلك ، تجده يحفظ في كتب الحديث ، الحفظ في القرآن ، لا ، لم؟ .. لأن له لذة فيه ، تجد يوغل في البحث في مسائل الأسماء والصفات ، ويأتي فيها ببحوث غريبة ، يعني من جهة أنها غير مشهورة ، وذلك لأن له لذة في ذلك.

فإن كان هذا الاستقصاء بعد تمكن فيما يجب عليه ، فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء ن أما أن يفرط في الواجب ، ويذهب إلى مستحب ، أو يذهب إلى مباح في بعض من الاطلاع على بعض التفاصيل ، فهذا ليس بحسن.

نعود إلى أصل الموضوع ، وهو أن مثل هذه الألفاظ في ذاته أو نحو ذلك ، هذه يذكرها بعض أهل العلم للحاجة إليها ، فإذا لم يكون ثمة حاجة ، فلا مجاوزة للقرآن والحديث.
فنحن نقول: الله جل وعلا مستو على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته ، وينزل إلى السماء الدنيا كما أخبر عن ذلك ، كما يليق بجلاله ، وعظمته ، ولا حاجة إلى القول بذاته ، لأن النص ظاهر واضح.

سؤال: نرجو فتح المجال لحفظ كشف الشبهات

الشيخ: أسأل الله جل وعلا لي ولكم الإعانة ، هذا من أعظم ما يُعمل في طلب العلم ، أن تُحفظ المتون ، خاصة كشف الشبهات ، وكتاب التوحيد ، ثلاثة الأصول ، لأن فيها من التوحيد من أصول التوحيد ما تحتاج إليه دائماً ، ومن حفظ ، وأراد أن يتقدم ونسمع له ، ما عندنا مانع.

سؤال: هل الخوارج كفار؟

الشيخ: ليسوا بكفار على الصحيح ، بل كما قال علي رضي الله عنه: من الكفر فروا"(7).
وقول النبي عليه الصلاة والسلام: (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية)(8) لا يعنى به أصل في الدين ، وإنما يعنى به أكثر الدين.


سؤال: كيف أجمع بين حديث الرسول عليه الصلاة والسلام: صنفان من أهل النار لم أرهما..)(9) الحديث ، وغيرها من الأحاديث ، وبين قول أهل السنة بعدم خلود أهل الكبائر في النار؟

الشيخ: دخول النار لمن لم يغفر الله جل وعلا له ، أو لم ترجح حسناته على سيئاته ، أو لم يُشفع له ، هذا يكون دخولاً مؤقتاً ، لمن كان من أهل السنة ، أهل التوحيد ، ربما عُذبوا في النار ، لكن تعذيباً مؤقتاً ليس دائماً ، فتعذيبهم ليس بالخلود فيها ، الذي يخلد هو الكافر ، الخارج من الإسلام.

سؤال: كيف يُعرف ، أو كيف يَعرف الرجل البلاء ، إذا نزل به من المصيبة؟

الشيخ: يعني إذا نزل بالعبد شيء هل يعتبره بلاء ، أم يعتبره مصيبة؟ ، وبالواقع أراد أن يقول: هل هو بلاء أم عقوبة؟ فيما يظهر ، أم هو بلاء أم مصيبة؟ ، هو يكون بلاء ، وهو مصيبة في نفس الوقت ، لأن المصيبة يبتلى بها ، ولكن الذي يقارن ، يقال: هل هو بلاء أم عقوبة؟ هذا الذي افهم ، أليس كذلك؟ ، ليشتبه هل هذا بلاء أم عقوبة؟ ، هل هو ابتلاء أم عقوبة؟
أما المصيبة الله جل وعلا يبتلي بالمصائب ، كما هو معلوم.

الأصل أن المسلم ما يصيبه ابتلاء ن لقول النبي عليه الصلاة والسلام: (عجباً لأمر المؤمن إن أمرَه كله له خير ، إن أصابته سراءُ شكر ، فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر ، فكان خيراً له)(10) ، السراء ، والضراء صارت خيراً للمؤمن ، وتكون إذاً من الابتلاء ، ابتلي بالسراء ، فشكر ، فكانت حيراً له ، وابتلي بالضراء ، فصبر ، فكانت خيراً له.
هذا الأصل في المسلم أنه يُبتلى بذلك ، ويقال: يُخشى أن تكون عقوبة ، فإن كان المسلم في نفسه يعلم أنه من أهل العصيان ، فقد يترجح له أنها عقوبة ، كما قال بعض السلف حينما أصيب يمرضٍ شديد ، في آخر عمره ، قال: مما أصيبت بهذا؟ ، فجعل يتذكر عله ذنب يعاقب عليه ، فتذكر ، فقال: ربما كانت من نظرة نظرتها وأنا شاب.
فهذا مما يخشاه العبد ، يخشى أن يكون ما أصابه عقوبة ، وهو ابتلاء يصبر عليه ، فإذا كان ذلك تذكر معصيته ، وذنبه ن فليبادر للتوبة ، والإنابة ، لأن هذه المصائب كفارات ، وتُذكر العبد ، وتمحو الخطايا ، ولا يزال البلاء بالمؤمن ، حتى يدعه وليس عليه خطيئة ، وقد جاء في البخاري وغيره: (من يرد الله به خيراً يصب منه)(11).

