اعلانات
اعلانات     اعلانات
 


﴿ بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ) نبارك لكم عيد الأضحى المبارك فكل عام وأنتم وجميع أمة الإسلام في صحة وعافية وسلامة وأمن وامان .

اللهم ربنا تقبل من أهل الصيام صيامهم وسائر صالح أعمالهم وتقبل من أهل الحج حجهم وسائر صالح أعمالهم وردهم لبلدهم وردهم لأهلهم سالمين غانمين بسعي مشكور وذنب مغفور وعمل متقبل مبرور ياعزيز ياغفور .


           :: التفاح والنبق (آخر رد :عائد لله)       :: اللب الاصفر (آخر رد :عائد لله)       :: الجيبة الزرقاء (آخر رد :عائد لله)       :: من هم الأشاعرة ، وهل هم من أهل السنة ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: كيف نحمي أنفسنا من أذى الجن . (آخر رد :ابن الورد)       :: هل من الممكن أن يسبب السحر أمراضًا مزمنة كالسرطان ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: هل يملك الساحر التحكم بسلوك إنسان وتحريكه من مكانه دون إرادته ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: ما حكم إنكار وجود الغول ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: قرين الإنسان من الشياطين، هل يمكن أن يسلم ؟ (آخر رد :ابن الورد)       :: الإنابة في الدعاء والحروز والتحصين . (آخر رد :ابن الورد)      

 تغيير اللغة     Change language
Google
الزوار من 2005:
Free Website Hit Counter

طب الأعشاب . علمها وطبها وفوائدها Department of Herbal Medicine. Flag and Dobaa and benefits كل ماجُرب فنفع مع خلو مسؤولية الموقع عن أى وصفة غير معتمدة من قبل المختصين فى الموقع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04 Apr 2010, 01:48 AM   #31
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وأنت إذا تأملت الأمراضَ والآفاتِ التى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابها بالشهادة، وجدتها من الأمراض التى لا علاج لها، كالمطعون، والمَبْطُون، والمجنون، والحريقِ، والغرِيقِ، وموتِ المرأة يقتُلها ولدُها فى بطنها، فإنَّ هذه بلايَا من الله لا صُنع للعبد فيها، ولا عِلاجَ لها، وليست أسبابُها محرَّمة، ولا يترتب عليها مِن فساد القلب وتعبُّده لغير الله ما يترتب على العشق،



ص -215- فإن لم يكفِ هذا فى إبطال نسبة هذا الحديثِ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلِّدْ أئمةَ الحديث العالمين به وبعلله، فإنه لا يُحفظ عن إمام واحد منهم قَطُّ أنه شهد له بصحة، بل ولا بحُسن، كيف وقد أنكروا على سُويدٍ هذا الحديث، ورموه لأجله بالعظائم، واستحلَّ بعضُهم غزوَه لأجله. قال أبو أحمد بن عَدِىٍّ فى "كامله": هذا الحديث أحدُ ما أُنكر على سُويد، وكذلك قال البَيْهقى: إنه مما أُنكر عليه، وكذلك قال ابن طاهر فى "الذخيرة" وذكره الحاكم فى "تاريخ نيسابور"، وقال: أنا أتعجب من هذا الحديث، فإنه لم يحدَّث به عن غير سُويد، وهو ثقة، وذكره أبو الفرج بن الجوزى فى كتاب "الموضوعات"، وكان أبو بكر الأزرقُ يرفعه أوَّلاً عن سُويد، فعُوتب فيه، فأسقط النبىَّ صلى الله عليه وسلم وكان لا يُجاوِزُ به ابنَ عباس رضى الله عنهما.
ومن المصائب التى لا تُحتمل جعلُ هذا الحديث من حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضى الله عنها، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم. ومَن له أدنى إلمام بالحديث وعلله، لا يحتمِلُ هذا البتة، ولا يحتمِلُ أن يكونَ من حديث الماجشون، عن ابن أبى حازم، عن ابن أبى نَجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس رضى الله عنهما مرفوعاً، وفى صحته موقوفاً على ابن عباس نظرٌ، وقد رمى الناسُ سويدَ بن سعيد راوىَ هذا الحديث بالعظائم، وأنكره عليه يحيى بن مَعِين وقال: هو ساقط كذَّاب، لو كان لى فرس ورمح كنت أغزوه، وقال الإمام أحمد: متروك الحديث. وقال النسائى: ليس بثقة، وقال البخارى: كان قد عمىَ فيلقن ما ليس من حديثه، وقال ابن حِبَّان: يأتى بالمعضلات عن الثقات يجبُ مجانبةُ ما روى.. انتهى.
وأحسنُ ما قيل فيه قولُ أبى حاتم الرازىِّ: إنه صدُوق كثير التَّدْليس، ثم قولُ الدَّارَقُطنىِّ: هو ثقة غير أنه لما كَبِرَ كان ربما قُرئ عليه حديثٌ فيه بعضُ النكارة، فيُجيزه.. انتهى.
وعِيبَ على مسلم إخراجُ حديثه، وهذه حالُه، ولكن مسلم روى من حديثه ما تابعه عليه غيرُه، ولم ينفرِدْ به، ولم يكن منكراً ولا شاذاً بخلاف هذا الحديث.. والله أعلم.

فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى حفظ الصحة بالطيب

فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى حفظ الصحة بالطيب
لما كانت الرائحةُ الطيبة غذاءَ الروح، والروحُ مطيةُ القُوَى، والقُوَى تزداد



ص -216- بالطيب، وهو ينفعُ الدماغَ والقلب، وسائر الأعضاء الباطنية، ويُفرِّحُ القلب، ويَسُرُّ النفس ويَبسُطُ الروحَ، وهو أصدقُ شىء للروح، وأشدُّه ملاءمةً لها، وبينه وبين الروح الطيبة نِسبةٌ قريبة. كان أحدَ المحبوبَيْن من الدنيا إلى أطيب الطَيِّبين صلوات الله عليه وسلامه.
وفى "صحيح البخارى": أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يَرُدُّ الطِّيبَ.
وفى "صحيح مسلم" عنه صلى الله عليه وسلم: "من عُرِضَ عليه رَيْحانٌ، فلا يَرُدَّهُ فإنه طَيِّبُ الرِّيح، خَفِيفُ
المَحْمِلِ".
وفى "سنن أبى داود" و"النسائي"، عن أبى هريرةَ رضى الله عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: "مَن عُرِضَ عَلَيهِ طِيبٌ، فَلا يَرُدَّهُ، فَإنَّهُ خَفِيفُ المَحْمِلِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ".
وفى "مسند البزَّار": عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ اللهَ طَيِّبٌ يُحِبُّ الطِّيبَ، نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الكَرَمَ، جَوادٌ يُحِبُّ الجُودَ، فَنَظِّفُوا أفْنَاءَكُم وسَاحَاتِكُم، ولا تَشَبَّهُوا بِاليَهُودِ يَجْمَعُون الأكُبَّ فى دُورِهِمْ". الأكُب: الزبالة.
وذكر ابن أبى شيبة، أنه صلى الله عليه وسلم كان لَهُ سُكَّةٌ يَتَطَيَّب منها.
وصَحَّ عنه أنه قال: "إنَّ للهِ حَقّاً عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِى كُلِّ سَبْعَةِ أيَّامٍ، وَإنْ كَانَ لَهُ طِيبٌ أَنْ يَمَسَّ مِنْهُ".
وفى الطيب من الخاصية، أنَّ الملائكة تُحبه، والشياطين تنفِرُ عنه، وأحبُّ شيءٍ إلى الشياطين الرائحةُ المنتنة الكريهة، فالأرواحُ الطيبة تُحِبُّ الرائحة الطيبة، والأرواحُ الخبيثة تُحِبُّ الرائحة الخبيثة، وكل روح تميل إلى ما يناسبها، فالخبيثات للخبيثين، والخبيثون للخبيثات، والطيباتُ للطيبين، والطيبون للطيبات، وهذا وإن كان فى النساء والرجال، فإنه يتناولُ الأعمالَ والأقوالَ، والمطاعم والمشارب، والملابس والروائح، إما بعموم لفظه، أو بعموم معناه.

فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى حفظ صحة العَيْن

فصل: فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى حفظ صحة العَيْن
روى أبو داود فى "سننه": عن عبد الرحمن بن النُّعمان بن معبد بن هَوْذَةَ الأنصارى، عن أبيه، عن جده رضى الله عنه، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بالإِثْمِدِ المُروَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ وقال: "ليتَّقِهِ الصَّائِمُ". قال أبو عبيد: المروَّح: المطيَّب بالمسك.



ص -217- وفى "سنن ابن ماجه" وغيره عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: كانت للنبىِّ صلى الله عليه وسلم مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ مِنها ثلاثاً فى كُلِّ عَيْنٍ.
وفى "الترمذي": عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اكتحَلَ يجعلُ فى اليمنَى ثلاثاً، يبتدىء بها، ويختم بها، وفى اليُسْرى ثنتين.
وقد روى أبو داود عنه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ اكْتَحَلَ فلْيُوتِرْ". فهل الوترُ بالنسبة إلى العينين كلتيهما، فيكون فى هذه ثلاث، وفى هذه ثنتان، واليُمنى أولى بالابتداء والتفضيل، أو هو بالنسبة إلى كُلِّ عَيْن، فيكون فى هذه ثلاث، وفى هذه ثلاث، وهما قولان فى مذهب أحمد وغيره.
وفى الكُحْلِ حفظ لصحة العَيْن، وتقويةٌ للنور الباصر، وجِلاءٌ لها، وتلطيفٌ للمادة الرديئة، واستخراجٌ لها مع الزينة فى بعض أنواعه، وله عند النوم مزيدُ فضل لاشتمالها على الكُحْلِ، وسكونها عقيبه عن الحركة المضرة بها، وخدمةِ الطبيعة لها، وللإثْمد مِن ذلك خاصيَّة.
وفى "سنن ابن ماجه" عن سالم، عن أبيه يرفعه: "عَلَيْكُم بالإثْمِدِ، فإنَّهُ يَجْلُو البَصَر، ويُنْبِتُ الشَّعرَ".
وفى كتاب أبى نُعيم: "فإنه مَنْبَتَةٌ للشَّعر، مذهبة للقذَى، مصْفاة للبصر".

فصل: فى ذكر شىء من الأدوية والأغذية المفردة التى جاءت على لسانه صلى الله عليه وسلم مرتبة على حروف المعجم

ص -218- فصل: فى ذكر شىء من الأدوية والأغذية المفردة التى جاءت على لسانه صلى الله عليه وسلم مرتبة على حروف المعجم
حرف الهمزة
إثْمِدٌ: هو حجر الكحل الأسود، يُؤْتَى به من أصبِهانَ، وهو أفضلُه، ويؤتَى به من جهة المغرب أيضاً، وأجودُه السريعُ التفتيتِ الذى لفُتاته بصيصٌ، وداخلُه أملسُ ليس فيه شىء من الأوساخ.
ومزاجُه بارد يابس ينفعُ العين ويُقوِّيها، ويشد أعصابَها، ويحفظُ صِحتها، ويُذهب اللَّحم الزائد فى القُروح ويُدملها، ويُنقِّى أوساخها، ويجلوها، ويُذهب الصداع إذا اكتُحل به مع العسل المائى الرقيق، وإذا دُقَّ وخُلِطَ ببعض الشحوم الطرية، ولُطخ على حرق النار، لم تعرض فيه خُشْكَرِيشةٌ، ونفع من التنفُّط الحادث بسببه، وهو أجود أكحال العين لا سِيَّما للمشايخ، والذين قد ضعفت أبصارُهم إذا جُعِلَ معه شىءٌ من المسك.
أُتْرُج: ثبت فى "الصحيح": عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَثَلُ المؤمن الذى يقرأ القرآن، كمَثَلِ الأُتْرُجَّةِ، طعْمُها طَيِّبٌ، وريحُها طَيِّبٌ".
وفى الأُترج منافع كثيرة، وهو مركَّب من أربعة أشياء: قشر، ولحم، وحمض، وبزر، ولكل واحد منها مِزاج يخصُّه، فقشره حار يابس، ولحمُه حار رطب، وحمضُه بارد يابس، وبزرُه حار يابس.
ومن منافع قشره: أنه إذا جُعل فى الثياب منع السوسَ، ورائحتُهُ تُصْلِحُ فسادَ الهواء والوباء، ويُطيِّبُ النَّكْهَةَ إذا أمسكه فى الفم، ويُحلِّل الرياح، وإذا جُعِلَ فى الطعام



ص -219- كالأبازِير، أعان على الهضم. قال صاحب "القانون": وعُصَارة قشره تنفع مِن نهْش الأفاعى شرباً، وقِشرُه ضِمَادَاً، وحُرَاقةُ قِشره طِلاءٌ جيد للبَرَص.. انتهى.
وأمَّا لحمه: فملطِّف لحرارة المَعِدَة، نافعٌ لأصحاب المِرَّة الصفراء، قامِعٌ للبخارات الحارة. وقال الغافِقىُّ: أكل لحمه ينفع البواسير.. انتهى.
وأمّا حمضُه: فقابضٌ كاسر للصفراء، ومسكنٌ للخفقان الحار، نافعٌ من اليَرَقَان شرباً واكتحالاً، قاطعٌ للقىء الصفراوى، مُشَهٍّ للطعام، عاقل للطبيعة، نافع من الإسهال الصفراوى، وعُصَارَةُ حمضه يُسَكِّن غِلْمَةَ النساء، وينفع طِلاَءً من الكَلَفِ، ويُذهب بالقَوْباء، ويُستدَل على ذلك مِن فعله فى الحِبر إذا وقَعَ فى الثياب قَلَعَه، وله قوةٌ تُلطِّف، وتقطع، وتبرد، وتُطفئُ حرارة الكبد، وتُقوِّى المَعِدَة، وتمنع حِدَّة المِرَّة الصفراء، وتُزِيلُ الغمَّ العارض منها، وتسكن العطش.
وأمَّا بزره: فله قوة محلِّلة مجففة. وقال ابن ماسويه: خاصية حَبِّه، النفع من السموم القاتلة إذا شُرِبَ منه وزنُ مثقال مقشَّراً بماء فاتر، وطِلاء مطبوخ. وإن دُقَّ ووضع على موضع اللَّسعة، نفع، وهو مُلَيِّنٌ للطبيعة، مُطَيِّبٌ للنكْهة، وأكثر ُهذا الفعل موجودٌ فى قشره.
وقال غيرُه: خاصية حَبُّه النفع مِن لَسعات العقارب إذا شُرِبَ منه وزنُ مثقالين مقشراً بماء فاتر، وكذلك إذا دُقَّ ووُضِعَ على موضع اللَّدغة.
وقال غيره: حَبُّه يصلُح للسُّموم كُلِّهَا، وهو نافع من لدغ الهوام كلها.
وذُكِرَ أنَّ بعض الأكاسرة غَضِبَ على قوم من الأطباء، فأمر بحبسهم، وخيَّرهم أُدماً لا يزيد لهم عليه، فاختارُوا الأترج، فقيل لهم: لِمَ اخترتموه على غيره ؟ فقالوا: لأنه فى العاجل ريحانٌ، ومنظره مفرح، وقشرُه طيب الرائحة، ولحمه فاكهة، وحَمْضُه أُدم، وحبُّه تِرياق، وفيه دُهنٌ.
وحقيقٌ بشىء هذه منافعه أن يُشَبَّهَ به خلاصةُ الوجود، وهو المؤمن الذى يقرأ القرآن، وكان بعضُ السَّلَف يُحِبُّ النظر إليه لما فى منظره من التفريح.
أَرُزُّ: فيه حديثان باطلان موضوعان على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم ؛ أحدهما: أنه "لو كان رجلاً، لكان حليماً"، الثانى: "كُلُّ شىء أخرجتْه الأرضُ ففيه داءٌ وشفاءٌ إلا الأَرُزَّ: فإنه شفاءٌ لا داءَ فيه" ذكرناهما تنبيهاً وتحذيراً من نسبتهما إليه صلى الله عليه وسلم.
وبعد.. فهو حار يابس، وهو أغْذَى الحُبوبِ بعد الحِنْطَة، وأحمدُها خلطاً، يَشدّ



