المبحث الخامس : أوقات الحجامة .
قال الإمام علي الرضا : " فإذا أردت الحجامة فليكن في اثنتي عشرة ليلة من الهلال إلى خمسة عشر فإنه أصلح لبدنك ، فإذا نقص الشهر فلا تحتجم إلا أن تكون مضطرًا إلى ذلك لأن الدّم ينقص في نقصان الهلال ويزيد في زيادته " (1) .
يمكننا تقسيم وقت الحجامة بالنظر إلى حالة المحتجم ، فقد يكون صحيحًا أو مصابًا بمرضٍ معين ، وبالتالي لدينا حالتان :
_ في حال الصحة :
تعمل الحجامة حينئذٍ وقاية من الأمراض ، والدليل حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما مررت ليلة أسري بي بملء من الملائكة إلا قالوا : يا محمد مُر أمتك بالحجامة " (2) .
وتستحب في : السابع عشر أو التاسع عشر أو الحادي والعشرين من الشهر العربي ، والدليل حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر، أو تسعة عشر، أو إحدى وعشرين، لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله " (3) .
يقول الدكتور محمّد علي البار : " وتبيّغ الدم : هاج وثار ، والتبيّغ غلبة الدّم على الإنسان ، وهو ما نعرفه اليوم بضغط الدم ، فإذا هاج الدم وارتفع الضغط ، فإنه قد يسبّب انفجار أحد الشرايين في الدماغ فيقتل المصاب أو يصاب بالشلل ، وضغط الدم يؤدي إلى هبوط القلب وإلى الفشل الكلوي ، وكلاهما قاتل " (4) .
_ في حال المرض :
حينها لا يلتزم المحتجم بتلك الأيام ، بل تعمل الحجامة في أي وقت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا هاج بأحدكم الدم فليحتجم، فإن الدم إذا تبيّغ بصاحبه يقتله " (5) ، ويذكر أنّ الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ كان يحتجم في أي وقت هاج به الدم وفي أي ساعة كانت .
ولا يعني ذلك أنها لا تعمل في الأيام المستحبة (17و19و21) من الشهر العربي، وإنما المقصود أنها تعمل مباشرة عند وجود المرض ، كما دل عليه الحديث السابق ذكره : " إذا هاج بأحدكم الدم .." ، ولا شك أنّ الأفضل أن تعمل في الأيام المستحبة أيضا ، خصوصا إذا لم يزل المرض بالكلية .
قال ابن القيم الجوزية : " إنّ الحجامة في النصف الثاني ، وما يليه من الربع الثالث من أرباعه ، أنفع من أوله وآخره ، وإذا استعملت عند الحاجة إليها ، نفعت أيَّ وقت كان ، من أول الشهر وآخره " (6) .
________
(1) علي الرضا موسى الكاظم ( 203 هـ ) الرسالة في الطب النبوي ، تحقيق الدكتور محمد علي البار ، الدار السعودية ، جدة ، 2000 ، 181 .
(2) ابن ماجه ، الحديث ( 3470 ) وصححه الألباني في صحيح الجامع .
(3) ابن ماجه ، الحديث ( 3477 ) وصححه الألباني .
(4) نقلا من تحقيقه لكتاب الطب النبوي لعبد الملك بن حبيب الألبيري ، دار القلم ، دمشق ، 1993 ، 49 .
(5) محمد ناصر الدين الألباني ، السلسلة الصحيحة ، مكتبة المعارف ، الرياض ، 1996 ، الحديث ( 2747 )، 6 ، 561 .
(6) محمد بن قيم الجوزية ( 751هـ ) ، الطب النبوي ، بيروت ، المكتبة الثقافية ، 45 .