الموضوع
:
الطـريـق الموصـــل إلى اللــه تعالى .
عرض مشاركة واحدة
#
1
03 Aug 2007, 02:04 AM
فاز1
باحث برونزي
لوني المفضل
Cadetblue
رقم باحث :
191
تاريخ التسجيل :
Dec 2006
فترة الأقامة :
6891 يوم
أخر زيارة :
30 Jul 2009 (06:20 PM)
المشاركات :
51 [
+
]
التقييم :
10
معدل التقييم :
بيانات اضافيه [
+
]
الطـريـق الموصـــل إلى اللــه تعالى .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ، و الصلاة و السلام على رسول الله ، أما بعد :
فهذه بديعة من بدائع الإمام ابن قيم الجوزية – رحمه الله - أسوقها ؛ مذكِّـراً بها نفسي و سائر إخواني في زمنٍ لا يخفى علينا ما فيه من أمراض شهوات و فتن شبهات تتخطف الناس من حولنا إلا ما رحم الله – تعالى - ؛ حفظنا الله منها ، و ثبتنا على الحق و الهدى حتى نلقاه بها .
قال – رحمه الله - : " قاعدة في ذكر طريق موصل إلى الاستقامة في الأحوال و الأقوال و الأعمال :
و هي شيئان :
- أحدهما : حراسة الخواطر ، و حفظها ، و الحذر كل الحذر من إهمالها ، و الاسترسال معها ؛ فإن أصل الفساد كله من قِبَلِها يجيء ؛ لأنها هي بذْر الشيطان و النفسِ في أرض القلب ، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسَقْيه مرةً بعد أخرى حتى تصير إرادات ، ثم يسقيها حتى تكون عزائم ، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال .
و لا ريب أن دَفْع الخواطر أيسر من دفع الإرادات و العزائم ، فيجد العبد نفسه عاجزاً ، أو كالعاجز عن دفعها بعد أن صارت إرادةً جازمة ، و هو المفرِّط ؛ إذ لم يدافعها و هي خاطر ضعيف ، كمَنْ تهاون بشرارةٍ من نار وقعت في حَطَب يابس ، فلما تمكنت منه عجز عن إطفائها .
فإن قلت: فما الطريق إلى حفظ الخواطر ؟
قلت : أسباب عدة :
- أحدها : العلم الجازم باطِّلاع الرب – تعالى - ، و نظره إلى قلبك ، و علمه بتفاصيل خواطرك .
- الثاني : حياؤك منه .
- الثالث : إجلالك لـه أَنْ يرى مثل تلك الخواطر في بيته – الذي خلقه لمعرفته و محبته - .
- الرابع : خوفك منه أن تسقط من عينه بتلك الخواطر .
- الخامس : إيثارك له أن يساكن قلبك غيرُ محبته .
- السادس : خشيتك أن تتولد تلك الخواطر ، و يَسْتَعِر شرارها ، فتأكل ما في القلب من الإيمان و محبة الله ، فتذهب به جملة ، و أنت لا تشعر .
- السابع : أن تعلم أن تلك الخواطر بمنزلة الحَب – الذي يُلْقَى للطائر ؛ ليُصادَ به - فاعلم أن كل خاطر منها فهو حبة في فخ منصوب لصيدك – و أنت لا تشعر - .
- الثامن : أن تعلم أن تلك الخواطر الرديئة لا تجتمع هي و خواطر الإيمان ، و دواعي المحبة و الإنابة أصلاً ، بل هي ضدها من كل وجه ، و ما اجتمعا في قلب إلا و غَلَبَ أحدُهما صاحبَه ، و أخرجه و استوطن مكانه .
فما الظن بقلب غلبت خواطر النفس و الشيطان فيه خواطرَ الإيمان و المحبة و المعرفة ، فأخرجتْها ، و استوطنتْ مكانها ، لكن لو كان للقلب حياة لشعر بألم ذلك ، و أحسَّ بمصابه .
- التاسع : أن يعلم أن تلك الخواطر بحر من بحور الخيال ، لا ساحل له ، فإذا دخل القلب في غمراته غرق فيه ، و تاه في ظلماته ؛ فيطلب الخلاص منه فلا يجد إليه سبيلاً ، فقلب تملكه الخواطر بعيد من الفلاح ، معذب مشغول بما لا يفيد .
- العاشر : أن تلك الخواطر هي وادي الحمقى ، و أماني الجاهلين ، فلا تثمر لصاحبها إلا الندامة و الخزي ، و إذا غلبت على القلب أورثته الوساوس ، و عزلته عن سلطانه ، و أفسدت عليه رعيته ، و ألقته في الأسر الطويل .