ص -220- البطن شدّاً يسيراً، ويُقَوِّى المَعِدَة، ويَدبغُها، ويمكثُ فيها. وأطباءُ الهند تزعم أنه أحمدُ الأغذية وأنفعُها إذا طُبِخَ بألبان البقر، وله تأثيرٌ فى خِصب البدن، وزيادةِ المَنِىّ، وكثرةِ التغذية، وتصفيةِ اللون.
أَرْزٌ بفتح الهمزة وسكون الراء: وهو الصَّنَوْبَر. ذكره النبىُّ صلى الله عليه وسلم فى قوله: "مَثَلُ المُؤمِنِ مَثَلُ الخامَةِ من الزرع، تُفيئُها الرِّياحُ، تُقيمُهَا مَرَّةً، وتُميلُهَا أُخْرى، ومَثَلُ المُنَافِقِ مَثَلُ الأَرْزَةِ لا تَزَالُ قائمةً على أصْلِها حتى يكونَ انْجِعَافُها مَرَّةً واحدةً".
وَحَبُّه حار رطب، وفيه إنضاجٌ وتليين، وتحليل، ولذعٌ يَذهب بنقعه فى الماء، وهو عَسِرُ الهضم، وفيه تغذيةٌ كثيرةٌ، وهو جيدٌ للسُّعال، ولتنقيةِ رطوبات الرِّئة، ويَزِيدُ فى المَنِىِّ، ويُولِدُ مغصاً، وتِرْيَاقُه حَبُّ الرُّمان المُزِّ.
إذْخِرٌ: ثبت فى "الصحيح"، عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال فى مكةَ: "لا يُختَلَى خَلاَها"، قال له العباس رضى الله عنه: إلا الإذْخِرَ يا رسولَ اللهِ؛ فإنه لِقَيْنِهم ولبيوتِهِم، فقال: "إلا الإذْخِرَ".
والإذْخِرُ حارٌ فى الثانية، يابسٌ فى الأُولى، لطيف مفتح للسُّددِ، وأفواه العروقُ، يُدرُّ البَوْل والطَّمْث، ويُفَتِّتُ الحصى، ويُحلِّل الأورام الصلبة فى المَعِدَة والكَبِد والكُلْيَتين شرباً وضِماداً، وأصلُه يُقوِّى عمودَ الأسنان والمَعِدَة، ويسكن الغَثَيان، ويَعْقِلُ البطن.

حرف الباء
بِطِّيخٌ: روى أبو داود والترمذىُّ، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأكل البِطيخَ بالرُّطَبِ، يقول: "نَكْسِرُ حَرَّ هَذَا ببَرْدِ هذا، وبَرْدَ هَذا بِحَرِّ هذا".
وفى البِطِّيخ عدةُ أحاديث لا يَصِحُّ منها شىء غيرُ هذا الحديث الواحد، والمرادُ به الأخضر، وهو باردٌ رطب، وفيه جِلاءٌ، وهو أسرعُ انحداراً عن المَعِدَة من القِثَّاء والخيار، وهو سريعُ الاستحالة إلى أى خلط كان صادفه فى المَعِدَة، وإذا كان آكَلُهُ مَحْرُوراً انتفع به جداً، وإن كان مَبْروداً دفع ضررُه بيسير من الزَّنْجَبيل ونحوه،



ص -221- وينبغى أكلُه قبل الطعام، ويُتْبَعُ به، وإلاّ غَثَّى وقيَّأَ. وقال بعض الأطباء: إنه قبل الطعام يَغسلُ البطن غسلاً، ويُذهب بالداء أصلاً.
بَلَحٌ: روى النسائى وابن ماجه فى "سننهما": من حديث هشام ابن عروةَ، عن أبيه، عن عائشةَ رضى الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُوا البلحَ بالتَّمْرِ، فإنَّ الشيطانَ إذا نظرَ إلى ابنِ آدمَ يأكُلُ البَلَحَ بالتمْرِ يقولُ: بَقِىَ ابنُ آدمَ حتى أكَلَ الحَديثَ بالعَتِيق".
وفى رواية: "كُلُوا البَلَحَ بالتَّمَرِ، فإنَّ الشَّيْطانَ يحزَنُ إذا رأى ابنَ آدمَ يأكُلُهُ يقولُ: عاشَ ابنُ آدمَ حتى أكل الجَديدَ بالخَلَقِ" رواه البزار فى "مسنده"، وهذا لفظه.
قلت: الباءُ فى الحديث بمعنى "مع"؛ أى: كُلُوا هذا معَ هذا. قال بعض أطباء الإسلام: إنَّما أمر النبىُّ صلى الله عليه وسلم بأكل البلح بالتمر، ولم يأمُرْ بأكل البُسْر مع التمر، لأن البلحَ بارد يابس، والتمرَ حار رطب، ففى كُلٍّ منهما إصلاحٌ للآخر، وليس كذلك البُسْر مع التَّمْرِ، فإنَّ كُلَّ واحد منهما حارٌ، وإن كانت حرارةُ التمر أكثر، ولا ينبغى من جهة الطِّبِّ الجمعُ بين حارَّين أو باردَين، كما تقدَّم.
وفى هذا الحديث: التنبيهُ على صحةِ أصل صناعة الطب، ومراعاةِ التدبير الذى يصلُح فى دفع كيفيات الأغذية والأدوية بعضِها ببعض، ومراعاةِ القانون الطبى الذى تُحفظ به الصحة.
وفى البلح برودةٌ ويبوسةٌ، وهو ينفع الفمَ واللِّثَة والمَعِدَة، وهو ردىءٌ للصدر والرِّئة بالخشونة التى فيه، بطىءٌ فى المَعِدَة يسيرُ التغذية، وهو للنخلة كالحِصْرِم لشجرة العنب، وهما جميعاً يُولِّدان رياحاً، وقَرَاقِرَ، ونفخاً، ولا سِيَّما إذا شُرب عليهما الماء، ودفعُ مضرتهما بالتَّمْر، أو بالعسل والزُّبد.
بُسْرٌ: ثبت فى "الصحيح": أنَّ أبا الهيثم بن التَّيْهان، لما ضافه النبىُّ صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضى الله عنهما، جاءهم بِعذْقٍ وهو من النخلة كالعُنُقودِ من العنب فقال له: "هلاَّ انتقَيْتَ لنا من رُطَبهِ" فقال: أحببتُ أنْ تَنْتَقُوا من بُسْرِهِ ورُطَبِهِ.
البُسْر: حار يابس، ويُبسه أكثرُ من حرِّه، يُنشِّفُ الرطوبةَ، ويَدْبَغُ المعدة، وَيحبِسُ البطن، وينفع اللِّثة والفم، وأنفعه ما كان هشَّاً وحُلواً، وكثرةُ أكله وأكل البَلح يُحدث السَّدد فى الأحشاء.




 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 01:49 AM   #32
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ص -222- بَيْضٌ: ذكر البيهقى فى "شُعَبِ الإيمان" أثراً مرفوعاً: أنَّ نبياً من الأنبياء شكى إلى الله سبحانه الضعفَ، فأمره بأكل البيض. وفى ثبوته نظرٌ.
يُختار من البيض الحديثُ على العتيق، وبيضُ الدَّجاج على سائر بيض الطير، وهو معتدل يميل إلى البرودة قليلاً.
قال صاحب "القانون": ومُحُّهُ: حار رطب، يُولِّد دماً صحيحاً محموداً، ويُغذى غذاءً يسيراً، ويُسرعُ الانحدارَ من المعدة إذا كان رِخواً.
وقال غيره: مُحُّ البيض: مسكن للألم، مملسٌ للحلق وقصبة الرئة، نافع للحلق والسُّعال وقُروح الرئة والكُلَى والمثانة، مذهِبٌ للخشونة، لا سِيَّما إذا أُخِذَ بدُهن اللَّوز الحلو، ومنضجٌ لما فى الصدر، ملين له، مسهل لخشونة الحلق، وبياضه إذا قُطِرَ فى العين الوارمة ورماً حاراً، برَّده، وسكَّن الوجع، وإذا لُطخ به حرقُ النار أو ما يعرض له، لم يدَعه يتنفَّط، وإذا لُطخ به الوجع، منع الاحتراق العارض من الشمس، وإذا خُلِطَ بالكُنْدُر، ولُطخ على الجبهة، نفع من النزلة.
وذكره صاحب "القانون" فى الأدوية القلبية، ثم قال: وهو وإن لم يكن من الأدوية المطلقة فإنه مما له مدخل فى تقوية القلب جداً، أعنى الصفرةَ، وهى تجمع ثلاثة معان: سرعة الاستحالة إلى الدم، وقِلَّة الفضلة، وكون الدم المتولِّد منه مجانساً للدم الذى يغذو القلبَ خفيفاً مندفعاً إليه بسرعة، ولذلك هو أوفقُ ما يُتلافى به عاديةُ الأمراض المحلِّلة لجوهر الروح.
بَصَلٌ: روى أبو داودَ فى "سننه": عن عائشةَ رضى الله عنها، أنها سُئِلَتْ عن البصل، فقالت: "إنَّ آخرَ طعام أكلَهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كان فيه بَصَلٌ".
وثبت عنه فى "الصحيحين": "أنه منع آكِلَه من دُخُولِ المَسْجِدِ".
والبصل: حار فى الثالثة، وفيه رطوبة فَضليَّة ينفعُ من تغير المياه، ويدفعُ ريحَ السموم، ويفتِّق الشهوة، ويقوِّى المَعِدَة، ويُهَيج الباه، ويزيد فى المَنِىِّ، ويُحسِّن اللَّون، ويقطع البلغم، ويجلُو المَعِدَة، وبِزره يُذهب البَهَق، ويدلَّك به حول داء الثعلب، فينفع جداً، وهو بالملح يقلع



ص -223- الثآلِيل، وإذا شَمَّهُ مَن شَرِب دواءً مسهلاً منعه من القىء والغثيان وأذهب رائحة ذلك الدواء، وإذا استُعِطَ بمائه، نَقَّى الرأس، ويُقطَّر فى الأُذن لثقَل السمع والطَّنين والقيح، والماء الحادث فى الأُذنين، وينفع فى الماء النازل فى العينين اكتحالاً يُكتَحَل ببزره مع العسل لبياض العين، والمطبوخ منه كثيرُ الغذاء ينفع مِن اليَرَقانِ والسُّعال، وخشونةِ الصدر، ويُدِرُّ البَوْل، ويلين الطبع، وينفع مِن عضة الكلب غير الكَلِب إذا نُطِلَ عليها ماؤه بملح وسَذَاب، وإذا احتُمل، فتح أفواهَ البواسير.
فصل: وأما ضررُه: فإنه يورث الشَّقِيقة، ويُصدِّع الرأس، ويُولِّد أرياحاً، ويُظلم البصر، وكثرةُ أكله تُورث النسيان، ويُفسد العقل، ويُغيِّر رائحةَ الفم والنَّكْهة، ويُؤذى الجليسَ، والملائكة، وإماتتُه طبخاً تُذهب بهذه المضرَّاتِ منه.
وفى السنن: أنه صلى الله عليه وسلم "أمَرَ آكِلَه وآكِلَ الثُّومِ أن يُميتَهُما طبخاً".ويُذهب رائحته مضغُ ورق السَّذَاب عليه.
باذِنْجان: فى الحديث الموضوع المختلَق على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"الباذِنجانُ لما أُكِلَ له"، وهذا الكلام مما يُستقبح نسبته إلى آحاد العقلاء، فضلاً عن الأنبياء، وبعد.. فهو نوعان: أبيضُ وأسودُ، وفيه خلاف، هل هو بارد أو حار ؟ والصحيحُ: أنه حار، وهو مُوَلِّد للسوداء والبواسير، والسُّدد والسرطان والجُذام، ويُفسد اللَّون ويُسوِّده، ويُضر بنتن الفم، والأبيضُ منه المستطيل عارٍ من ذلك.

حرف التاء
تَمْرٌ: ثبت فى "الصحيح" عنه صلى الله عليه وسلم: "مَن تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَراتٍ" وفى لفظٍ: "مِن تَمْر العَاليةلم يَضُرَّه ذلك اليَوْمَ سُمٌ ولا سِحْرٌ".
وثبت عَنه أنه قال: "بيتٌ لا تَمْرَ فيه جِيَاعٌ أهْلُهُ".
وثبتَ عنه أنه أكل التَّمرَ بالزُّبدِ، وأكل التَمْرَ بالخبز، وأكله مفرداً.



ص -224- وهو حار فى الثانية، وهل هو رَطب فى الأُولى، أو يابس فيها ؟. على قولين. وهو مقوٍّ للكبد، مُليِّن للطبع، يزيد فى الباه، ولا سِيَّما مع حَبِّ الصَّنَوْبر، ويُبرىء من خشونة الحلق، ومَن لم يعتدْه كأهل البلاد الباردة
فإنهُ يُورث لهم السّدد، ويُؤذى الأسنان، ويهيج الصُّداع. ودفعُ ضرره باللَّوز والخَشْخاش، وهو من أكثر الثمار تغذيةً للبدن بما فيه من الجوهر الحار الرطب، وأكلُه على الريق يقتُل الدود، فإنه مع حرارته فيه قوةٌ تِرْياقيَّة، فإذا أُدِيمَ استعمالُه على الريق، خفَّف مادة الدود، وأضعفه وقلَّله، أو قتله، وهو فاكهة وغذاء، ودواء وشراب وحَلوى.
تِينٌ: لما لم يكن التينُ بأرض الحجاز والمدينة، لم يأتِ له ذكرٌ فى السُّنَّة، فإنَّ أرضَه تُنافى أرضَ النخل، ولكن قد أقسم الله به فى كتابه، لكثرة منافعه وفوائِدِهِ، والصحيح: أنَّ المُقْسَمَ به: هو التينُ المعروف.
وهو حارٌ، وفى رطوبته ويبوسته قولان، وأجوده: الأبيض الناضج القشر، يجلُو رملَ الكُّلَى والمثانة، ويُؤمِّن من السُّموم، وهو أغْذَى من جميع الفواكه وينفع خشونَةَ الحلق والصدر، وقصبة الرئة، ويغسِلُ الكَبِدَ والطِّحَال، ويُنقِّى الخَلْطَ البلغمىَّ من المَعِدَة، ويَغذُو البدن غِذاءً جيداً، إلا أنه يُولِّدُ القملَ إذا أُكثر منه جداً.
ويابسُه يغذىوينفعُ العصب، وهو مع الجَوْز واللَّوز محمودٌ. قال "جالينوسُ": "وإذا أُكل مع الجَوْز والسَّذَاب قبْلَ أخذِ السُّمِّ القاتل، نفع، وحَفِظَ من الضرر"
ويُذكر عن أبى الدَّرْداء: أُهْدِى إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم طبقٌ من تينٍ، فقال:
"كُلُوا"، وأكل منه، وقال: "لو قُلْتُ: إنَّ فاكهةً نزلتْ من الجنَّة قلتُ هذه، لأنَّ فاكهة الجنَّةِ بلا عَجَمٍ، فكُلُوا منها فإنها تَقْطَعُ البَوَاسير، وتنفعُ من النقْرِس". وفى ثبوت هذا نظرٌ.
واللَّحمُ منه أجودُ، ويُعَطِّش المحرورين، ويسكن العطش الكائن عن البلغم المالح، وينفعُ السُّعَال المُزْمن، ويُدِرُّ البَوْل، ويفتحُ سدَدَ الكبد والطِّحَال، ويُوافق الكُلَى والمثانة، ولأكلِه على الريق منفعة عجيبة فى تفتيح مجارى الغذاء، وخصوصاً باللَّوز والجَوْز، وأكلُه مع الأغذية الغليظة ردىءٌ جداً،



ص -225- والتُّوت الأبيض قريبٌ منه، لكنه أقلُّ تغذيةً وأضرُّ بالمَعِدَة.
تَلبينةٌ: قد تقدَّم أنها ماءُ الشَّعير المطحون، وذكرنا منافعها، وأنها أنفعُ لأهل الحجاز من ماء الشَّعِير الصحيح.

حرف الثاء
ثَلْجٌ: ثبت فى "الصحيح" عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللَّهُمَّ اغْسِلْنى مِنْ خطاياىَ بالماءِ والثَّلْجِ والبَرَدِ".
وفى هذا الحديث من الفقه: أنَّ الداء يُداوَى بضده، فإنَّ فى الخطايا من الحرارة والحريق ما يُضاده الثلجُ والبَرَدُ، والماءُ البارد، ولا يقال: إنَّ الماء الحار أبلغُ فى إزالة الوسخ، لأنَّ فى الماء البارد من تصليب الجسم وتقويته ما ليس فى الحار، والخطايا تُوجب أثرين: التدنيس والإرخاء، فالمطلوبُ مداواتها بما ينظِّفُ القلب ويُصْلِّبُهُ، فذكر الماء البارد والثلج والبَرَد إشارةٌ إلى هذين الأمرين. وبعد.. فالثلجُ بارد على الأصح، وغَلِطَ مَن قال: حارٌ، وشُبهته تَولُّد الحيوان فيه، وهذا لا يدل على حرارته، فإنه يتولَّد فى الفواكه الباردة، وفى الخَلِّ، وأما تعطيشه، فلتهييجه الحرارةَ لا لحرارتِه فى نفسه، ويضرُّ المَعِدَة والعصب، وإذا كان وجعُ الأسنانِ من حرارة مفرطة، سَكَّنها.
ثُومٌ: هو قريب من البصل، وفى الحديث: "مَن أكَلَهُما فلْيُمِتْهُمَا طَبْخاً". وأُهدى إليه طعامٌ فيه ثومٌ، فأرسل به إلى أبى أيوب الأنصارىِّ، فقال: يارسولَ الله؛ تَكْرهه وتُرْسِلُ به إلىَّ ؟ فقال: "إنىِّ أُناجى مَنْ لا تُنَاجِى"
وبعد فهو حار يابس في الرابعة، يسخن تسخنياً قوياً، ويجفف تجفيفاً بالغاً، نافع للمبرودين، ولمن مزاجه بلغمي، ولمن أشرف على الوقوع في الفالج، وهو مجفف للمني، مفتح للسدد، محلل للرياح الغليظة، هاضم للطعام، قاطع للعطش، مطلق للبطن، مدر للبول، يقوم في لسع الهوام وجميع الأورام الباردة مقام الترياق، وإذا دق وعمل به



ص -226- منه ضماد على نهش الحيات، أو على لسع العقارب، نفعها وجذب السموم منها، ويسخن البدن، ويزيد في حرارته، ويقطع البلغم، ويحلل النفخ، ويصفي الحلق، ويحفظ صحة أكثر الأبدان، وينفع من تغير المياه، والسعال المزمن، ويؤكل نيئاً ومطبوخاً ومشوياً، وينفع من وجع الصدر من البرد، ويخرج العلق من الحلق وإذا دق مع الخل والملح والعسل، ثم وضع على الضرس المتأكل، فتته وأسقطه، وعلى الضرس الوجع، سكن وجعه. وإن دق منه مقدار درهمين، وأخذ مع ماء العسل، أخرج البلغم والدود، وإذا طلي بالعسل على البهق، نفع.
ومن مضاره: أنه يصدع، ويضر الدماغ والعينين، ويضعف البصر والباه، ويعطش، ويهيج الصفراء، ويجيف رائحة الفم، ويذهب رائحته أن يمضغ عليه ورق السذاب.
ثريد: ثبت في "الصحيحين" عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام".
والثريد وإن كان مركباً، فإنه مركب من خبز ولحم، فالخبز أفضل الأقوات، واللحم سيد الإدام، فإذا اجتمعا لم يكن بعدهما غاية.
وتنازع الناس أيهما أفضل ؟ والصواب أن الحاجة إلى الخبز أكثر وأعم، واللحم أجل وأفضل، وهو أشبه بجوهر البدن من كل ما عداه، وهو طعام أهل الجنة، وقد قال تعالى لمن طلب البقل: والقثاء، والفوم، والعدس، والبصل: {أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير} [البقرة: 62]،
وكثير من السلف على أن الفوم الحنطة، وعلى هذا فالآية نص على أن اللحم خير من الحنطة.

حرف الجيم
جمار: قلب النخل، ثبت في "الصحيحين": عن عبد الله بن عمر قال: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس، إذ أتي بجمار نخلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن من الشجر شجرة مثل الرجل المسلم لا يسقط ورقها.. الحديث". والجمار: بارد يابس في الأولى، يختم القروح، وينفع من نفث الدم، واستطلاق



ص -227- البطن، وغلبه المرة الصفراء، وثائرة الدم، وليس برديء الكيموس، ويغذو غذاء يسيراً، وهو بطيء الهضم، وشجرته كلها منافع، ولهذا مثلها النبي صلى الله عليه وسلم بالرجل المسلم لكثرة خيره ومنافعه.
جبن: في "السنن" عن عبد الله بن عمر قال: "أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في تبوك، فدعا بسكين، وسمى وقطع" رواه أبو داود، وأكله الصحابة رضي الله عنهم بالشام، والعراق، والرطب منه غير المملوح جيد للمعدة، هين السلوك في الأعضاء، يزيد في اللحم، ويلين البطن تلييناً معتدلاً، والمملوح أقل غذاء من الرطب، وهو رديء للمعدة، مؤذ للأمعاء، والعتيق يعقل البطن، وكذا المشوي، وينفع القروح ويمنع الإسهال. وهو بارد رطب، فإن استعمل مشوياً، كان أصلح لمزاجه، فإن النار تصلحه وتعدله، وتلطف جوهره، وتطيب طعمه ورائحته. والعتيق المالح، حار يابس، وشيه يصلحه أيضاً بتلطيف جوهره، وكسر حرافته لما تجذبه النار منه من الأجزاء الحارة اليابسة المناسبة لها، والمملح منه يهزل، ويولد حصاة الكلى والمثانة، وهو رديء للمعدة، وخلطة بالملطفات أردأ بسبب تنفيذها له إلى المعدة.

حرف الحاء
حناء: قد تقدمت الأحاديث في فضله، وذكر منافعه، فأغنى عن إعادته.
حبة السوداء: ثبت في "الصحيحين": من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "عليكم بهذة الحبة السوداء، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام". السام: الموت.
الحبة السوادء: هي الشونيز في لغة الفرس، وهي الكمون الأسود، وتسمى الكمون الهندي، قال الحربي، عن الحسن: إنها الخردل، وحكى الهروي: أنها الحبة الخضراء ثمرة البطم، وكلاهما وهم، والصواب: أنها الشونيز.
وهي كثيرة المنافع جداً، وقوله: "شفاء من كل داء"، مثل قوله تعالى: {تدمر كل



ص -228- شيء بأمر ربها} [الأحقاف: 25] أي: كل شيء يقبل التدمير ونظائره، وهي نافعة من جميع الأمراض الباردة، وتدخل في الأمراض الحارة اليابسة بالعرض، فتوصل قوى الأدوية الباردة الرطبة إليها بسرعة تنفيذها إذا أخذ يسيرها.
وقد نص صاحب "القانون" وغيره، على الزعفران في قرص الكافور لسرعة تنفيذه وإيصاله قوته، وله نظائر يعرفها حذاق الصناعة، ولا تستبعد منفعة الحار في أمراض حارة بالخاصية، فإنك تجد ذلك في أدوية كثيرة، منها: الأنزروت وما يركب معه من أدوية الرمد، كالسكر وغيره من المفردات الحارة، والرمد ورم حار باتفاق الأطباء، وكذلك نفع الكبريت الحار جداً من الجرب.
والشونيز حار يابس في الثالثة، مذهب للنفخ، مخرج لحب القرع، نافع من البرص وحمى الربع، والبلغمية مفتح للسدد، ومحلل للرياح، مجفف لبلة المعدة ورطوبتها. وان دق وعجن بالعسل، وشرب بالماء الحار، أذاب الحصاة التي تكون في الكليتين والمثانة، ويدر البول والحيض واللبن إذا أديم شربه أياماً، وإن سخن بالخل، وطلي على البطن، قتل حب القرع، فإن عجن بماء الحنظل الرطب، أو المطبوخ، كان فعله في إخراج الدود أقوى، ويجلو ويقطع، ويحلل، ويشفي من الزكام البارد إذا دق وصير في خرقة، واشتم دائماً، أذهبه.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 01:50 AM   #33
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ودهنه نافع لداء الحية، ومن الثآليل والخيلان، وإذا شرب منه ثقال بماء، نفع من البهر وضيق النفس، والضماد به ينفع من الصداع البارد، وإذا نقع منه سبع حبات عدداً في لبن امرأة، وسعط به صاحب اليرقان، نفعه نفعاً بليغاً.
وإذا طبخ بخل، وتمضمض به، نفع من وجع الأسنان عن برد، وإذا استعط به مسحوقاً، نفع من ابتداء الماء العارض في العين، وإن ضمد به مع الخل، قلع البثور والجرب المتقرح، وحلل الأورام البلغمية المزمنة، والأورام الصلبة، وينفع من اللقوة إذا تسعط بدهنه، وإذا شرب منه مقدار نصف مثقال إلى مثقال، نفع من لسع الرتيلاء، وإن سحق ناعماً وخلط بدهن الحبة الخضراء، وقطر منه في الأذن ثلاث قطرات، نفع من البرد العارض فيها والريح والسدد.
وإن قلي، ثم دق ناعماً، ثم نقع في زيت، وقطر في الأنف ثلاث قطرات أو أربع، نفع من الزكام العارض معه عطاس كثير.
وإذا أحرق وخلط بشمع مذاب بدهن السوسن، أو دهن الحناء، وطلي به القروح الخارجة من الساقين بعد غسلها بالخل، نفعها وأزال القروح.



ص -229- وإذا سحق بخل، وطلي به البرص والبهق الأسود، والحزاز الغليظ، نفعها وأبرأها.
وإذا سحق ناعماً، واستف منه كل يوم درهمين بماء بارد من عضه كلب كلب قبل أن يفرغ من الماء، نفعه نفعاً بليغاً، وأمن على نفسه من الهلاك. وإذا استعط بدهنه، نفع من الفالج والكزاز، وقطع موادهما، وإذا دخن به، طرد الهوام.
وإذا أذيب الأنزروت بماء، ولطخ على داخل الحلقة، ثم ذر عليها الشونيز، كان من الذرورات الجيدة العجيبة النفع من البواسير، ومنافعه أضعاف ما ذكرنا، الشربة منه درهمان، وزعم قوم أن الإكثار منه قاتل.
حرير: قد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم أباحه للزبير، ولعبد الرحمن بن عوف من حكة كانت بهما، وتقدم منافعه ومزاجه، فلا حاجة إلى إعادته.
حرف: قال أبو حنيفة الدينوري: هذا هو الحب الذي يتداوى به، وهو الثفاء الذي جاء فيه الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونباته يقال له: الحرف، وتسميه العامة: الرشاد، وقال أبو عبيد: الثفاء: هو الحرف.
قلت: والحديث الذي أشار إليه، ما رواه أبو عبيد وغيره، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ماذا في الأمرين من الشفاء ؟ الصبر والثفاء" رواه أبو داود في المراسيل.
وقوته في الحرارة واليبوسة في الدرجة الثالثة، وهو يسخن، ويلين البطن، ويخرج الدود وحب القرع، ويحلل أورام الطحال، ويحرك شهوة الجماع، ويجلو الجرب المتقرح والقوباء.وإذا ضمد به مع العسل، حلل ورم الطحال، وإذا طبخ مع الحناء أخرج الفضول التي في الصدر، وشربه ينفع من نهش الهوام ولسعها،
وإذا دخن به في موضع، طرد الهوام عنه، ويمسك الشعر المتساقط، وإذا خلط بسويق الشعير والخل، وتضمد به، نفع من عرق النسا، وحلل الأورام الحارة في آخرها.



ص -230- وإذا تضمد به مع الماء والملح أنضج الدماميل، وينفع من الاسترخاء في جميع الأعضاء، ويزيد في الباه، ويشهي الطعام، وينفع الربو، وعسر التنفس، وغلظ الطحال، وينقي الرئة، ويدر الطث، وينفع من عرق النَّسا، ووجع حقِّ الوَرِك مما يخرج من الفضول، إذا شرب أو احتقن به، ويجلو ما في الصدر والرئة من البلغم اللزج.
وإن شرب منه بعد سحقه وزن خمسة دراهم بالماء الحار، أسهل الطبيعة، وحلل الرياح، ونفع من وجع القولنج البارد السبب، وإذا سحق وشرب، نفع من البرص.
وإن لطخ عليه وعلى البهق الأبيض بالخل، نفع منهما، وينفع من الصداع الحادث من البرد والبلغم، وإن قلي، وشرب، عقل الطبع لا سيما إذا لم يسحق لتحلل لزوجته بالقلي، وإذا غسل بمائه الرأس، نقاه من الأوساخ والرطوبات اللزجة.
قال جالينوس: قوته مثل قوة بزر الخردل، ولذلك قد يسخن به أوجاع الوَرِك المعروفة بالنَّسا، وأوجاع الرأس، وكل واحد من العلل التي تحتاج إلى تسخين، كما يسخن بزر الخردل، وقد يخلط أيضاً في أدوية يسقاها أصحاب الربو من طريق أن الأمر فيه معلوم أنه يقطع الأخلاط الغليظة تقطيعاً قوياً، كما يقطعها بزر الخردل، لأنه شبيه به في كل شيء.
حلبة: يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه عاد سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بمكة، فقال: ادعوا لي طبيباً، فدعي الحارث بن كلدة، فنظر إليه فقال: ليس عليه بأس، فاتخذوا له فريقة، وهي الحلبة مع تمر عجوة رطب يطبخان، فيحساهما، ففعل ذلك، فبرئ وقوة الحلبة من الحرارة في الدرجة الثانية، ومن اليبوسة في الأولى، وإذا طبخت بالماء، لينت الحلق والصدر والبطن، وتسكن السعال والخشونة والربو، وعسر النفس، وتزيد في الباه، وهي جيدة للريح والبلغم والبواسير، محدرة الكيموسات المرتبِكَة في الأمعاء، وتحلل البلغم اللزج من الصدر، وتنفع من الدبيلات وأمراض الرئة، وتستعمل لهذا الأدواء في الأحشاء مع السمن والفانيذ.
وإذا شربت مع وزن خمسة دراهم فُوةٍ، أدرت الحيض، وإذا طبخت، وغسل بها الشعر جعدته، وأذهبت الحزاز.