فإذاً نقول: الأصل أنه ابتلاء ولكن ما يجوز أن تقول: هذه عقوبة ، عاقب الله فلاناً ، لأن هذا ما تدري عنه ، عاقب الله أهل البلد الفلانية ، ما تدري هل هي عقوبة أم لا ، لأن هذا علمها عند الله جل وعلا ، تحديد هل هي ابتلاء أم عقوبة ، قد تكون ابتلاء ، وقد تكون عقوبة ، وقد تكون هذه ، وهذه ، في حق البعض كذا ، وفي حق البعض كذا.

نكتفي بهذا القدر ، وأسأل الله جل وعلا لي ولكم العلم النافع ، والعمل الصالح ، والهدى والاهتداء.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

أبو تقي الدين ناصر الدين الجزائري
الجزائر: 28/محرم/1425 الموافق لــ 19/03/2004

1 - قال الشيخ الألباني : (ضعيف): ضعيف الترمذي: (5/371) (3240) ، ظلال الجنة (545) عن ابن عباس.
2 - البخاري: (4533-6978-6979-7013-7075) ، مسلم: (4/2147) (2786) ، صحيح الترمذي (5/371) (3238): ولفظه: عن عبد الله قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن الله يمسك السماوات على إصبع والأرضين على إصبع والجبال على إصبع والخلائق على إصبع ثم يقول أنا الملك قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه قال {وما قدروا الله حق قدره}.
3 - مسلم: (2/704) (1017) ، النسائي: (5/75) (2554) ، صحيح الجامع (6305) ، المشكاة (210) ، صحيح الترغيب (61) ، صحيح ابن خزيمة (2477) ، ابن حبان: (8/101) (3308) : من حديث: جرير: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار فجاء قوم عراة حفاة متقلدي السيوف عامتهم من مضر بل كلهم من مضر فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة فدخل ثم خرج فأمر بلالا فأذن فأقام الصلاة فصلى ثم خطب فقال {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا} و{اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد} تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بره من صاع تمره حتى قال ولو بشق تمرة فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت ثم تتابع الناس حتى رأيت كومين من طعام وثياب حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئا}.
4 - قال الشيخ الألباني: (صحيح): صحيح ابن ماجه: (2/769) (2291-2292) ، الإرواء (838-1625-2168-2395-2418) ، صحيح الجامع (1486) عن جابر بن عبد الله.
5 - (البخاري: (3/1191) (3094) ، مسلم: (4/2290) (2989) ، صحيح الجامع (8022) ، المشكاة (5139) ، صحيح الترغيب (124-2326) ، الصحيحة (292) ، واللفظ للبخاري: عن أبي وائل قال قيل لأسامة: لو أتيت فلانا فكلمته قال إنكم لترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون أول من فتحه ولا أقول لرجل أن كان علي أميرا إنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: وما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: "يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه".
6 - أخرجه الدارقطني في (سننه) (ص 502) ، وكذا البيهقي (10/12-13) ، وقال الشيخ الألباني رحمه الله في (غاية المرام) (الحديث:4): (ضعيف): وقال: له علتان كما قال الحافظ ابن رجب في (شرح الأربعين النووية) (ص200)..... ، وضعفه كذلك في (تخريج أحاديث رياض الصالحين) (621) ، ولكن الشيخ رحمه الله تعالى في (تخريج الطحاوية) قال: (حسن لغيره) ، وكذا قال رحمه الله تعالى: في تخريج أحاديث (كتاب الإيمان) لشيخ الإسلام ابن تيمية ، (حسن بشاهده).
7 - وسئل عنهم علي بن أبي طالب فقيل: أكفار هم؟ قال: من الكفر فروا ، قيل: أفمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا ، وهؤلاء يذكرون الله بكرة وأصيلا ، فقيل: ما هم؟ ، قال: قوم أصابتهم فتنة فعموا وصموا. (النهاية في غريب الأثر) (لابن الأثير) (2/148).
8 - (متفق عليه): وأصحاب السنن: من حديث: أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
9 - (مسلم) في صحيحه (3/1680) (2128) ، ، وأحمد في (مسنده) ، صحيح الجامع (3799) ، الصحيحة (1326) ، غاية المرام (85) ، صحيح الترغيب (2044) ، المشكاة (3524) ولفظه: عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صنفان من أهل النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤسهن كأسنة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).
10 - مسلم: (4/2295) (2999) ، وأحمد في (مسنده) ، صحيح الجامع (3980) ، المشكاة (5297) ، صحيح الترغيب (3398) ، وأحكام الجنائز : من حديث: صهيب الرومي رضي الله عنه.
11 - (البخاري: (5/2138) (5321) ، ابن حبان: (7/168) (2907) ، أحمد في (مسنده) ، ومالك في (الموطأ): (2/941) (1684) ، صحيح الجامع (6610) ، المشكاة (1536) ، صحيح الترغيب ( 3405) ، ولفظه: عن أبي هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يرد الله به خيرا يصب منه".





 
 توقيع : بالقرآن نرتقي





بالقرآن نرتقي


رد مع اقتباس