و كما أن هذا معلوم في الخواطر النفسانية فهكذا الخوطر الإيمانية الرحمانية ، هي أصل الخير كله ؛ فإن أرض القلب متى بُذِرَ فيها خواطر الإيمان و الخشية و المحبة و الإنابة و التصديق بالوعد ، و رجاء الثواب ، و سقيت مرةً بعد مرة ، و تعاهدها صاحبها بحفظها و مراعاتها و القيام عليها : أثمرت له كلَّ فعل جميل ، و ملأت قلبه من الخيرات ، و استعملت جوارحه في الطاعات ، و استقر بها الملك في سلطانه ، و استقامت لـه رعيته .
و لهذا لما تحققت طائفة من السالكين ذلك عملت على حفظ الخواطر ، و كان ذلك هو سيرها ، و جُـلَّ عملها .
و هذا نافع لصاحبه بشرطين :
- أحدهما : ألا يترك به واجباً ، و لا سنة .
- الثاني : أن لا يجعل مجرد حفظها هو المقصود ، بل لا يتم ذلك إلا بأن يجعل موضعها خواطر الإيمان و المحبة و الإنابة و التوكل و الخشية ، فيفرغ قلبه من تلك الخواطر ، و يعمره بأضدادها ، و إلا فمتى عمل على تفريغه منهما معاً كان خاسراً ، فلابد من التفطن لهذا .
و من هنا غلط أقوام من أرباب السلوك ، و عملوا على إلغاء الخواطر و إزالتها جملةً ، فبذر فيها الشيطان أنواع الشبه و الخيالات ، فظنوها تحقيقاً و فتحاً رحمانياً ، و هم فيها غالطون ، و إنما هي خيالات و فتوحات شيطانية .
و الميزان هو الكتاب الناطق ، و الفطرة السليمة ، و العقل المؤيَّد بنور النبوة ، و الله المستعان .
الثاني : صدق التأهب للقاء الله – عز و جل - .
و هذا من أنفع ما للعبد ، و أبلغه في حصول استقامته ؛ فإن من استعد للقاء الله انقطع قلبه عن الدنيا ، و مطالبها ، و خمدت من نفسه نيران الشهوات ، و أخبت قلبه إلى ربه – تعالى - ، و عكفت همته على الله ، و على محبته و إيثار مرضاته ، و استحدثت همة أخرى ، و علوماً أخر ، و ولد ولادة أخرى تكون نسبة قلبه فيها إلى الدار الآخرة كنسبة جسمه إلى هذه الدار بعد أن كان في بطن أمه ، فيولد قلبه ولادة حقيقية ، كما ولد جسمه حقيقة ، و كما كان بطن أمه حجاباً لجسمه عن هذه الدار فهكذا نفسه و هواه حجاب لقلبه عن الدار الآخرة ، فخروج قلبه عن نفسه بارزاً إلى الدار الآخرة كخروج جسمه عن بطن أمه بارزاً إلى هذه الدار .
و لما كان أكثر الناس لم يولدوا هذه الولادةَ الثانيةَ ، و لا تَصّوَّرُوها – فضلاً عن أنْ يُصَدِّقُوا بها ، فيقول القائل : " كيف يولد الرجل الكبير ؟ ! ، أم كيف يولد القلب ؟ ! -: لم يكن لهم إليها همةٌ ، و لا عزيمةٌ ؛ إذ كيف يَعزم على الشيء مَنْ لا يعرفه ، و لا يصدِّقه ؟ ! .
و لكن إذا كشف حجاب الغفلة عن القلب صَدَّق بذلك ، و علم أنه لم يولد قلبه بَعْدُ .
و المقصود أن صِدْق التأهب للقاء الله هو مفتاح جميع الأعمال الصالحة ، و الأحوال الإيمانية ، و مقامات السالكين إلى الله ، و منازل السائرين إليه : من اليقظة و التوبة و الإنابة و المحبة و الرجاء و الخشية و التفويض و التسليم و سائر أعمال القلوب و الجوارح ، فمفتاح ذلك كلِّه صِدْق التأهب ، و الاستعداد للقاء الله .
و المفتاح بيد الفتاح العليم ، لا إله غيره ، و لا رب سواه ."ا.هـ."طريق الهجرتين وباب السعادتين"ص312.
زيارات الملف الشخصي :
4
إحصائية مشاركات »
فاز1
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل : 0.01 يوميا
فاز1
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى فاز1
البحث عن المشاركات التي كتبها فاز1