ص -231- ودقيقها إذا خلط بالنطرون والخل، وضمد به، حلل ورم الطحال، وقد تجلس المرأة في الماء الذي طبخت فيه الحلبة، فتنتفع به من وجع الرحم العارض من ورم فيه. وإذا ضمد به الأورام الصلبة القليلة الحرارة، نفعتها وحللتها، وإذا شرب ماؤها، نفع من المغص العارض من الرياح، وأزلق الأمعاء.
وإذا أكلت مطبوخة بالتمر، أو العسل، أو التين على الريق، حللت البلغم اللزج العارض في الصدر والمعدة، ونفعت من السعال المتطاول منه.
وهي نافعة من الحصر، مطلقة للبطن، وإذا وضعت على الظفر المتشنج أصلحته، ودهنها ينفع إذا خلط بالشمع من الشقاق العارض من البرد، ومنافعها أضعاف ما ذكرنا.
ويذكر عن القاسم بن عبد الرحمن، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استشفوا بالحلبة" وقال بعض الأطباء: لو علم الناس منافعها، لاشتروها بوزنها ذهباً.

حرف الخاء
خُبْزٌ: ثبت فى "الصحيحين"، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "تكونُ الأَرضُ يَوْمَ القِيَامَةِ خُبْزَةً واحدةً يَتَكَفَّؤُها الجبَّارُ بيده كما يَكْفُؤُ أَحَدُكُم خُبْزَتَه فى السَّفَر نُزُلاً لأهل الجنَّةِ".
وروى أبو داود فى "سننه": من حديث ابن عباس رضى الله عنهما، قال: "كان أحبَّ الطعامِ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الثريدُ مِن الخُبز"،والثريدُ من الحَيْس.
وروى أبو داود فى (سننه) أيضا، من حديث ابن عمر رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَدِدْتُ أنَّ عندى خُبْزَةً بَيضاءَ من بُرَّةٍ سَمْراءَ مُلَبَّقَةٍ بسَمْنٍ ولَبنٍ"، فقام رجلٌ من القوم فاتخذه، فجاء به، فقال: "فى أىِّ شىءٍ كان هذا السَّمْنُ" ؟ فقال: فى عُكَّةِ ضَبٍّ. فقال: "ارفَعْهُ".
وذكر البيهقى من حديث عائشة رضى الله عنها ترفعه: "أكرِمُوا الخُبْزَ، ومِنْ كرامتِه أن لا يُنتظرَ به الإدامُ". والموقوف أشْبَهُ، فلا يثبت رفعُه، ولا رفعُ ما قبله.
وأما حديثُ النهى عن قطع الخبز بالسكين، فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم



ص -232- ، وإنما المروىُّ: النهى عن قطع اللَّحم بالسِّكِّين، ولا يَصِحُّ أيضاً.
قال مُهَنَّا: "سألتُ أحمد عن حديث أبى معشرٍ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضى الله عنها، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: "لا تقطعوا اللَّحْمَ بالسِّكِّين، فإن ذلك من فِعْلِ الأعاجِم". فقال: ليس بصحيح، ولا يُعرف هذا، وحديثُ عمرو بن أُميَّةَ خلاف هذا، وحديثُ المغيرة يعنى بحديث عمرو بن أُمية: كان النبىُّ صلى الله عليه وسلم يحتزُّ مِن لحم الشاة. وبحديث المغيرة أنه لمَّا أضافه أمَرَ بِجَنْبٍ فشُوِىَ، ثم أخذَ الشَّفْرَةَ، فجعل يَحُزُّ.
فصل
وأحمدُ أنواع الخبز أجودُها اختماراً وعجناً، ثم خبزُ التَّنُّور أجودُ أصنافه، وبعدَه خبزُ الفرن، ثم خبزُ المَلَّة فى المرتبة الثالثة، وأجودُه ما اتُّخِذَ من الحنطة الحديثة.
وأكثرُ أنواعه تغذيةً خبزُ السَّميذ، وهو أبطؤها هضماً لِقلَّة نخالته، ويتلُوه خبز الحُوَّارَى، ثم الخُشْكَار.
وأحمدُ أوقات أكله فى آخِر اليوم الذى خُبِزَ فيه، والليِّنُ منه أكثر تلييناً وغذاءً وترطيباً وأسرع انحداراً، واليابسُ بخلافه.
ومزاج الخبز من البُرِّ حار فى وسط الدرجة الثانية، وقريبٌ من الاعتدال فى الرطوبة واليُبُوسة، واليُبسُ يَغْلِبُ على ما جفَّفَتْه النارُ منه، والرطوبة على ضده.
وفى خبز الحِنْطة خاصيَّةٌ، وهو أنه يُسمِّن سريعاً، وخبز القطائف يُوَلِّد خلطاً غليظاً، والفَتيتُ نفَّاخ بطىءُ الهضم، والمعمول باللَّبن مسدِّد كثير الغذاء، بطىء الانحدار.
وخبزُ الشعير بارد يابس فى الأُولى، وهو أقل غذاءً من خبزَ الحِنْطة.
خَلٌ: روى مسلم فى "صحيحه": عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما، أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سأل أهلَه الإدَامَ، فقالوا: ما عندنَا إلا خَلٌ، فدعا به، وجعل يأكُلُ ويقول: "نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ، نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ".
وفى "سنن ابن ماجه" عن أُمِّ سعد رضى الله عنها عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم:
"نِعْمَ الإدَامُ الخَلُّ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فى الخَلِّ، فإنه كان إدامَ الأنبياء قبلى، ولَمْ يَفْتَقِر بيتٌ فيه الخَلُّ".



ص -233- الخَل: مركَّب من الحرارة، والبرودة أغلبُ عليه، وهو يابس فى الثالثة، قوىُّ التجفيف، يمنع من انصباب المواد، ويُلطِّف الطبيعة، وخَلُّ الخمر ينفع المعدة الملتهبة، ويَقْمَعُ الصَّفْرَاء، ويدفع ضَرَر الأدوية القتَّالة، ويُحَلِّل اللَّبنَ والدم إذا جَمَدا فى الجوف، وينفع الطِّحَالَ، ويدبغ المَعِدة، ويَعقِلُ البطن، ويقطعُ العطش، ويمنع الورمَ حيث يُريد أن يحدث، ويُعين على الهضم، ويُضاد البلغم، ويُلطِّف الأغذية الغليظة، ويُرِقُّ الدم.
وإذا شُرِب بالملح، نفع من أكل الفُطُر القتَّال، وإذا احتُسى، قطع العلق المتعلق بأصل الحنَكِ، وإذ تُمضمض به مُسَخَّناً، نفع من وجع الأسنان، وقوَّى اللِّثَة.
وهو نافع للدَّاحِس، إذا طُلِىَ به، والنملةِ والأورام الحارة، وحرق النار، وهو مُشَهٍّ للأكل، مُطيِّب للمَعِدة، صَالح للشباب، وفى الصيف لسكان البلاد الحارة.
خِلاَلٌ: فيه حديثان لا يَثبُتان، أحدهما: يُروى من حديث أبى أيوب الأنصارىِّ يرفعه:
"يا حَبَّذَا المُتَخَلِّلونَ من الطَّعَام، إنه ليس شىءٌ أشدَّ على المَلَكِ من بَقيَّةٍ تَبْقَى فى الفم من الطَّعَامِ"، وفيه واصلُ بن السائب، قال البخارى والرازى: منكر الحديث، وقال النسائى والأَزْدِى: متروك الحديث.
الثانى: يُروى من حديث ابن عباس، قال عبد الله بن أحمد: سألت أبى عن شيخ روى عنه صالحٌ الوُحَاظىُّ يقال له: محمد بن عبد الملك الأنصارى، حدَّثنا عطاءُ عن ابن عباس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُتَخَلَلَ باللِّيط والآس، وقال: "إنهما يسقيان عُروقَ الجُذَام"، فقال أبى: رأيتُ محمد ابن عبد الملك وكان أعمى يضعُ الحديث ويكذب.
وبعد.. فالخِلالُ نافع لِلِّثة والأسنان، حافظ لصحتها، نافع من تغير النكهة، وأجودُه ما اتُّخِذَ من عيدان الأخِلة، وخشب الزيتون والخِلاف، والتخللُ بالقصب والآس والرَّيحان والباذروج مُضِرٌ.

حرف الدال
دُهْنٌ: روى الترمذى فى كتاب "الشمائل" من حديث أنس بن مالك رضى الله



ص -234- عنهما، قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ دُهْنَ رأسِهِ، وتسريحَ لِحيته، وُيكْثِرُ القِنَاعَ كأن ثَوْبَه ثَوْبُ زَيَّاتٍ".
الدُّهن يسد مسامَ البدن، ويمنع ما يتحلَّل منه، وإذا استُعْمِلَ بعد الاغتسال بالماء الحار، حسَّنَ البدنَ ورطَّبَهُ، وإن دُهن به الشَّعر حسَّنه وطوَّله، ونفع من الحَصْبَةِ، ودفع أكثر الآفاتِ عنه.
وفى الترمذى: من حديث أبى هريرة رضى الله عنه مرفوعاً: "كُلُوا الزِّيْتَ وادَّهِنُوابه".. وسيأتى إن شاء الله تعالى.
والدُّهْن فى البلاد الحارة كالحجاز ونحوه من آكد أسباب حفظ الصحة وإصلاح البدن، وهو كالضرورى لهم، وأما البلادُ الباردة، فلا يحتاجُ إليه أهلُها، والإلحاح به فى الرأس فيه خطرٌ بالبصر.
وأنفع الأدهان البسيطة: الزيت، ثم السمن، ثم الشَّيْرَج.
وأما المركَّبة: فمنها بارد رطب، كدُهن البنفسج ينفع من الصُّداع الحار، ويُنوِّم أصحاب السهر، ويُرطِّبُ الدماغ، وينفعُ مِن الشُّقاق، وغلبة اليبس، والجفاف، ويُطلَى به الجرب، والحِكَّة اليابسة فينفعُها، ويُسَهِّلُ حركة المفاصل، ويصلح لأصحاب الأمزجة الحارة فى زمن الصيف، وفيه حديثان باطلان موضوعان على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أحدُهما: "فضلُ دُهن البَنَفْسَج على سائر الأدهان، كَفَضْلى على سائرِ الناس". والثانى: "فضلُ دُهن البنفسَج على سائر الأدهان، كفضل الإسلام على سائر الأديان".
ومنها: حارٌ رطب، كدُهْن البان، وليس دُهنَ زهره، بل دُهن يُستخرج من حبٍّ أبيض أغبرَ نحو الفُسْتق، كثيرِ الدُّهنية والدسم، ينفع من صلابة العصب، ويُليِّنه، وينفع من البَرَش، والنَّمَش، والكَلَفِ، والبَهَقِ، ويُسَهِّلُ بلغماً غليظاً، ويُلين الأوتار اليابسة، ويُسخِّن العصب، وقد رُوى فيه حديث باطل مختلَق لا أصل له: "ادَّهِنُوا بالبانِ، فإنه أحظى لكم عند


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 01:50 AM   #34
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


نسائكم".ومن منافعه أنه يَجلو الأسنان، ويُكسبَها بهجةً، ويُنَقِّيَها من الصدأ، وَمَن مسح به وجهَه وأطرافه لم يُصبه حصىً ولا شُقاق، وإذا دهن به حِقْوَه ومذَاكِيره وما والاها، نفع



ص -235- من برد الكُليَتَين، وتقطير البَوْل.

حرف الذال
ذَرِيرَةٌ: ثبت فى "الصحيحين": عن عائشة رضى الله عنها قالت: "طَيَّبتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بيدى، بذَرِيرَةٍ فى حَجَّةِ الوَدَاع لِحَلِّه وإحرامِهِ".
تقدم الكلام فى الذَّريرة ومنافعها وماهِيتها، فلا حاجة لإعادته.
ذُبَابٌ: تقدَّم فى حديث أبى هريرة المتفق عليه فى أمره صلى الله عليه وسلم بِغَمْسِ الذُّباب فى الطعام إذا سقط فيه لأجل الشِّفَاء الذى فى جناحه، وهو كالتِّرْياق للسُّمِّ الذى فى الجناح الآخر، وذكرنا منافع الذُّباب هناك.
ذَهَبٌ: روى أبو داود، والترمذى: "أنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّص لعَرْفَجَةَ ابن أسعدَ لَمَّا قُطع أنفُهُ يومَ الكُلاب، واتَّخَذَ أنفاً من وَرِقٍ، فأَنْتَن عليه، فأمَرَه النبىُّ صلى الله عليه وسلم أن يَتَّخِذَ أنفاً من ذَهبٍ". وليس لعَرْفَجَةَ عندهم غيرُ هذا الحديث الواحد.
الذهبُ: زينةُ الدنيا، وطِلَّسْمُ الوجود، ومفرِّح النفوس، ومقوِّى الظُّهور، وسِرُّ اللهِ فى أرضه، ومزاجُه فى سائر الكيفيات، وفيه حرارةٌ لطيفة تدخل فى سائر المعجونات اللطيفة والمفرحات، وهو أعدل المعادن على الإطلاق وأشرفُها.
ومن خواصه أنه إذا دُفِنَ فى الأرض، لم يضره الترابُ، ولم يَنقُصه شيئاً، وبُرَادتُهُ إذا خُلِطت بالأدوية، نفعتْ من ضعف القلب، والرَّجَفَان العارض من السوداء، وينفع من حديث النَفْس، والحزن، والغم، والفزع، والعشق، ويُسمِّن البدن، ويُقوِّيه، ويُذهب الصفار، ويُحسِّنِ اللَّون، وينفع من الجُذَام، وجميعِ الأوجاعِ والأمراض السَّوْدَاوِيَّةِ، ويَدخل بخاصيَّة فى أدوية داء الثعلب، وداء الحية شُرباً وطِلاءً، ويجلو العَيْن ويُقوِّيها، وينفع من كثير من أمراضها، ويُقوِّى جميع الأعضاء.
وإمساكُهُ فى الفم يُزيل البَخر، وَمَن كان به مرض يَحتاج إلى الَكىِّ، وكُوِىَ به، لم يتنفطْ موضِعُهُ، وَيَبرأْ سريعاً، وإن اتَّخذ منه ميلاً واكتَحَلَ به، قَوَّى العَيْن وجَلاها، وإن اتَّخذ منه خاتمٌ فَصُّه منه وأُحمىَ، وكُوِىَ به قَوَادِمُ أجنحةِ الحمَام، ألِفَتْ أبراجَها، ولم تنتقِلْ عنها.



