الصدق أساس الحسنات وجماعها والكذب أساس السيئات ونظامها ~
"
مَجْمُوعُ فتاوى ابْنِ تيمية - أُصُولُ الْفِقْهِ - التَّمَذْهُبُ - الصدق أساس الحسنات وجماعها والكذب أساس السيئات ونظامها ********* - ص 74 - وَقَالَ : فَصْلٌ الصِّدْقُ أَسَاسُ الْحَسَنَاتِ وَجِمَاعُهَا وَالْكَذِبُ أَسَاسُ السَّيِّئَاتِ وَنِظَامُهَا وَيَظْهَرُ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ الْإِنْسَانَ هُوَ حَيٌّ نَاطِقٌ فَالْوَصْفُ الْمُقَوِّمُ لَهُ الْفَاصِلُ لَهُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الدَّوَابِّ هُوَ الْمَنْطِقُ وَالْمَنْطِقُ قِسْمَانِ : خَبَرٌ وَإِنْشَاءٌ وَالْخَبَرُ صِحَّتُهُ بِالصِّدْقِ وَفَسَادُهُ بِالْكَذِبِ فَالْكَاذِبُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْبَهِيمَةِ الْعَجْمَاءِ وَالْكَلَامُ الْخَبَرِيُّ هُوَ الْمُمَيِّزُ لِلْإِنْسَانِ وَهُوَ أَصْلُ الْكَلَامِ الْإِنْشَائِيِّ فَإِنَّهُ مَظْهَرُ الْعِلْمِ وَالْإِنْشَاءُ مَظْهَرُ الْعَمَلِ وَالْعِلْمُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْعَمَلِ وَمُوجِبٌ لَهُ فَالْكَاذِبُ لَمْ يَكْفِهِ أَنَّهُ سُلِبَ حَقِيقَةَ الْإِنْسَانِ حَتَّى قَلَبَهَا إلَى ضِدِّهَا وَلِهَذَا قِيلَ : لَا مُرُوءَةَ لِكَذُوبِ وَلَا رَاحَةَ لِحَسُودِ وَلَا إخَاءَ لِمَلُوكِ وَلَا سُؤْدُدَ لِبَخِيلِ فَإِنَّ الْمُرُوءَةَ مَصْدَرُ الْمَرْءِ كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانِيَّةَ مَصْدَرُ الْإِنْسَانِ . الثَّانِي : أَنَّ الصِّفَةَ الْمُمَيِّزَةَ بَيْنَ النَّبِيِّ وَالْمُتَنَبِّئِ هُوَ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ - ص 75 - فَإِنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ الصَّادِقُ الْأَمِينُ وَمُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } . الثَّالِثُ : أَنَّ الصِّفَةَ الْفَارِقَةَ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ هُوَ الصِّدْقُ فَإِنَّ أَسَاسَ النِّفَاقِ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ الْكَذِبُ وَعَلَى كُلِّ خُلُقٍ يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ لَيْسَ الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا إذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ } . الرَّابِعُ : أَنَّ الصِّدْقَ هُوَ أَصْلُ الْبِرِّ وَالْكَذِبَ أَصْلُ الْفُجُورِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إلَى الْجَنَّةِ وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إلَى النَّارِ وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا } . الْخَامِسُ : أَنَّ الصَّادِقَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَالْكَاذِبَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ } { تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } { يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } . - ص 76 - السَّادِسُ : أَنَّ الْفَارِقَ بَيْنَ الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَبَيْنَ الْمُتَشَبَّهِ بِهِمْ مِنْ الْمُرَائِينَ وَالْمُسْمِعِينَ وَالْمُبْلِسِينَ هُوَ الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ . السَّابِعُ : أَنَّهُ مَقْرُونٌ بِالْإِخْلَاصِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ الدِّينِ فِي الْكِتَابِ وَكَلَامِ الْعُلَمَاءِ وَالْمَشَايِخِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ } { حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } وَلِهَذَا { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاَللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ : أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ : أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ أَلَا وَشَهَادَةُ الزُّورِ فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ . } الثَّامِنُ : أَنَّهُ رُكْنُ الشَّهَادَةِ الْخَاصَّةِ عِنْدَ الْحُكَّامِ الَّتِي هِيَ قِوَامُ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةُ الْعَامَّةُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ وَالشَّهَادَةُ خَاصَّةَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي مُيِّزَتْ بِهَا فِي قَوْلِهِ : { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ } وَرُكْنُ الْإِقْرَارِ الَّذِي هُوَ شَهَادَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَرُكْنُ الْأَحَادِيثِ وَالْأَخْبَارِ الَّتِي بِهَا يَقُومُ الْإِسْلَامُ ; بَلْ هِيَ رُكْنُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ الَّتِي هِيَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ خَلْقِهِ وَرُكْنُ الْفُتْيَا الَّتِي - ص 77 - هِيَ إخْبَارُ الْمُفْتِي بِحُكْمِ اللَّهِ . وَرُكْنُ الْمُعَامَلَاتِ الَّتِي تَتَضَمَّنُ أَخْبَارَ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَامِلَيْنِ لِلْآخَرِ بِمَا فِي سِلْعَتِهِ وَرُكْنُ الرُّؤْيَا الَّتِي قِيلَ فِيهَا : أَصْدَقُهُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُهُمْ كَلَامًا وَاَلَّتِي يُؤْتَمَنُ فِيهَا الرَّجُلُ عَلَى مَا رَأَى . التَّاسِعُ : أَنَّ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ هُوَ الْمُمَيِّزُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْمُنَافِقِ كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ : أَسَاسُ النِّفَاقِ الَّذِي بُنِيَ عَلَيْهِ الْكَذِبُ . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ إذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ } وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : { عَلَى كُلِّ خُلُقٍ يُطْبَعُ الْمُؤْمِنُ لَيْسَ الْخِيَانَةَ وَالْكَذِبَ } وَوَصَفَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ فِي الْقُرْآنِ بِالْكَذِبِ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ هُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَأَنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ أَهْلُ النَّارِ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ . الْعَاشِرُ : أَنَّ الْمَشَايِخَ الْعَارِفِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ أَسَاسَ الطَّرِيقِ إلَى اللَّهِ هُوَ الصِّدْقُ وَالْإِخْلَاصُ كَمَا جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِهِ : { وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ } { حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } وَنُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ دَالٌّ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } وقَوْله تَعَالَى { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } وَقَالَ تَعَالَى لَمَّا بَيَّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّبِيِّ وَالْكَاهِنِ وَالسَّاحِرِ : { وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ } { نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ } { عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ } { بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ } { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ } إلَى قَوْلِهِ : { هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ } { تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ } { يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ } وَقَالَ تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا } . ********* المصـدر عرض المزيد عن نتائج البحث - فتاوى المعاملات - موقع الإسلام " |
رد: الصدق أساس الحسنات وجماعها والكذب أساس السيئات ونظامها ~
جزاكي الله خير اختي الفاضلة
|
رد: الصدق أساس الحسنات وجماعها والكذب أساس السيئات ونظامها ~
سلام على الدنيا اذا لم يكن بها ...صديق صدوق صادق الوعد منصفا
الانسان الصادق في جميع اقواله وافعاله ترتاح له النفس وتثق به حتى انه يكون محبوبا بين الاخرين |
رد: الصدق أساس الحسنات وجماعها والكذب أساس السيئات ونظامها ~
|
رد: الصدق أساس الحسنات وجماعها والكذب أساس السيئات ونظامها ~
أختي الفاضلة الكريمة نور الشمس
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا معطرا بعطر الورد والعوده ممزوجا بالبركة والدعاء على هذه المواضيع المتميزة أدباوموعظة ونصحا وثقافة وعلما وعطائكم من نفس طاهرة فكانت غيثا لقلوبنا وإرواءا لعقولنا وأفكارنا . نرجو أن تكونوا نبراس الموقع ونور صفحاته و مشكاة النصح والوعظ فيه بارك الله فيكم نفع الله بكم أمة الإسلام في كل مكان وزادكم الله نورا على نور ولاحرمنا الله منكم ولاحرمكم أجرنا وجزاكم الله عن الجميع خيرالجزاء وجعل الله تعالى كل ماتقدمينه في ميزان حسناتكم اللهم ربنا أنصر بها السنة وأنفع بها الأمة حفظكم الله ورعاكم وجميع المسلمين وتقبلوا أجمل وأطيب دعواتنا |
رد: الصدق أساس الحسنات وجماعها والكذب أساس السيئات ونظامها ~
|
| الساعة الآن 07:08 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي