بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
يا عبد الله..ماذا بعد الصحه إلا السقم ، وماذا بعد البقاء إلا الفناء ،
وماذا بعد الشباب إلا الهرم .يا عبد الله..إنما مرض القلوب من الذنوب ،
وأجر العافيه أن نتوب ، ففي التوبه يتذوق العبد حلاوه اللقاء بربه الرحيم الرحمن ،
غافر الذنب وقابل التوب بعد أن تجرع مراره الفراق ،وأوغل في طريق الشقاق والنفاق.
((قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمه الله
إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ))الزمر:53
التوبه باب الرجاء والأمل ، فسبحان من فتح لنا باب الأمل ،
وسبحان من هو أرحم بنا من أمهاتنا ، فأي طعم للحياه بدون التوبه ؟؟!!
التوبه دموع حاره كالشموع تنير طريق الرجوع ، التوبه مشاعر وأحاسيس ترسم طريق الأمل
التوبه ابتسامه ونبضه قلب تفطر ألما وكمدا ، وكيف وهي بينك وبين رب يراك ويعلم كل ما
اقترفت يداك ، وهي عنده في كتاب لا يغادر صغيره ولا كبيرة ، ولكنه غفور رحيم .
فمن أعظم منه جودا والخلائق له عاصون ، يراقبهم ويكلؤهم في مضاجعهم
كأنهم لم يعصوه ، ويتولاهم ويحفظهم كأنهم لم يذنبوا ، يجود بالفضل على العاصي ،
ويتفضل على المسئ ، من ذا الذي أمله لنائبه فقطع به ؟؟ ومن ذا الذي رجاه فقطع رجاه؟؟
فأين نحن نهرب ؟ وأين عن بابه يتنحى العاصون مثلنا ؟؟
فمن لنا سواك يا ربنا ؟؟ إن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين .
يارب كم بيني وبينك من الأسرار وهتك الأستار ، ولكن عزائي الوحيد أني أحبك .
بيني وبينك جسر حب خالد ** ورؤى تحرك كل قلب جامد
بيني وبينك من صلاتي سلم ** ما زلت أمنحه عزيمه صاعد
أرقى به وأنهى به من ذلتي ** تغري ببهجتها فؤاد العابد
يارب عفوا إن ذنبي لم يزل ** عبئا يؤنبني ويوهن ساعدي
أخطأت يا ذا العفو حتى صرت في ** طرق الأسى أمشي بذهني شارد
أرنو إليك بمقله مكسورة ** فيها من العبرات أصدق شاهد
يارب أوهن قلبي الشاكي الأسى ** يارب ماجت بالأنين قصائد
من ذا يفك الطوق عن عنقي إذا ** جمع الأنام على صعيد واحد؟
مالي سواك إذا تضاربت الرؤى ** حول الصراط وجف ماء الرافد
وجهت نحوك يا مهيمن دعوه ** مشفوعه مني برهبه ساجد
فيا معشر التائبين إياكم والفزع إلى المخلوقين ،
وعليكم بالإعتصام برب العالمين والإسرار له بالتوجع والأنين
((ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم))
((آل عمران 101))
أخي ، أخيتي ، لا تبكي بكاء اليأس ، وابكي بكاء الفرح ،
وانثر دمع السعاده في الحياه الجديده .
بادر ولا تتردد ، إياك والتسويف ، أسرع قبل فوات الأوان ،
وأنت أنت أيها الصالح ، لماذا صرفت عني سمعك وبصرك وعقلك
عندما سمعتني أتحدث عن التوبه ، هل تظن أنك بمنأى عن التوبه ،
لا تكن مغرورا وتظن التوبه لا تعنيك ، وكأني بك وأنت تقرأ عنوان
هذه الصفحه يقفز خيالك لأصحاب الكبائر والجرائم وأهل الشهوات والفساد ،
ولم تفكر أو يخطر ببالك أن الأمر يعنيك ولك فيه نصيب .
((فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى ))
((النجم 32))
يقول سماحه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : إن التوبه
إلى الله كما أوضحها القرآن الكريم ليست في حق المذنبين فقط ،
وإنما هي في حق المؤمنين أيضا ، وتكون التوبه في حق أهل الإيمان
من تقصير في الواجبات وضعف في أداء الطاعات
فما أحوجنا وربي للتوبه كل لحظه فأين نحن من حبيبنا وقدوتنا
صلى الله عليه وسلم الذي كان أصحابه يعدون له في المجلس
الواحد قبل أن يقوم ((ربي اغفر لي وارحمني إنك أنت التواب الغفور))مئه مره!!
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((يأيها الناس ، توبوا إلى الله إني لأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مره ))
وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :((لن ينجي أحدا منكم عمله ))
قالوا : ولا أنت يارسول الله ؟؟! قال : ((ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمه منه وفضل))
إذا فالتوبه يحتاجها العبد منا في أول حياته وأوسطها وآخرها ،
فلا يفارقها العبد أبدا ولا يزال فيها حتى الممات .
نسأل الله حسن الخاتمه
تقبلو تحياتي
ولا تنسوني من صالح دعائكم
فراشه الربيع