ص -236- وله خاصيَّة عجيبة فى تقوية النفوس، لأجلِها أُبِيحَ فى الحرب والسِّلاحِ منه ما أُبيح، وقد روى الترمذى من حديث مَزِيدَة العَصَرى رضى الله عنه، قال: دخل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ الفَتْح، وعلى سيفِهِ ذَهَبٌ وفِضةٌ.
وهو معشوقُ النفوس التى متى ظَفِرَتْ به، سلاها عن غيره من محبوباتِ الدنيا، قال تعالى:{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأنْعَامِ وَالْحَرْثِ}[آل عمران: 14].
وفى "الصحيحين": عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: "لو كان لابنِ آدَمَ وادٍ من ذَهبٍ لابْتَغَى إليه ثانياً، ولو كان له ثانٍ، لابتَغَى إليه ثالثاً، ولا يَملأُ جَوفَ ابنِ آدَمَ إلاَّ التُّرَابُ، وَيتوبُ اللهُ عَلى مَن تابَ".
هذا وإنه أعظم حائلٍ بيْنَ الخلِيقةِ وبيْنَ فوزِهَا الأكبر يومَ مَعَادها، وأعظمُ شىء عُصِىَ اللهُ به، وبه قُطِعَتِ الأرحامُ، وأُرِيقتِ الدِّماءُ، واستُحِلَّتِ المحارمُ، ومُنِعَتِ الحقوق، وتَظَالَمَ العباد، وهو المُرَغِّب فى الدنيا وعاجِلِها، والْمزَهِّد فى الآخرة وما أعدَّه اللهُ لأوليائه فيها، فكم أُمِيتَ به من حقٍّ، وأُحيِىَ به من باطلٍ، ونُصِرَ به ظالمٌ، وقُهِرَ به مظلومٌ. وما أحسن ما قال فيه الحَرِيرىُّ:

تَبَّاً لَهُ مِنْ خَادِعٍ مُمَاذِقِ أصْفَرَ ذِى وَجْهَيْنِ كالْمُنَافِقِ

يَبْدُو بوَصْفَيْنِ لِعَينِ الرَّامِقِ زِينَة مَعشُوقٍ وَلَوْنِ عاشِقِ

وَحُبُّهُ عِنْدَ ذَوِى الْحَقَائِقِ يَدْعُو إلى إرْتِكَابِ سُخْطِ الْخالِقِ

لَوْلاَهُ لَمْ تُقْطَعْ يَمينُ السَّارِقِ وَلاَ بَدَتْ مَظْلِمَةٌ من فاسِقِ

وَلاَ اشْمأَزَّ باخِلٌ مِنْ طَارِقِ وَلاَ اشتكى الْمَمْطُولُ مَطْلَ الْعَائِقِ

وَلا اسْتُعِيذَ من حَسُودٍ رَاشِقِ وَشَرُّ ما فِيهِ مِنَ الْخَلاَئِقِ

أنْ ليْسَ يُغْنِى عَنْكَ فى الْمَضَايِقِ إلاَّ إذَا فَرَّ فِرَارَ الآبقِ



ص -237- حرف الراء
رُطَبٌ: قال الله تعالى لمريَمَ: {وَهُزِّى إلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْناً}[مريم: 25].
وفى "الصحيحين" عن عبد الله بن جعفر، قال: "رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكُلُ القِثَّاءَ بالرُّطَبِ".
وفى "سنن أبى داود"، عن أنس قال: "كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ على رُطَباتٍ قَبْلَ أن يُصَلِّىَ، فإنْ لم تكُنْ رُطباتٍ فتمراتٍ، فإن لم تكن تَمَراتٍ، حَسَا حسْوَاتٍ من ماءٍ".
طبْعُ الرُّطَبِ طبعُ المياه حار رَطب، يُقوِّى المعدة الباردة ويُوافقها، ويزيد فى الباه، ويُخصِبُ البدنَ، ويوافق أصحابَ الأمزجة الباردة، ويَغذُو غِذاءً كثيراً.
وهو مِن أعظم الفاكهة موافقةً لأهلِ المدينة وغيرِها من البلاد التى هو فاكهتُهم فيها، وأنفعها للبدن، وإن كان مَن لم يَعْتَدْهُ يُسرعُ التعفُّن فى جسده، ويَتولَّدُ عنه دم ليس بمحمود، ويحدث فى إكثاره منه صُدَاعٌ وسوداءٌ، ويُؤذى أسنانه، وإصلاحُه بالسَّكنْجَبِين ونحوه.
وفى فِطر النبى صلى الله عليه وسلم من الصوم عليه، أو على التمر، أو الماء تدبيرٌ لطيفٌ جداً، فإن الصوم يُخلى المعدة من الغذاء، فلا تَجِدُ الكبدُ فيها ما تَجذِبُه وتُرسله إلى القُوَى والأعضاء، والحلوُ أسرع شىء وصولاً إلى الكبد، وأحبُّه إليها، ولا سِيَّما إن كان رطباً، فيشتدُّ قبولها له، فتنتفع به هى والقُوَى، فإن لم يكن، فالتمرُ لحلاوته وتغذيته، فإن لم يكن، فحسواتُ الماء تُطفىء لهيبَ المعدة، وحرارة الصوم، فتنتبهُ بعده للطعام، وتأخذه بشهوة.
رَيْحانٌ: قال تعالى: {فَأَمَّا إن كَانَ مِنَ المُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ}[الواقعة: 88]. وقال تعالى: {وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ}[الرحمن: 12]
وفى "صحيح مسلم" عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: "مَن عُرِضَ عليه رَيْحَانٌ، فَلا يَرُدَّهُ، فإنَّه خَفيفٌ المَحْمِلِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ".



ص -238- وفى "سنن ابن ماجه": من حديث أُسامةَ رضى الله عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألا مُشَمِّرٌ للجَنَّةِ، فإنَّ الجَنَّةَ لا خَطَرَ لها، هى وربِّ الكَعْبَةِ، نُورٌ يَتَلأْلأُ، وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُّ، وقَصْرٌ مَشِيدٌ، ونَهْرٌ مُطَّرِدٌ، وَثَمَرَةٌ نَضِيجَةٌ، وَزَوْجةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلةٌ، وحُلَلٌ كثيرةٌ فِى مَقَامٍ أَبَداً، فى حَبْرَةٍ وَنَضْرَةٍ، فى دُورٍ عالية سليمة بهيَّة"، قالوا: نعمْ يا رسول الله، نحن المشمِّرون لها، قال: "قولوا: إنْ شاء الله تعالى"، فقال القوم: إنْ شاء الله.
الرَّيحان: كلُّ نبت طيِّب الريح، فكلُّ أهل بلد يخصونه بشىء من ذلك، فأهلُ الغرب يخصونه بالآس، وهو الذى يعرِفُه العرب من الرَّيحان، وأهلُ العراق والشام يخصُّونه بالحَبَق.
فأما الآسُ، فمزاجُه بارد فى الأُولى، يابس فى الثانية، وهو مع ذلك مركَّب من قُوَى متضادة، والأكثرُ فيه الجوهرُ الأرضىُّ البارد، وفيه شىءٌ حار لطيف، وهو يُجفِّف تجفيفاً قوياً، وأجزاؤه متقاربةُ القُوَّة، وهى قوةٌ قابضة حابسة من داخل وخارج معاً.
وهو قاطع للإسهال الصفراوىّ، دافع للبخار الحار الرَّطب إذا شُمَّ، مفرِّح للقلب تفريحاً شديداً، وشمُّه مانع للوباء، وكذلك افتراشُه فى البيت.
ويُبرىء الأورام الحادثة فى الحالِبَيْن إذا وُضع عليها، وإذا دُقَّ ورقُه وهو غَضٌ وضُرِبَ بالخل، ووُضِعَ على الرأس، قطع الرُّعاف، وإذا سُحِقَ ورقه اليابس، وذُرَّ على القروح ذواتِ الرطوبة نفعها، ويُقوِّى الأعضاء الواهية إذا ضُمِّدَ به، وينفع داء الداحِس، وإذا ذُرَّ على البثورِ والقروحِ التى فى اليدين والرِّجْلين، نفعها.
وإذا دُلِكَ به البدنُ قطع العَرَق، ونشَّفَ الرطوباتِ الفضلية، وأذهب نَتْنَ الإبط، وإذا جُلس فى طبيخه، نفع من خراريج المَقْعدة والرَّحم، ومن استرخاء المفاصل، وإذا صُبَّ على كسور العِظام التى لم تَلتحِمْ، نفعها.
ويجلو قشورَ الرأس وقروحَه الرَّطبة، وبُثورَه، ويُمسِكُ الشعر المتساقط ويُسَوِّدُه، وإذا دُقَّ ورقُه، وصُبَّ عليه ماء يسير، وخُلِطَ به شىءٌ من زيت أو دُهن الورد، وضُمِّدَ به، وافق القُروح الرَّطبة والنملة والحُمْرة، والأورام الحادة، والشرى والبواسير.
وحَبُّه نافع من نفْث الدم العارض فى الصدر والرِّئة، دابغٌ للمَعِدَة وليس بضارٍّ للصدر ولا الرئة لجلاوته، وخاصيتُه النفعُ من اسْتِطلاق البطن مع السُّعال، وذلك نادر فى الأدوية، وهو مُدِرٌ للبَوْل، نافع من لذع المثانة، وعضِّ الرُّتَيْلاء، ولسْع العقارب، والتخلل بعِرْقه مُضِر، فليُحذَر.



ص -239- وأما الرَّيحانُ الفارسىُّ الذى يُسمَّى الحَبَق، فحارٌ فى أحد القولين، ينفع شمُّه من الصُّداع الحار إذا رُشَّ عليه الماء، ويبرد، ويرطب بالعرض، وباردٌ فى الآخر، وهل هو رطب أو يابس ؟ على قولين. والصحيحُ: أنَّ فيه من الطبائع الأربع، ويَجْلِبُ النوم، وبزره حابس للإسهال الصفراوىِّ، ومُسَكِّن للمغص، مُقَوٍّ للقلب، نافع للأمراض السوداويَّة.
رُمَّانٌ: قال تعالى:{فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ}[الرحمن: 68]
ويُذكر عن ابن عباس موقوفاً ومرفوعاً: "ما مِن رُمَّانٍ من رُمَّانِكم هذا إلا وهو مُلقَّحٌ بحبَّةٍ من رُمَّانِ الجَنَّةِ" والموقوفُ أشْبَهُ. وذكر حَربٌ وغيره عن علىٍّ أنه قال: "كُلُوا الرُّمَّانَ بِشحْمِه، فإنه دباغُ المَعِدَةِ".
حلوُ الرُّمَّان حار رطب، جيدٌ للمَعِدَة، مقوٍ لها بما فيه من قبْضٍ لطيف، نافع للحلق والصدر والرِّئة، جيدٌ للسُّعال، وماؤه مُلَيِّن للبطن، يَغْذى البدن غِذاءً فاضلاً يسيراً، سريعُ التحلُّل لرِّقَّته ولطافته، ويُولِّد حرارة
يسيرة فى المعدة وريحاً، ولذلك يُعين على الباه، ولا يصلح للمَحْمُومين، وله خاصيَّة عجيبة إذا أُكل بالخبز يمنعه من الفساد فى المعدة.وحامضه بارد يابس، قابض لطيف، ينفع المَعِدَة الملتهبة، ويُدِرُّ البَوْل أكثرَ من غيره من الرُّمَّان، ويُسكِّنُ الصَّفْراء، ويقطع الإسهال، ويمنع القىء، ويُلطِّف الفضول، ويُطفىءُ حرارة الكبد، ويُقَوِّى الأعضاء، نافع من الخَفَقان الصَّفراوى، والآلام العارضة للقلب، وفم المعدة، ويُقوِّى المَعِدَة، ويدفع الفُضول عنها، ويُطفئُ المِرَّة الصفراء والدم
وإذا استُخرجَ ماؤه بشَحْمه، وطُبِخَ بيسير من العسل حتى يصير كالمرهم، واكتُحِلَ به، قطع الصفرة من العَيْن، ونقَّاها من الرطوبات الغليظة، وإذا لُطخ على اللِّثَة، نفع من الأَكلة العارضة لها، وإن استُخرج ماؤهما بشحمهما، أطلَق البطن، وأحْدَر الرُّطوباتِ العَفِنَةَ المُرِّية، ونفع مِن حُميَّات الغب المُتطاوِلة.
وأما الرُّمَّان المزُّ، فمتوسط طبعاً وفعلاً بين النوعين، وهذا أمْيَلُ إلى لطافة الحامض قليلاً، وحَبُّ الرُّمَّان مع العسل طِلاءٌ للداحِس والقروح الخبيثة، وأقماعُه للجراحات، قالوا: ومَن ابتلع ثلاثةً من جُنبُذِ الرُّمَّان فى كل سنة، أمِنَ مِنَ الرَّمد سنته كلَّها.



ص -240- حرف الزاي
زَيْتٌ: قال تعالى: {يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِىءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}[النور: 35]
وفى الترمذىِّ وابن ماجه من حديث أبى هريرة رضى الله عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كُلُوا الزَّيتَ وادَّهِنُوا به، فإنَّه من شَجَرَةٍ مُبَارَكةٍ".
وللبَيْهَقِى وابن ماجه أيضاً: عن ابن عمر رضى الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ائْتَدِمُوا بالزَّيتِ، وادَّهِنُوا به، فإنه من شَجَرَةٍ مُبَارَكةٍ".
الزَّيْتُ حار رطب فى الأُولى، وغَلِط مَن قال: يابسٌ، والزَّيت بحسب زيتونه، فالمعتصَرُ من النَّضيج أعدلُه وأجوده، ومن الفَجِّ فيه برودةٌ ويُبوسة، ومن الزيتون الأحمر متوسطٌ بين الزَّيتَيْن، ومن الأسود يُسخِّن ويُرطِّب باعتدال، وينفع من السُّموم، ويُطلق البطن، ويُخرج الدود، والعتيقُ منه أشد تسخيناً وتحليلاً، وما استُخْرِجَ منه بالماء، فهو أقلُّ حرارةً، وألطفُ وأبلغ فى النفع، وجميعُ أصنافه مليِّنة للبَشْرة، وتُبطىءُ الشَيْب.
وماء الزَّيتون المالح يمنع من تنفُّط حرق النار، ويَشُد اللِّثَةَ، وورقهُ ينفع من الحُمرة، والنَّملة، والقُروح الوَسِخة، والشَّرَى، ويمنع العَرَق، ومنافعه أضعاف ما ذكرنا.
زُبْدٌ: روى أبو داود فى "سننه"، عن ابنَىْ بُسْرٍ السُّلَميَّيْن رضى الله عنهما، قالا: دخل علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقدَّمنا له زُبداً وتمراً، وكان يُحِبُّ الزُّبدَ والتَّمْرَ.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 01:51 AM   #35
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


الزُّبد حار رطب، فيه منافعُ كثيرة، منها الإنضاجُ والتحليل، ويُبرىء الأورامَ التى تكون إلى جانب الأُذُنَيْن والحالِبَيْن، وأورام الفم، وسائر الأورام التى تَعرِضُ فى أبدان النِّساء والصبيان إذا استُعمِلَ وحده، وإذا لُعِقَ منه، نفع في نفْث الدَّم الذى يكون مِن الرئة، وأنضَجَ الأَورام العارضة فيها
وهو مُلَيِّن للطبيعة والعصب والأورام الصلبة العارضة من المِرَّة السوداء والبلغم، نافعٌ من اليُبس العارض فى البدن، وإذا طُلِىَ به على منابت أسنان الطفل، كان معيناً على نباتها وطلوعها، وهو نافع من السُّعال العارض من البرد واليبس، ويُذهب القُوباء والخشونة التى



ص -241- فى البدن، ويُلَيِّن الطبيعة، ولكنه يُضْعف شهوة الطعام، ويذهب بوخامته الحلو، كالعسل والتمر، وفى جمعه صلى الله عليه وسلم بين التمر وبينه من الحكمة إصلاحُ كل منهما بالآخر
.زَبيبٌ: رُوى فيه حديثان لا يَصِحَّان. أحدهما: "نِعْمَ الطعامُ الزَّبِيبُ يُطيِّبُ النَّكْهَةَ، ويُذيبُ البلغم". والثانى: "نِعْمَ الطعامُ الزَّبيبُ يُذهبُ النَصَبَ، ويَشُدُّ العَصَبَ، ويُطفىء الغضَبَ، ويُصفِّى اللَّونَ، ويُطيِّبُ النَّكْهةَ". وهذا أيضاً لا يصح فيه شىء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.وبعد.. فأجودُ الزَّبيب ما كَبُر جسمه، وسَمِن شحمه ولحمه، ورَقَّ قشره، ونُزِع عَجَمُه، وصَغُرَ حَبُّه.وجُرْم الزبيب حارٌ رطب فى الأُولى، وحَبُّه بارد يابس، وهو كالعنب المتَّخَذ منه: الحلوُ منه حار، والحامضُ قابض بارد، والأبيضُ أشد قبضاً من غيره، وإذا أُكِلَ لحمُه، وافق قصبة الرِّئة، ونفع من السُّعال، ووجع الكُلَى، والمثَانة، ويُقَوِّى المَعِدَة، ويُلَيِّن البَطْن. والحلو اللَّحمِ أكثرُ غِذَاءً مِن العنب، وأقلُّ غِذاءً من التِّين اليابس، وله قوةٌ منضِجة هاضمة قابضة محلِّلة باعتدال، وهو بالجملة يُقَوِّى المَعِدَة والكَبِد والطِّحال، نافعٌ من وجع الحلق والصدر والرِّئة والكُلَى والمثانة، وأعدلُه أن يؤكل بغير عَجَمه.
وهو يُغذِّى غِذاءً صالحاً، ولا يسدِّد كما يفعل التَّمَرُ، وإذا أُكل منه بعَجَمِه كان أكثر نفعاً للمَعِدَة والكَبِدْ والطِّحال، وإذا لُصِقَ لحمُه على الأظافير المتحركة أسرع قلعَها، والحلوُ منه وما لا عَجَمَ له نافعٌ لأصحاب الرُّطوبات والبلغم، وهو يُخصب الكَبِدَ، وينفعُها بخاصيَّته.
وفيه نفعٌ للحفظ: قال الزُّهْرى: مَن أحبَّ أن يحفظ الحديث، فليأكل الزبيبَ. وكان المنصور يذكر عن جده عبد الله بن عباس: عَجَمُه داء، ولحمُه دواء.
زَنْجَبِيلٌ: قال تعالى: {وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلاً}[الإنسان:17]
وذكر أبو نُعيم فى كتاب "الطب النبوى" من حديث أبى سعيد الخُدرىّ رضى الله عنه قال: أهدى ملك الرُّوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جَرَّةَ زَنجبيلٍ، فأطعمَ كلَّ إنسان قطعة، وأطعمنى قطعة.
الزنجبيل حارٌ فى الثانية، رطب فى الأُولى، مُسْخِّن مُعين على هضم الطعام، مُلَيِّن للبطن تلييناً معتدلاً، نافع من سدد الكَبِدِ العارِضةِ عن البرد والرُّطوبة، ومن ظُلمة



ص -242- البصر الحادثة عن الرُّطوبة أكلاً واكتحالاً، مُعين على الجِمَاع، وهو مُحلِّل للرياح الغليظة الحادثة فى الأمعاء والمَعِدَة.
وبالجملة.. فهو صالح للكَبِد والمَعِدَة الباردتَى المزاج، وإذا أُخِذَ منه مع السكر وزنُ درهمين بالماء الحار، أسهلَ فُضولاً لَزِجَةً لُعابية، ويقع فى المعجونات التى تُحلِّل البلغم وتُذيبه.
والمُزِّىُّ منه حارٌ يابس يهيج الجِمَاع، ويزيدُ فى المَنِىِّ، وُيسخِّن المَعِدَة والكَبِد، ويُعين على الاستمراء، ويُنشِّف البلغم الغالب على البدن، ويزيد فى الحفظ، ويُوافق برْدَ الكَبِد والمَعِدة، ويُزيل بلتها الحادثة عن أكل الفاكهة، ويُطيِّب النَّكْهة، ويُدفع به ضرر الأطعمة الغليظة الباردة.

حرف السين
سَنا: قد تقدَّم، وتقدَّم "سَنُّوت" أيضاً، وفيه سبعة أقوال:
أحدها: أنه العسل. الثانى: أنه رُبُّ عُكَّة السَّمْن يخرج خططاً سوداءَ على السَّمْن. الثالث: أنه حَبٌ يُشبه الكَمُّون، وليس بكمون. الرابع: الكمونُ الكِرَمْانىُّ. الخامس: أنه الشِّبِتُّ. السادس: أنه التَّمْر. السابع: أنه الرَّازْيَانج.
سَفَرْجَلٌ: روى ابن ماجه فى "سننه": من حديث إسماعيل ابن محمد الطلحى، عن نقيب بن حاجب، عن أبى سعيدِ، عن عبد الملك الزُّبيرى، عن طلحة بن عُبيد الله رضى الله عنه قال: دخلتُ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم وبيدِه سَفَرْجَلة، فقال: "دُونَكَها يا طَلْحَةُ، فإنها تُجِمُّ الفُؤادَ".
ورواه النسائىٌّ من طريق آخرَ، وقال: "أتيتُ النبىَّ صلى الله عليه وسلم وهو فى جماعةٍ من أصحابه، وبيده سفرجلة يُقلِّبُها، فلمَّا جلستُ إليه، دحَا بها إِلىّ ثم قال: "دُونَكَها أبا ذَرٍ؛ فإنَّها تَشُدُّ القَلْبَ، وتُطيِّبُ النَّفْسَ، وتَذهَبُ بِطَخَاءِ الصَّدْرِ"
وقد رُوى فى السفرجل أحاديثُ أُخر، هذه أمثَلُها، ولا تصح.
والسفرجل بارد يابس، ويختلفُ فى ذلك باختلاف طعمه، وكلُّه بارد قابض، جيد للمَعِدَة، والحلوُ منه أقلُّ برودة ويُبساً، وأمْيَلُ إلى الاعتدال، والحامِضُ أشدُّ قبضاً ويُبساً وبرودة، وكُلُّه يُسَكِّن العطشَ والقىء، ويُدِرُّ البَوْل، ويَعقِلُ الطبع، وينفع من قرحة الأمعاء، ونفْث الدَّم، والهيْضَة، وينفعُ من الغَثَيان، ويمنع من تصاعُدِ الأبخرة إذا استُعْمِلَ بعد



ص -243- الطعام، وحُرَاقةُ أغصانه وورقه المغسولة كالتوتياء فى فعلها.
وهو قبل الطعام يقبض، وبعده يُليِّن الطبع، ويُسرع بانحدار الثفل، والإكثارُ منه مُضِرٌ بالعصب، مُولِّد للقُولَنْج، ويُطْفىء المِرَّة الصفراء المتولدة فى المعدة.
وإن شُوِىَ كان أقلَّ لخشونته، وأخفَّ، وإذا قُوِّرَ وسطُه، ونُزِعَ حبُّه، وجُعِلَ فيه العسلُ، وَطُيِّنَ جُرمُه بالعجين، وأُودِع الرماد الحارَّ، نفع نفعاً حسناً.
وأجودُ ما أُكِلَ مشوياً أو مطبوخاً بالعسل، وحَبُّه ينفع من خشونة الحلق، وقصبة الرِّئة، وكثير من الأمراض، ودُهنه يمنع العَرَق، ويُقَوِّى المَعِدَة، والمربَّى منه يُقَوِّى المَعِدَة والكَبِد، ويشد القلب، ويُطيِّب النَّفَس.
ومعنى تُجِمُّ الفؤاد: تُريحه. وقيل: تفتحُه وتوسعه، مِن جمام الماءِ، وهو اتساعه وكثرته، والطَّخاء للقلبُ مِثلُ الغَيْم على السماء. قال أبو عُبيدٍ: الطَّخاء ثِقَلٌ وغَشْى، تقول: ما فى السماء طخاءٌ، أى: سحابٌ وظُلمة.
سِوَاكٌ: فى "الصحيحين" عنه صلى الله عليه وسلم: "لَوْلا أن أَشُقَّ على أُمَّتى لأَمَرْتُهُمْ بالسِّواكِ عند كُلِّ صلاةٍ".
وفيهما: أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قامَ من اللَّيل يَشُوصُ فَاهُ بالسِّوَاكِ.
وفى "صحيح البخارى" تعليقاً عنه صلى الله عليه وسلم: "السِّوَاكُ مَطْهَرَةٌ لِلْفَمِِ، مَرْضَاةٌ للرَّبِّ".
وفى "صحيح مسلم": أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا دَخَلَ بيته، بدأ بِالسِّوَاكِ.
والأحاديثُ فيه كثيرة، وصَحَّ عنه من حديث أنه استاك عند موته بسواك عبد الرحمن بن أبى بكر، وصَحَّ عنه أنه قال: "أكْثَرْتُ عَلَيْكُم فى السِّوَاكِ".
وأصلح ما اتُخِذَ السِّواكُ من خشب الأراك ونحوه، ولا ينبغى أن يُؤخذ من شجرة مجهولة، فربما كانت سُماً، وينبغى القصدُ فى استعماله، فإن بالغ فيه، فربما أذهب طَلاَوةَ الأسنان وصقالتها، وهيأَها لقبولِ الأبخرة
المتصاعدة من المَعِدَة والأوساخ، ومتى استُعمل باعتدال، جلا الأسنان، وقوَّى العمود، وأطلق اللِّسَان، ومنع الحَفَر، وطيَّب النَّكهة، ونقَّى الدِّمَاغ، وشَهَّى الطَّعام.
وأجود ما استُعمل مبلولاً بماء الورد، ومن أنفعه أُصولُ الجَوْز. قال صاحب "التيسير":



ص -244- "زعموا أنه إذا استاك به المستاك كلَّ خامسٍ من الأيام، نقَّى الرأس، وصفَّى الحواسَّ، وأحَدَّ الذهنَ"
وفى السِّوَاك عدة منافع: يُطيِّب الفم، ويشد اللِّثَةَ، ويقطع البلغم، ويجلو البصرَ، ويُذهب بالحَفَر، ويُصحُّ المَعِدَة، ويُصفِّى الصوت، ويُعين على هضم الطعام، ويُسَهِّل مجارى الكلام، ويُنَشِّطُ للقراءة، والذِّكر والصلاة، ويطرُد النوم، ويُرضى الرَّبَّ، ويُعْجِبُ الملائكة، ويُكثر الحسنات.
ويُستحَبُّ كلَّ وقت، ويتأكد عند الصلاة والوضوء، والانتباهِ من النوم، وتغيير رائحة الفم، ويُستَحب للمفطر والصائم فى كل وقت لعموم الأحاديث فيه، ولحاجة الصائم إليه، ولأنه مرضاةٌ للرَّبِّ، ومرضاتُه مطلوبة فى الصوم أشدَّ من طلبِها فى الفِطر، ولأنه مَطْهَرَةٌ للفم، والطهور للصائم من أفضل أعماله.
وفى "السنن": عن عامر بن ربيعة رضى الله عنه، قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما لا أُحْصى يَستاكُ، وهو صائمٌ.
وقال البخارىُّ: قال ابن عمرَ: يستاكُ أول النَّهار وآخره.
وأجمع الناسُ على أنَّ الصائم يتمضمض وجوباً واستحباباً، والمضمضةُ
أبلغُ مِنَ السِّواك، وليس لله غرضٌ فى التقرُّب إليه بالرائحة الكريهة، ولا هى من جنس ما شُرِعَ التعبُّدُ به، وإنما ذكر طِيب الخُلوف عند الله يوم القيامة حثّاً منه على الصوم؛ لا حثاً على إبقاء الرائحة، بل الصائمُ أحوجُ إلى السِّوَاك من المْفطرِ.
وأيضاً فإنَّ رضوان الله أكبرُ من استطابتِه لخلوف فم الصائم.
وأيضاً فإنَّ محبَّته للسِّوَاك أعظمُ من محبته لبقاء خُلوف فم الصائم.
وأيضاً فإنَّ السِّوَاك لا يمنعُ طيبَ الخُلُوفِ الذى يُزيله السِّوَاكُ عند الله يوم القيامة، بل يأتى الصائمُ يوم القيامة، وخُلوفُ فمِه أطيبُ من المسك علامةً على صيامه، ولو أزاله بالسِّوَاك، كما أنَّ الجريحَ يأتى يوم القيامة، ولونُ دم جُرحه لونُ الدم، وريحُه ريحُ المسك، وهو مأمور بإزالته فى الدنيا.
وأيضاً فإنَّ الخُلوف لا يزولُ بالسِّوَاك، فإنَّ سبَبَه قائم، وهو خُلو المَعِدَة عن الطعام، وإنما يزولُ أثره، وهو المنعقِدُ على الأسنان واللِّثَة.
وأيضاً فإنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم علَّم أُمَّته ما يُسْتَحب لهم فى الصيام، وما يُكره لهم، ولم يجعلِ السِّوَاكَ من القسم المكروه، وهو يعلم أنهم يفعلونه، وقد حضَّهم عليه بأبلغ ألفاظِ العموم والشمول، وهم يُشاهدونه يَستاك وهو صائم مراراً كثيرة تَفُوتُ الإحصاء،



