عليكم السلام ورحمة الله
أختنا الفاضلة نسأل الله تعالى أن تكوني ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله) رواه الترمذي وغيره وصححه الشيخ ناصر
والبكاء رحمة يمن الله بها على عبده وأمته ليجلي به الروح ويغسلها وأخرج البخاري في صحيحه أنه لما احتضر ابن زينب بنت رسول الله ... رفعه رسول الله ونفسه تتقعقع ففاضت عينا رسول الله فقيل له ما هذا فقال صلى الله عليه وسلم (هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)
وفي صحيح البخاري من حديث ابن مسعود أن رسول الله قال له (اقرأ علي) قال آقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال (نعم) قال فقرأت عليه سورة النساء حتى إذا وصلت لقول الله تعالى: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا يك على هؤلاء شهيدا) قال: (حسبك الآن) قال: فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.
فهنيئا لأختنا الفاضلة برزق طيب من الله فالله قال: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) الزمر
فإن كان هناك خشية تتبعها قشعريرة ولين قلب فنحمد الله تعالى؛ وإن كان وهذا ما أريد أن ألفت إليه نظرك ونظري ونظر إخواننا واخواتنا أن البكاء قد يكون تحزينا من الشيطان للإنسان لفزعه من كلام الله كما كان يفزع كفار قريش لقراءة أبا بكر الصديق إذا قرأ في فناء داره؛ وكان أبا بكر رجل بكاء (كثير البكاء)
الحاصل أختنا الكريمة أن هناك بكاء رحمة طيب مبارك وبكاء صرف عن التلاوة تحزين كما قال تعالى: (إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) المجادلة
فإن كان البكاء من النوع الثاني فهو من الشيطان فعليك بالإستمرار في التلاوة لأن الجن بالبدن يتأثر بها ويؤثر على المصاب سلبا لتداخل الأبدان ففرقي بارك الله فيك بين الإثنين وكلاهما خير
وللجواب على سؤالك شدة البكاء لا تدل على الإصابة بالعين أو الحسد وإنما لذلك شواهد أخرى لإثبات الإصابة والبكاء وحده لا يكفي كدليل على الإصابة؛ وإن ثبتت الإصابة لديكم فالبكاء هنا يكون إما خشية لله تعالى كما بينت أعراضه لكم وإما من الشيطان فتتأثري أنت به ويصرفك عن الخير فشدي بارك الله فيك ولا تستسلمي لبكاء إن شعرتي أن فيه تلبيس من الشيطان؛ بارك الله فيكم ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين