المبحث التاسع : أخذ الأجرة على الحجامة .
سُئِلَ أنَسٌ عَنْ كَسْبِ الْحَجّامِ ؟ فَقَالَ أَنَسٌ : ( احْتَجَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ، وَحَجَمَه أبُو طَيْبَةَ ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ ، وَكَلّمَ أهْلَهُ فَوَضَعُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ، وَقَالَ : ( إنّ أَفْضَلَ مَا تَدَاوَيْتُمْ بِه الْحِجَامَةُ ) أوْ ( إنّ مِنْ أمْثَلِ دَوَائِكُمُ الْحِجَامَةَ ) (1) .
قال أبو عيسى : حديثُ أنَسٍ حَدِيثٌ حسنٌ صحيحٌ. وَقَدْ رَخّصَ بَعْضُ أهل الْعِلمِ مِنْ أصْحَابِ النبيّ صلى الله عليه وسلم وَغَيْرِهِمْ. في كَسبِ الْحَجّامِ ، وَهُوَ قَوْلُ الشّافِعيّ (2) .
قال ابن قيم الجوزية في ( الطبّ النبوي ) بعد ذكر جملٍ من أحاديث الحجامة : " وفيها دليل على جواز التكسّب بصناعة الحجامة ، وإن كان لا يطيب للحرّ أكل أجرته من غير تحريم عليه ، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه أجره ، ولم يمنعه من أكله ، وتسميته إيّاه خبيثًا : كتسميته للثوم والبصل خبيثين ، ولم يلزم من ذلك تحريمهما " (3) .
وبالجملة فخبثُ أجرِ الحجَّام من جنس خُبث أكل الثوم والبصل ، فهذا خبيثُ الرائحة ، وهذا خبيث الكسب ، وهذا هو الذي قرّره أهل العلم .
وعند لقائي مع الأستاذ / يوسف الريس ، أحد أبرز الحجّامين في البحرين ، سألته عن وضع الحجّامين في البحرين وأخذ الأجرة ، فأجاب : " لا يوجد عرفٌ خاص ولا مبلغ معين متفق عليه في الحجامة ، القليل جدًا من الحجامين في البحرين هم الذين حدّدوا مبلغًا وقدره ( 5 دنانير ) لحجامة موضعٍ واحد ، لكن الغالبية العظمى من الحجّامين رجالاً ونساءً يزاولون الحجامة تطوعًا لله تعالى ، وإحياءً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم " .
__________
(1) الترمذي ، الحديث ( 1199 ) .
(2) المصدر السابق .
(3) الطب النبوي ، 48 .