ص -245- ويعلم أنهم يقتدون به، ولم يقل لهم يوماً من الدهر: لا تستاكوا بعد الزوال، وتأخير البيان عن وقت الحاجة ممتنع.. والله أعلم.
سَمْنٌ: روى محمد بن جرير الطبرى بإسناده، من حديث صُهيب يرفعُه "عليكم بألبان البقَرِ، فإنها شفاءٌ، وسَمْنُها دَواءٌ، ولُحومُها داء" رواه عن أحمد بن الحسن الترمذى، حدَّثنا محمد ابن موسى النسائى، حدَّثنا
دَفَّاع ابن دَغْفَلٍ السَّدوسى، عن عبد الحميد بن صَيفى بن صُهيب، عن أبيه، عن جده، ولا يثبت ما فى هذا الإسناد.
والسمن حار رطب فى الأُولى، وفيه جِلاء يسير، ولطافة وتفشية الأورام الحادثة مِن الأبدان الناعمة، وهو أقوى من الزُّبد فى الإنضاج والتليين، وذكر "جالينوس": أنه أبرأ به الأورامَ الحادثة فى الأُذن، وفى الأرنبة، وإذا دُلِكَ به موضعُ الأسنان، نبتت سريعاً، وإذا خُلِطَ مع عسل ولَوْزٍ مُرٍّ، جلا ما فى الصدر والرئة، والكَيموساتِ الغليظة اللَّزِجة، إلا أنه ضار بالمَعِدَة، سِيَّما إذا كان مزاجُ صاحبها بلغمياً.
وأما سمن البقر والمَعِزِ، فإنه إذا شُرِبَ مع العسل نفع من شرب السُّمِّ القاتل، ومِن لدغ الحيَّات والعقارب، وفى كتاب ابن السُّنى: عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال: لم يَسْتشفِ الناسُ بشىءٍ أفضل مِنَ السمن.
سَمَكٌ: روى الإمام أحمد بن حنبل، وابن ماجه فى "سننه": من حديث عبد الله بن عمر، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أُحِلَّتْ لنا مَيْتَتانِ ودَمَانِ: السَّمَكُ والجَرَادُ، والكَبِدُ والطِّحَالُ".
أصنافُ السَّمَك كثيرة، وأجودُه ما لذَّ طعمه، وطابَ ريحُه، وتوسَّط مقدارُه، وكان رقيقَ القشر، ولم يكن صلبَ اللَّحم ولا يابسه، وكان فى ماءٍ عذب جارٍ على الحصباء، ويتغذَّى بالنبات لا الأقذار، وأصلح
أماكنه ما كان فى نهر جيد الماء، وكان يأوِى إلى الأماكن الصخرية، ثم الرملية، والمياه الجارية العذبة التى لا قذرَ فيها، ولا حمأة، الكثيرة الاضطراب والتموج، المكشوفة للشمس والرِّياح.
والسَّمَك البحرى فاضل، محمود، لطيف، والطرى منه بارد رطب، عَسِر الانهضام، يُولِّد بلغماً كثيراً، إلا البحرىَ وما جرى مجراه، فإنه يُولِّد خلطاً محموداً، وهو يُخْصِبُ البدن، ويزيد فى المَنِىِّ، ويُصلح الأمزجة الحارة.
وأما المالح، فأجودُه ما كان قريبَ العهد بالتملُّح، وهو حار يابس، وكلما تقادم



ص -246- عهدُه ازداد حرُّه ويبسه، والسِّلور منه كثير اللزوجة، ويسمى الجِرِّىَّ، واليهودُ لا تأكله. وإذا أُكِلَ طريٍّا، كان مليِّناً للبطن، وإذا مُلِّحَ وعتق وأُكِلَ، صفَّى قصبة الرئة، وجوَّد الصوتَ، وإذا دُقَّ وَوُضِعَ مِن خارجٍ، أخرج السَّلَى والفضول من عُمق البدن من طريق أنَّ له قوة جاذبة.
وماء ملح الجِرِّىِّ المالح إذا جلسَ فيه مَن كانت به قرحة الأمعاء فى ابتداء العِلَّة، وافقه بجذبه الموادَّ إلى ظاهر البدن، وإذا احتُقِنَ به، أبرأ من عِرْق النَّسَا.
وأجودُ ما فى السَّمَك ما قرُب من مؤخرها، والطرىُّ السمين منه يُخصب البدن لحمُه ووَدَكُه.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 01:52 AM   #36
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وفى "الصحيحين": من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه قال: "بعثنا النبىُّ صلى الله عليه وسلم فى ثلاثمائة راكب، وأميرُنا أبو عُبيدة بن الجرَّاح، فأتينا الساحِلَ، فأصابنا جوعٌ شديد، حتى أكلنا الخَبَطَ، فألقى لنا البحرُ حوتاً يقال لها: عنبر، فأكلنا منه نِصفَ شهرٍ، وائتدمنا بوَدَكِه حتى ثابت أجسامُنا، فأخذ أبو عبيدة ضلعاً من أضلاعه، وحمل رَجُلاً على بعيره، ونصبه، فمرَّ تحته".
سِلْقٌ: روى الترمذىُّ وأبو داود، عن أُمِّ المُنذِر، قالت: دخل علىَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ومعه على رضى الله عنه، ولنا دَوَالٍ معلَّقةٌ، قالت
: فجعل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يأكُلُ وعلىٌ معه يأكُلُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَهْ يا علىُّ فإنَّكَ ناقِهٌ"، قالت: فجعلتُ لهم سِلْقاً وشعيراً، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: "يا علىُّ؛ فأصِبْ من هذا، فإنه أوفَقُ لَكَ". قال الترمذىُّ: حديثٌ حسن غريب.
السِّلق حار يابس فى الأُولى، وقيل: رطب فيها، وقيل: مُرَكَّبٌ منهما، وفيه برودةٌ ملطِّفة، وتحليلٌ، وتفتيحٌ. وفى الأسود منه قبضٌ ونفعٌ من داء الثعلب، والكَلَف، والحَزَارِ، والثآليل إذا طُلِىَ بمائه، ويقتل القمل، ويُطلَى به القُوَبَاء مع العسل، ويفتح سُدَدَ الكَبِدِ والطِّحال.
وأسودُه يَعقِلُ البطن، ولا سِيَّما مع العدس، وهما رديئان، والأبيضُ: يُلَيِّن مع العدس، ويُحْقَن بمائه للإسهال، وينفع من القُولَنْج مع المَرِىِّ والتَّوَابِل وهو قليل الغذاء، ردىء



ص -247- الكَيْمُوس، يحرق الدمَ، ويُصلحه الخل والخَرْدَل، والإكثار منه يُولِّد القبض والنفخ.

حرف الشين
شُونيزٌ: هو: الحبَّة السوداء، وقد تقدَّم فى حرف الحاء.
شُبْرُمٌ: روى الترمذىُّ وابن ماجه فى "سننهما": من حديث أسماء بنت عُمَيْس، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بماذا كُنْتِ تَسْتَمْشِينَ" ؟ قالت: بالشُّبْرُمِ. قال: "حارٌ جارٌ".
الشُّبْرُمُ شجر صغير وكبير، كقامة الرجل وأرجح، له قُضبانٌ حُمر ملمَّعة ببياض، وفى رؤوس قضبانه جُمَّةٌ مِن وَرق، وله نَوْرٌ صِغار أصفرُ إلى البياض، يسقط ويخلفه مراودُ صِغار فيها حَبٌ صغير مثل البُطْم، فى قدره، أحمرُ اللَّون، ولها عروقٌ عليها قُشورٌ حُمر، والمستعمَل منه قِشْرُ عرُوقه، ولبنُ قضبانه.
وهو حارٌ يابس فى الدرجة الرابعة، ويُسَهِّلُ السوداء، والكَيْمُوسات الغليظة، والماءَ الأصفر، والبلغم، مُكْرِبٌ، مُغَثٍّ، والإكثارُ منه يقتل، وينبغى إذا استُعمِلَ أن يُنقَعَ فى اللَّبن الحليب يوماً وليلة، ويُغيَّرَ عليه اللَّبنُ فى اليوم مرتين أو ثلاثاً، ويُخْرَج، ويُجفَّفُ فى الظل، ويُخلَطُ معه الورود والكَثِيراءُ، ويُشرب بماء العسل، أو عصير العِنَب، والشَّرْبَةُ مِنه ما بيْنَ أربع دوانِق إلى دانِقَيْن على حسب القوة، قال حُنَيْن: أمَّا لبنُ الشُّبْرُم، فلا خيرَ فيه، ولا أرى شُربه ألبتة، فقد قَتَلَ به أطباءُ الطُّرقاتِ كثيراً من الناس
شَعِيرٌ: روى ابن ماجه: من حديث عائشة، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أحداً من أهْلِهِ الوَعْكُ، أمَرَ بالحَسَاءِ مِنَ الشَّعيرِ، فصُنِعَ، ثم أمرهم فَحَسَوْا مِنْهُ، ثم يقول: "إنَّه ليَرْتُو فُؤادَ الحزينِ ويَسْرُو فُؤادَ السَّقِيم كما تَسْرُو إحداكُنَّ الوَسَخَ بالماءِ عن وَجْهِهَا".
ومعنى "يرتوه": يشُدُّه ويُقوِّيه. و "يَسرو": يكشِفُ ويُزِيلُ.
وقد تقدَّم أنَّ هذا هو ماء الشعير المغلى، وهو أكثرُ غِذاءً من سويقه، وهو نافع



ص -248- للسُّعال، وخشونةِ الحلق، صالح لقَمْع حِدَّة الفُضول، مُدِرٌ للبَوْلِ، جَلاء لما فى المَعِدَة، قاطِعٌ للعطش، مُطْفِىءٌ للحرارة، وفيه قوة يجلو بها ويُلَطِّف ويُحَلِّل.
وصفته: أن يُؤخذ مِن الشعير الجيدِ المرضوضِ مقدارٌ، ومن الماء الصافى العذبِ خمسةُ أمثاله، ويُلقى فى قِدْر نظيف، ويُطبخ بنار معتدلة إلى أن يَبقى منه خُمُساه، ويُصفَّى، ويُستعملَ منه مقدار الحاجة مُحَلاً.
شِوَاءٌ: قال الله تعالى فى ضيافة خليله إبراهيم عليه السلام لأضيافه: {فَمَا لَبِثَ أَن جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}[هود: 79]
و"الحَنِيذ": المشوى على الرَّضْفِ، وهى الحجارةُ المحماة.
وفى الترمذى: عن أُمِّ سلمة رضى الله عنها، "أنها قرَّبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جنباً مشوياً، فأكل منه ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ". قال الترمذى: حديثٌ صحيح.
وفيه أيضاً: عن عبد الله بن الحارث، قال: أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شِواءً فى المسجد.وفيه أيضاً: عن المغيرَة بن شُعبة قال: "ضِفتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فأمر بجنبٍ، فشُوِىَ، ثم أخذ الشِّفْرَة، فجعل يَحُزُّ لى بها منه، قال: فجاء بلال يُؤذِّن للصلاة، فألقى الشِّفْرَة فقال: "مَا لَه تَرِبَتْ يَدَاهُ".
أنفع الشِواء شِواء الضأن الحَوْلىِّ، ثم العِجلِ اللَّطيف السمين، وهو حارٌ رطب إلى اليبوسة، كثيرُ التوليد للسَّوداء، وهو من أغذية الأقوياء والأصحاء والمرتاضين، والمطبوخُ أنفع وأخف على المعدة، وأرطبُ منه، ومن المُطجَّن.
وأردؤه المشوى فى الشمس، والمشوى على الجمر خير من المشوى باللَّهب، وهو الحَنِيذ.
شَحْمٌ: ثبت فى "المسند" عن أنس"أنَّ يهودياً أضاف رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقدَّم له خُبزَ شَعِيرِ، وإهالَةً سَنِخَةً"، و"الإهالة": الشَّحْم المذاب، والألْية. و"السَّنِخَةُ": المتغيرة.
وثبت فى "الصحيح": عن عبد الله بن مُغَفَّل، قال:"دُلِّى جِرَابٌ من شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، فالتزمتُه وقلتُ: واللهِ لا أُعطى أحداً منه شيئاً، فالتفتُّ، فإذا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم



ص -249- يَضْحَكُ، ولم يقل شيئاً".
أجود الشحمِ ما كان مِن حيوان مكتمل، وهو حارٌ رطب، وهو أقلُّ رطوبةً من السمن، ولهذا لو أُذيب الشحمُ والسمن كان الشَحمُ أسرعَ جموداً.
وهو ينفع من خشونة الحلق، ويُرخى ويعفن، ويُدفع ضرره باللَّيْمون المملُوح، والزنجبيل، وشحمُ المَعز أقبضُ الشحوم، وشحم التُّيوس أشدُّ تحليلاً، وينفع مِن قروح الأمعاء، وشحمُ العَنز أقوى فى ذلك، ويُحتقَن به للسَّحَج والزَّحِير.

حرف الصاد
صَلاَةٌ: قال اللهُ تعالى: {وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ، وَإنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ}[البقرة: 45]
وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ، إنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[البقرة: 44].
وقال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا، لاَ نَسْئَلُكَ رِزْقاً، نَّحْنُ نَرْزُقُكَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى}[طه: 132]
وفى "السنن": "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حَزَبَهُ أمْرٌ، فَزِعَ إلى الصَّلاةِ".
وقد تقدَّم ذكر الاستشفاء بالصلاة من عامة الأوجاع قبل استحكامها.
والصلاة مجلبةٌ للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى، مطردة للأَدواء، مقوِّية للقلب، مبيِّضة للوجه، مُفْرِحةٌ للنفس، مُذهبة للكسل، منشِّطةٌ للجوارح، ممدَّة للقُوَى، شارحِة للصَّدر، مغذِّية للروح، مُنوِّرة للقلب، حافِظةٌ للنعمة، دافعة للنقمة، جالِبة للبركة، مُبعِدة من الشيطان، مُقرِّبة من الرحمن.
وبالجملة.. فلها تأثير عجيب فى حفظ صحة البدن والقلب، وقواهما، ودفع المواد الرديئة عنهما، وما ابتُلى رجلان بعاهةٍ أو داءٍ أو مِحنةٍ أو بَليةٍ إلا كان حظُّ المُصَلِّى منهما أقلَّ، وعاقبتُه أسلم.
وللصلاة تأثيرٌ عجيب فى دفع شُرور الدنيا، ولا سِيَّما إذا أُعطيت حقها من التكميل ظاهراً وباطناً، فما استُدْفِعَتْ شرورُ الدُّنيا والآخرة، ولا استُجْلِبَت مصالِحُهُمَا بمثل الصلاة، وسِرُّ ذلك أنَّ الصلاة صِلةٌ باللهِ عَزَّ وجَلَّ، وعلى قدر صِلَةِ العبد بربه عَزَّ وجَلَّ



ص -250- تُفتح عليه من الخيرات أبوابَها، وتُقطعُ عنه من الشرور أسبابَها، وتُفِيضُ عليه موادَ التوفيق مِن ربه عَزَّ وجَلَّ، والعافية والصحة، والغنيمة والغِنى، والراحة والنعيم، والأفراح والمسرَّات، كلها محضرةٌ لديه، ومسارِعةٌ إليه.
صَبْرٌ: "الصبر نِصفُ الإيمان"، فإنَّهُ ماهِيَّة مُركَّبة من صبر وشكر، كما قال بعضُ السَّلَف: الإيمانُ نصفان: نِصفٌ صَبْرٌ، ونِصفٌ شكرٌ، قال تعالى: {إنَّ فِى ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[إبراهيم: 5].
والصَّبْرُ من الإيمان بمنزلة الرأسِ مِنَ الجَسَدِ، وهو ثلاثةُ أنواع: صَبْرٌ على فرائض الله، فلا يُضَيِّعُها، وصبرٌ عن مَحارمه، فَلا يرتكِبُها، وصبرٌ على أقضيته وأقداره، فلا يتسخَّطُها، ومَن استكمَلَ هذهِ المراتبَ الثلاث، استكمَل الصبرَ. ولذةُ الدنيا والآخرة ونعيمها، والفوزُ والظفرُ فيهما، لا يَصِل إليه أحدٌ إلا على جِسْر الصبر، كما لا يَصِلُ أحد إلى الجنَّةِ إلا على الصِّراطِ، قال عمرُ ابن الخطاب رضى الله عنه: خيرُ عيشٍ أدركناه بالصَّبْرِ.
وإذا تأملتَ مراتِبَ الكمال المكتسَب فى العالَم، رأيتَها كلها مَنُوطةً بالصَّبْرِ، وإذا تأملتَ النُّقصان الذى يُذَمُّ صاحبُه عليه، ويدخُل تحتَ قُدرته، رأيتَه كله مِن عدمِ الصبر، فالشجاعةُ والعِفَّةُ، والجودُ والإيثارُ، كلُّه صبرُ ساعة.

