موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح

موسوعة دراسات وأبحاث من الكتاب والسنة على منهج السلف الصالح (https://1enc.net/vb/index.php)
-   عالم الملائكـة الكرام الأبرار . الإدارة العلمية والبحوث World of the angels of the righteous. Scient (https://1enc.net/vb/forumdisplay.php?f=45)
-   -   المفاضلة بين الملائكة وبني البشر (https://1enc.net/vb/showthread.php?t=8945)

داعي الله 24 Oct 2008 04:53 PM

المفاضلة بين الملائكة وبني البشر
 
المفاضلة بين الملائكة وبني البشر


الخلاف في المسألة قديم :

قال ابن كثير (1) : " قد اختلف الناس في تفصيل الملائكة على البشر على أقوال : فأكثر ما توجد هذه المسألة في كتب المتكلمين ، والخلاف فيها مع المعتزلة ومن وافقهم .

وأقدم كلام رأيته في هذه المسألة ما ذكره الحافظ ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أمية بن عمرو بن سعيد بن العاص : " أنّه حضر مجلساً لعمر بن عبد العزيز وعنده جماعة ، فقال عمر : ما أحد أكرم على الله من كريم بني آدم ، واستدل بقوله تعالى : ( إنَّ الَّذين آمنوا وعملوا الصَّالحات أولئك هم خير البريَّة ) [ البينة : 7 ] . ووافقه على ذلك أمية بن عمرو بن سعيد .

فقال عراك بن مالك : ما أحد أكرم على الله من ملائكته ، هم خدمة دارَيْه ، ورسله إلى أنبيائه ، واستدل بقوله تعالى : ( ما نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عن هذه الشَّجرة إلاَّ أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ) [ الأعراف : 20 ] .

فقال عمر بن عبد العزيز لمحمد بن كعب القرظي : ما تقول أنت يا أبا حمزة ؟ فقال : قد أكرم الله آدم فخلقه بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وأسجد له ملائكته ، وجعل من ذريته الأنبياء ، والرسل ومن يزوره الملائكة .

فوافق عمر بن عبد العزيز في الحكم واستدل بغير دليله " .

وهذا الذي ذكره ابن كثير من كلام عمر بن عبد العزيز وجلسائه في هذه المسألة يبين الخطأ ما قاله تاج الدين الفزاري ، حيث يقول : " هذه المسألة من بدع علم الكلام ، التي لم يتكلم فيها الصدر الأول من الأمة ، ولا من بعدهم من أعلام الأئمة " (2) ، بل قد ثبت أن بعض الصحابة تكلموا في شيء من ذلك ، فهذا عبد الله بن سلام يقول : " ما خلق الله خلقاً أكرم عليه من محمد . فقيل له : ولا جبريل ولا ميكائيل ؟ "

فقال للسائل : " أتدري ما جبريل وميكائيل ؟ إنما جبريل وميكائيل خلق مسخر كالشمس والقمر ، وما خلق الله خلقاً أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم " . رواه الحاكم في مستدركه وصححه هو والذهبي (3) .

الأقوال في المسألة :

يذكر شارح الطحاوية أنه ينسب إلى أهل السنة تفضيل صالحي البشر والأنبياء فقط على الملائكة ، وأن المعتزلة يفضلون الملائكة ، وأتباع الأشعري على قولين ، منهم من يفض الأنبياء والأولياء ، ومنهم من يقف ، ولا يقطع في ذلك قولاً ، وحكي عن بعضهم ميل إلى تفضيل الملائكة ، وحكي ذلك عن غيرهم من أهل السنة وبعض الصوفية .

وقالت الشيعة : إن جميع الأئمة أفضل من جميع الملائكة . ومن الناس من فصّل تفصيلاً آخر .

ولم يقل أحد ممن له قول يؤثر : إن الملائكة أفضل من بعض الأنبياء دون بعض ، وذكر أن أبا حنيفة ، رحمه الله ، توقف في الجواب عن هذه المسألة ، وإلى التوقف جنح شارح الطحاوية رحمه الله (4) .

وذكر السفاريني (5) أنّ الإمام أحمد ، رحمه الله ، كان يقول : " يخطئ من فضَّل الملائكة ، وقال : كل مؤمن أفضل من الملائكة " .

موطن النزاع :


لا خلاف في أن الكفرة والمنافقين غير داخلين في المفاضلة ، فهؤلاء أضل من البهائم : ( أولئك كالأنعام بل هم أضلُّ ) [ الأعراف : 179 ] .

ولا نعني بالمفاضلة : التفضيل بين حقيقة البشر وحقيقة الملائكة ،وإنّما المفاضلة بين صالحي البشر والملائكة ، وإن ذهب بعض الناس إلى أن الملائكة أفضل من سائر المؤمنين ، والنزاع عندهم في المفاضلة بين الأنبياء والملائكة .

حجة الذين يفضلون صالحي البشر على الملائكة :

بعد أن حررنا محل النزاع نبين حجة الذين ذهبوا إلى تفضيل البشر .

الدليل الأول : أن الله أمر الملائكة بالسجود لآدم ، فلولا فضله لما أمروا بالسجود له : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلاَّ إبليس أبى واستكبر ) [ البقرة : 34 ] .

ورد بعضهم أن السجود كان لله ، وآدم إنما كان قبلة لهم ، ولو كان هذا صحيحاً لقال : اسجدوا إلى آدم ، وما قال : ( اسجدوا لآدم ) [ الإسراء : 61 ] .

ولو كان المقصود اتخاذ آدم قبلة لما امتنع من السجود ، ولما زعم أنّه خير من آدم ، فإنّ القبلة تكون أحجاراً ، وليس في اتخاذها قبلة تفضيل لها .

صحيح أن سجود الملائكة لآدم كان عبادة لله ، وطاعة له ، وقربة يتقربون بها إليه ، إلا أنه تشريف لآدم وتكريم وتعظيم .

ولم يأتِ أن آدم سجد للملائكة ، بل لم يؤمر آدم وبنوه بالسجود إلا لله رب العالمين ؛ لأنّهم – والله أعلم – أشرف الأنواع ، وهم صالحوا بني آدم ، ليس فوقهم أحد يحسن السجود له إلا الله رب العالمين .

الدليل الثاني : قوله قصصاً عن إبليس : ( أَرَأَيْتَكَ هذا الَّذي كرَّمت عَلَيَّ ) [ الإسراء : 62 ] فإن هذا نص في تكريم آدم على إبليس إذ أمر بالسجود له .

الدليل الثالث
: أن الله تعالى خلق آدم بيده ، وخلق الملائكة بكلمته .

الدليل الرابع : قوله تعالى : ( إِنِّي جاعلٌ في الأرض خليفةً ) [ البقرة : 30 ] . فالخليفة يفضل على من ليس خليفة ، وقد طلبت الملائكة أن يكون الاستخلاف فيهم ، والخليفة منهم حيث قالوا : ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) [البقرة:30] فلولا أن الخلافة درجة عالية أعلى من درجاتهم لما طلبوها وغبطوا صاحبها .

الدليل الخامس : تفضيل بني آدم عليهم بالعلم حين سألهم الله عزّ وجلّ عن علم الأسماء ، فلم يجيبوه ؛ بل اعترفوا أنهم لا يحسنونها ، فأنبأهم آدم بذلك ، وقد قال تعالى : ( قل هل يستوي الَّذين يعلمون والَّذين لا يعلمون ) [ الزمر : 9 ] .

الدليل السادس : ومما يدل على تفضيلهم أن طاعة البشر أشقّ ، والأشق أفضل ، فإن البشر مجبولـون على الشهوة ، والحرص ، والغضب ، والهوى ، وهي مفقودة في الملك .

الدليل السابع : أن السلف كانوا يحدثون الأحاديث المتضمنة فضل صالحي البشر على الملائكة ، وتروى على رؤوس الناس ، ولو كان هذا منكراً لأنكروه ، فدلّ على اعتقادهم ذلك .

الدليل الثامن : مباهاة الله بهم الملائكة : فالله يباهي بعباده الملائكة ، إذا أدوا ما أوجبه عليهم وأمرهم به . فإذا صلوا الفريضة باهى بهم الملائكة ، ففي المسند وابن ماجة عن عبد الله : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( ابشروا ، هذا ربكم قد فتح باباً من أبواب السماء ، يباهي بكم الملائكة ، يقول : انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة ، وهم ينتظرون أخرى ) (6) .

وعن أبي هريرة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء ، فيقول لهم : انظروا إلى عبادي هؤلاء جاؤوني شعثاً غبراً ) . إسناده صحيح ، رواه ابن حبان في صحيحه ، والحاكم ، والبيهقي في السنن (7) .

والذين فضلوا الملائكة احتجوا بمثل حديث
: ( من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) .

واحتجوا بأن بني آدم فيهم النقص والقصور ، وتقع منهم الزلات والهفوات ، واحتجوا بمثل قوله تعالى : ( ولا أقول لكم إِنِّي ملك ) [ الأنعام : 50 ] . وهذا يدل على فضل الملائكة على البشر .

تحقيق القول في ذلك :

وتحقيق القول في ذلك ما ذكره
ابن تيمية
من أن صالحي البشر أفضل باعتبار كمال النهاية ، وذلك إنما يكون إذا دخلوا الجنة ، ونالوا الزلفى ، وسكنوا الدرجات العلا ، وحياهم الرحمن ، وخصهم بمزيد قربه ، وتجلى لهم ، يستمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم ، وقامت الملائكة في خدمتهم بإذن ربهم .

والملائكة أفضل باعتبار البداية ، فإن الملائكة الآن في الرفيق الأعلى ، منزهون عمّا يلابسه بنو آدم ، مستغرقون في عبادة الرب ، ولا ريب أن هذه الأحوال الآن أكمل من أحوال البشر .

قال ابن القيم : وبهذا التفصيل يتبين سرّ التفضيل ، وتتفق أدلة الفريقين ، ويصالح كل منهم على حقه (8) . والله أعلم بالصواب
.

:88:

نسمة فجر 02 Nov 2008 10:52 PM

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك

بصراحب فيه معلومات كانت غايبة عن بالي

مشكور جدا أخي الكريم


الساعة الآن 07:33 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي