عرض مشاركة واحدة
قديم 26 Feb 2013, 02:26 PM   #113
طالب علم
باحث علمي ـ جزاه الله خيرا


الصورة الرمزية طالب علم
طالب علم غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 2783
 تاريخ التسجيل :  May 2008
 أخر زيارة : 09 Aug 2024 (06:43 PM)
 المشاركات : 2,582 [ + ]
 التقييم :  11
لوني المفضل : Cadetblue
رد: البيان في أحكام وأخبار الجان . Albayan in Jinns Stories



الباب الثاني عشر بعد المائة في أن الشيطان لا يتمثل بالنبي عليه السلام

في الصحيحين من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة قال سمعت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو كما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي قال وقال أبو سلمة قال أبو قتادة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من رآني فقد رأى الحق وفي رواية من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي ذهب القاضي أبو بكر بن الطيب إلى أن المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم - من رآني في المنام فقد رآني أنه رأى الحق وأن رؤياه لا تكون أضغاثا ولا من التشبيهات في الشيطان ويعضد ما قاله بقوله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الطرق من رآني فقد رأى الحق إن كان المراد به ما أريد بالحديث الأول من المنام وقوله - صلى الله عليه وسلم - فإن الشيطان لا يتمثل بي إشارة إلى أن رؤياه لا تكون أضغاثا وإنما تكون حقا وقد يراه الرائي على غير صفته المنقولة إلينا كما لو رآه شيخا ابيض اللحية أو على خلاف لونه أو يراه رائيان في زمان واحد أحدهما بالمشرق والآخر بالمغرب ويراه وكل منهما معه في مكانه وقال السهيلي رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام رؤيا ولا تكون إلا رؤية حق لقوله - صلى الله عليه وسلم - من رآني فقد رأى الحق وهو مشترك بين الرؤية والرؤيا وأما قوله من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أول الكلام من الرؤيا والثاني من الرؤية وقال آخرون بل الحديث محمول على ظاهره والمراد أن من رآه فقد أدركه - صلى الله عليه وسلم - ولا مانع يمنع من ذلك ولا عقل يحيله حتى يضطر إلى صرف الكلام عن ظاهره وأما الاعتلال أنه قد يرى على خلاف صفته المعروفة وفي مكانين مختلفين معا فإن ذلك غلط في صفاته وتخيل لها على غير ما هي عليه وقد يظن بعض الخيالات مرئيات لكون ما يتخيل مرتبطا لما يرى في العادة فتكون ذاته - صلى الله عليه وسلم - مرئية

وصفاته متخيلة غير مرئية والإدراك لا يشترط فيه تحديق الأبصار ولا قرب المسافات ولا كون المرئي مدفونا في الأرض ولا ظاهرا عليها وإنما يشترط كونه موجودا وقد ثبت وجوده وتكون الصفات المتخيلة ثمرتها اختلاف الدلالات وقد ذكر الكرماني في باب رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال وقد جاء في الحديث انه إذا رئى في المنام شيخا فهو عام سلم وإذا رئى شابا فهو عام حرب وكذلك أحد جوابهم عنه - صلى الله عليه وسلم - لو رآه امرؤ يأمره بقتل من لا يحل قتله فإن ذلك من الصفات المتخيلة لا المرئية وجوابهم الثاني منع وقوع مثل هذا قال المازري لا وجه عندي لمنعهم إياه مع قولهم في تخيل الصفات فهذا انفصال هؤلاء عما احتج به القاضي وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - من رآني في المنام فسيراني في اليقظة او كأنما رآني في اليقظة فتأويله مأخوذ مما تقدم قال المازري إن كان المحفوظ فسيراني في اليقظة فيحتمل أن يريد أهل عصره ممن لم يهاجر اليه - صلى الله عليه وسلم - فإنه إذا رآه في المنام فسيراه في اليقظة ويكون الباري جلت قدرته جعل رؤيا المنام علما على رؤية اليقظة وأوحى إليه بذلك - صلى الله عليه وسلم -

وقال السهيلي في ضمن أسئلة في الرؤيا كيف تكون الرؤيا حقا وهي كلها قد يرى على صور مختلفة منها ما هي صورة له ومنها ما ليس بصورة له وأجاب بعد تقرير الكلام في حقيقة الرؤيا وقال إذا رأى في حال النوم محمدا - صلى الله عليه وسلم - مثلا على غير صورته التي كان عليها فقد رآه حقا ولكن من الرؤيا لا من الرؤية فتوهم الصورة أنها صورته وأنها صفة له واعتقد في تلك الحال لعزوب العقل تصديق الوهم ولم يقدح ذلك التوهم في صحة الرؤيا كما لم يقدح من اليقظان الراكب البحر توهمه لمشي البحر في صحة رؤية البحر وكذلك من رأى رجلا من مكان بعيد جدا فتوهمه صبيا أو طائرا فقد رآه بعينه ولم يقدح في صحة رؤيته توهم الصورة على غير ما هي لكنه في اليقظة يكذب الوهم في ذلك التوهم لحصول العقل ولا يكذب العقل الوهم في حال النوم بل يعتقد صدقه لعزوب العقل عن النظر في الدليل فيعتقد الصورة الداخلة في الخيال لا وجود لها من خارج فإذا استيقظ انحل الانعقاد بتجديد النظر وبقي النظر في تلك الصورة المتوهمة فإن الله تعالى لم يخلقها داخل الخيال إلا ليتعلق بها تأويل الرؤيا فيختلف التأويل على حسب الصورة المتوهمة التي لا وجود لها من خارج

تعليق
فصل لا شك أنه لم يجز للشيطان أن يتمثل على صورة النبي - صلى الله عليه وسلم - فأحرى أن لا يتمثل بالله عز وجل وأجدر بأن تكون رؤيا الله تعالى في المنام حقا وأن لا يكون تخليطا من الشيطان هذا على قول طائفة منهم أبو بكر بن العربي وأما على قول طائفة أخرى من العلماء فإنهم ذهبوا إلى أن العصمة من تصور الشيطان وتمثله إنما هي في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه بشر تجوز عليه الصور فصرف الله عز وجل الشيطان أن يتمثل به لئلا تختلط رؤياه بالرؤيا الكاذبة وهذا الكلام له تتمة ذكرها ابن بطال في شرح البخاري اختصرتها ومن تأمل الفصل من أوله عرف القول وضده ودله ذلك على معنى ما تركته وبالله التوفيق “ ليس كمثله شيء وهو السميع البصير

بيان صغر الشيطان يوم عرفة
فصل في بيان صغر الشيطان ودحره وحقارته وغيظه يوم عرفة روى مالك في الموطأ من حديث طلحة بن عبد الله بن كريز أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لم ير الشيطان يوما ما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة وما ذاك إلا لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله تعالى عن الذنوب الكبار إلا ما رأى يوم بدر فإنه رأى جبريل يزع الملائكة .
من كتاب : آكام المرجان فى احكام الجان للشبلي



 
 توقيع : طالب علم



رد مع اقتباس