فالصَّبْرُ طِلَّسْمٌ عَلَى كَنْزِ الْعُلَا مَنْ حَلَّ ذَا الطِّلَّسْمَ فَازَ بِكَنْزِهِ

وأكثرُ أسقام البدن والقلب، إنما تنشأ من عدم الصبر، فما حُفِظَتْ صِحَةُ القلوب والأبدان والأرواح بمثل الصَّبْر، فهو الفاروق الأكبر، والتِّرياق الأعظم، ولو لم يكن فيه إلا معيةُ اللهِ مع أهله، فإنَّ الله مع الصابرين ومحبتُه لهم، فإنَّ الله يُحب الصابرين، ونصرُهُ لأهله، فإنَّ النصرَ مع الصَّبْر، وإنه خير لأهله، {وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرِينَ}[النحل: 126]، وإنه سببُ الفلاح: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[آل عمران: 200]صَبِرٌ: روى أبو داود فى كِتاب "المَرَاسيل" من حديث قيس ابن رافع القَيْسىِّ، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "ماذا فى الأَمَرَّيْن من الشِّفَاءِ ؟ الصَّبِرُ والثُّفَّاءُ".
وفى "السنن" لأبى داود: من حديث أُمِّ سَلَمَة، قالت: دخلَ علىَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم



ص -251- ، حين تُوفِّىَ أبو سلمةَ، وقد جعلتُ علىَّ صَبِرَاً، فقال: "ماذا يا أُمَّ سلمةَ" ؟ فقلت: إنما هو صَبِرٌ يا رسولَ اللهِ، ليس فيه طيِبٌ، قال: "إنَّهُ يَشُبُّ الوَجْهَ، فَلا تجعليه إلا بالليل" ونَهى عنه بالنهار.
الصَّبِرُ كثيرُ المنافع، لا سِيَّما الهندىَّ منه، يُنقِّى الفُضول الصفراوية التى فى الدماغ وأعصابِ البصر، وإذا طُلِىَ على الجبهة والصُّدغ بدُهن الورد، نفع من الصُّدَاع، وينفع من قُروح الأنف والفمِ، ويُسهل السَّوداء والمالِيخُولْيا.
والصَّبِرُ الفارسى يُذكى العقل، ويُمِدُّ الفؤاد، ويُنقِّى الفُضُول الصفراويةَ والبلغميَّةَ مِن المَعِدَة إذا شُرِبَ منه مِلْعقتان بماء، ويردُّ الشهوةَ الباطلة والفاسدة، وإذا شُرِب فى البرد، خِيف أن يُسهل دماً
صَوْمٌ: الصوم جُنَّةٌ من أدواء الروح والقلب والبدن، منافِعُه تفوت الإحصاء، وله تأثيرٌ عجيب فى حفظ الصحة، وإذابةِ الفضلاتِ، وحبْسِ النفسِ عن تناول مؤذياتها، ولا سِيَّما إذا كان باعتدالٍ وقصدٍ فى أفضلِ أوقاته شرعاً، وحاجَةُ البدنِ إليه طبعاً.
ثم إنَّ فيه من إراحة القُوَى والأعضاء ما يحفظُ عليها قُواها، وفيه خاصيةٌ تقتضى إيثارَه، وهى تفريحُه للقلب عاجلاً وآجلاً، وهو أنفعُ شىءٍ لأصحاب الأمزجة البارِدةِ والرطبة، وله تأثيرٌ عظيم فى حفظ صحتهم.
وهو يدخلُ فى الأدوية الروحانية والطبيعية، وإذا راعى الصائمُ فيه ما ينبغى مراعاتُه طبعاً وشرعاً، عظُمَ انتفاعُ قلبه وبدنه به، وحبس عنه الموادَّ الغريبةَ الفاسدةَ التى هو مستعدٌ لها، وأزال الموادَّ الرديئة الحاصلة بحسب كماله ونقصانه، ويحفظ الصائمَ مما ينبغى أن يُتحفَّظَ منه، ويُعينه على قيامه بمقصود الصوم وسرّه وعلته الغائية، فإن القصدَ منه أمر آخر وراءَ تركِ الطعام والشراب، وباعتبار ذلك الأمر اختُصَّ من بين الأعمال بأنه لله سبحانه، ولمَّا كان وقايةً وجُنَّةً بين العبد وبين ما يؤذى قلبه وبدنه عاجلاً وآجلاً، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة: 188]. فأحدُ مقصودَى الصيام الجُنَّةُ والوِقاية، وهى حِمية عظيمةُ النفع، والمقصودُ الآخر: اجتماعُ القلب والهم على الله تعالى، وتوفيرُ قُوَى النفس على محابِّه وطاعته، وقد تقدَّم الكلامُ فى بعض أسرار الصوم عند ذكر هَدْيه صلى الله عليه وسلم فيه.



ص -252- حرف الضاد
ضَبٌ: ثبت فى "الصحيحين" من حديث ابن عباس، أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئل عنه لمَّا قُدِّم إليه، وامتنعَ من أكله: أحرامٌ هو ؟ فقال: "لا، ولكنْ لم يكن بأرضِ قَوْمِى، فأجِدُنِى أَعَافُهُ، وأُكِلَ بين يديه وعلى مائدته وهو يَنْظُرُ"
وفى "الصحيحين" من حديث ابن عمر رضى الله عنهما، عنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا أُحِلُّه ولا أُحَرِّمُه".
وهو حارٌ يابس، يُقوِّى شهوة الجِماع، وإذا دُقَّ، ووُضِعَ على موضع الشَّوْكة اجتذَبها.
ضِفْدِعٌ: قال الإمام أحمدُ: الضِّفدَعُ لا يَحِل فى الدواء، نهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن قتلها، يريدُ الحديثَ الذى رواهُ فى "مسنده" من حديث عثمان بن عبد الرحمن رضى الله عنه"أنَّ طبيباً ذكر ضِفدعاً فى دواء عندَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن قتلها".
قال صاحب القانون: مَن أكل مِن دم الضِّفْدَع أو جُرمه، ورِم بدنُه، وكَمَدَ لونُه، وقذف المَنِىَّ حتى يموت، ولذلك ترك الأطباءُ استعماله خوفاً من ضرره.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 01:54 AM   #37
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وهى نوعان: مائيَّة وتُرابيَّة، والترابية يقتل أكلُها.

حرف الطاء
طِيبٌ: ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "حُبِّبَ إلىَّ من دُنياكُم: النِّساءُ والطِّيبُ، وجُعلتْ قُرَّةُ عَيْنى فى الصَّلاة".
وكان صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ التطيُّبَ، وتشتدُّ عليه الرائحةُ الكريهة، وتَشُقُّ عليه.
والطِّيبُ غِذَاءُ الروح التى هى مطيةُ القُوَى، والقُوَى تتضاعف وتزيدُ بالطِّيبِ، كما تزيدُ بالغذاء والشراب، والدَّعَةِ والسرورِ، ومعاشرةِ الأحبةِ،وحدوثِ الأُمور المحبوبة، وغَيبةِ مَن تَسُرُّ غَيبتُه، ويَثقُلُ على الروح مشاهدتُه، كالثُّقلاء والبُغَضاء، فإنَّ مُعاشرتهم تُوهِنُ القُوَى، وتَجلب الهم والغم، وهى للروح بمنزلة الحُمَّى للبدن، وبمنزلة الرائحة الكريهة، ولهذا كان مما حبَّبَ الله سبحانَه الصحابةَ بنهيُهم عن التخلُّق بهذا الخُلُق فى معاشرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأذِّيه بذلك، فقال: {إذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُواْ فَإذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُواْ



ص -253- وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىَّ فَيَسْتَحْىِ مِنْكُمْ، وَاللهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ الْحَقِّ}[الأحزاب: 52-53]
والمقصود أنَّ الطِّيب كان من أحبِّ الأشياء إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وله تأثيرٌ فى حفظ الصحة، ودفع كثير من الآلام وأسبابها، بسبب قوة الطبيعة به.
طِينٌ: ورد فى أحاديث موضوعة لا يَصِحُّ منها شىء مثل حديث: "مَنْ أكل الطِّينَ، فقد أعانَ على قتلِ نفسِه"، ومثلُ حديث: "يا حُمَيْراء؛ لا تأكلى الطِّينَ فإنه يَعصِمُ البَطْنَ، ويُصَفِّرُ اللَّونَ، ويُذهِبُ بَهاءَ الوَجْهِ".
وكلُّ حديث فى الطين فإنه لا يصح، ولا أصلَ له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه ردىءٌ مؤذٍ، يسُدّ مجارى العروق، وهو بارد يابس، قوىُّ التجفيف، ويمنع استطلاقَ البطن، ويُوجب نفْثَ الدَّم وقروحَ الفم.
طَلْحٌ: قال تعالى: {وَطَلْحٍ مَّنضْوُدٍ}[الواقعة: 29]، قال أكثر المفسِّرين: هو المَوْز. و"المنضودُ": هو الذى قد نُضِّدَ بعضُه على بعض، كالمُشْط. وقيل:
"الطلحُ": الشجرُ ذو الشَّوْك، نُضِّدَ مكانَ كل شَوْكة ثمرة، فثمرُه قد نُضِّدَ بعضُه إلى بعض، فهو مثل الموز، وهذا القولُ أصح، ويكون مَن ذكر الموزَ من السَّلَف أراد التمثيل لا التخصيصَ.. والله أعلم.
وهو حارٌ رطب، أجودُه النضيج الحلو، ينفع مِن خشونة الصدر والرئة والسُّعال، وقروح الكُلْيتَيْن، والمثانة، ويُدِرُّ البَوْل، ويزيد فى المَنِىِّ، ويُحَرِّكُ الشهوة للجِماع، ويُليِّن البطن، ويُؤكل قبل الطعام، ويَضر المَعِدَة، ويزيد فى الصفراء والبلغم، ودفعُ ضرره بالسكر أو العسل طَلْعٌ: قال تعالى: {وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ}[ق: 10]، وقال تعالى: {وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}[الشعراء: 148]
طلعُ النخل: ما يبدو من ثمرته فى أول ظهوره، وقشرُه يسمى الكُفُرَّى، و"النضيدُ": المَنْضود الذى قد نُضِّدَ بعضُه على بعض، وإنما يُقال له "نضيدٌ" ما دام فى كُفُرَّاه، فإذا انفتح فليس بنضيد.
وأما "الهضيم": فهو المنضم بعضُه إلى بعض، فهو



ص -254- كالنضيد أيضاً، وذلك يكون قبل تَشَقُّقِ الكُفُرَّى عنه.
والطلع نوعان: ذكرٌ وأُنثى، والتلقيح هو أن يُؤخَذ من الذكر وهو مثلُ دقيق الحِنطة فيُجعل فى الأُنثى، وهو "التأْبِير"، فيكون ذلك بمنزلة اللقاح بين الذكر والأُنثى.
وقد روى مسلم فى "صحيحه": عن طلحةَ بن عُبيد الله رضى الله عنه، قال: "مررتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نخلٍ، فرأى قوماً يُلَقِّحُونَ، فقال: "ما يصنعُ هؤلاء" ؟ قالوا: يأخُذون من الذكر فيجعلونه فى الأُنثى. قال:
"ما أَظُنُّ ذلك يُغنى شيئاً"، فبلغهم، فتركوه، فلم يَصْلُحْ، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: "إنما هُوَ ظََنٌ، فإن كان يُغنى شيئاً، فاصنَعوهُ، فإنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وإنَّ الظَنَّ يُخطِئٌ ويُصيبُ، ولكنْ ما قلتُ لكم عنِ الله عَزَّ وجَلَّ، فلن أكذِبَ على اللهِ".. انتهى.
طلعُ النخل ينفع من الباه، ويَزيد فى المُباضَعة. ودقيقُ طلعه إذا تحمَّلتْ به المرأةُ قبل الجِماع أعان على الحَبَل إعانةً بالغة، وهو فى البرودة واليُبوسة فى الدرجة الثانية، يُقَوِّى المَعِدَة ويُجفِّفها، ويُسَكِّن ثائرة الدم مع غلظةٍ وبطءِ هضم.
ولا يحتمِلُه إلا أصحابُ الأمزجة الحارَّة، ومَن أكثرَ منه فإنه ينبغى أن يأخذ عليه شيئاً من الجُوَراشات الحارَّة، وهو يَعقِلُ الطبع، ويُقوِّى الأحشاء، والجُمَّارُ يجرى مجراه، وكذلك البلحُ، والبُسْرُ، والإكثارُ منه يضرُّ بالمَعِدَة والصدر، وربما أورث القُولَنْج، وإصلاحُه بالسمن، أو بما تقدَّم ذكرُه.

حرف العين
عِنَبٌ: فى "الغَيْلانيَّات" من حديث حَبيب بن يَسَار، عن ابن عباس رضى الله عنه قال: رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يأكلُ العِنبَ خَرْطاً.
قال أبو جعفر العقيلىُّ: لا أصلَ لهذا الحديث، قلتُ: وفيه داودُ بن عبد الجبار أبو سُلَيم الكوفىُّ، قال يحيى بن مَعين: كان يكذب.
ويُذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه كان يُحبُّ العنبَ والبِطيخَ.
وقد ذكر الله سبحانه العِنَبَ فى ستة مواضع مِن كتابه فى جملة نعمه التى أنعم بها على عباده فى هذه الدار وفى الجَنَّة، وهو من أفضلِ الفواكه وأكثرِها منافعَ، وهو



ص -255- يُؤكل رطباً ويابساً، وأخضرَ ويانعاً، وهو فاكهةٌ مع الفواكه، وقوتٌ مع الأقواتِ، وأُدمٌ مع الإدام، ودواءٌ مع الأدوية، وشرابٌ مع الأشربة، وطبعُه طبعُ الحَبَّات: الحرارة والرطوبةُ، وجيدُه الكُبَّارُ المائىُّ، والأبيضُ أحمدُ من الأسود إذا تساويا فى الحلاوة، والمتروكُ بعد قطفه يومين أو ثلاثة أحمدُ من المقطوف فى يومه، فإنه مُنفِخ مُطلِق للبطن، والمعلَّقُ حتى يَضمُرَ قشره جيدٌ للغذاء، مقوٍّ للبدن، وغِذاؤه كغذاء التِّين والزَّبيب، وإذا أُلقَى عَجَمُ العِنَب كان أكثر تلييناً للطبيعة، والإكثارُ منه مصدع للرأس، ودفع مضرته بالرُّمَّان المُزِّ.
ومنفعةُ العِنَب يُسَهِّل الطبع، ويُسَمِّن، ويَغذو جيدُه غِذاءً حسناً، وهو أحدُ الفواكه الثلاث التى هى ملوك الفواكه، هو والرُّطَب والتين.
عَسَلٌ: قد تقدَّم ذكر منافعه.
قال ابن جُرَيْج: قال الزُّهرىُّ: عليك بالعسل، فإنه جيد للحفظ.
وأجودُه أصفاه وأبيضُه، وألينُه حِدّةً، وأصدقه حلاوةً، وما يُؤخذ من الجبال والشجر له فضلٌ على ما يُؤخذ من
الخلايا، وهو بحسب مرعَى نَحْلِه
عَجْوَةٌ: فى "الصحيحين": من حديث سعد بن أبى وقَّاص رضى الله عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مَن تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمَراتٍ عَجْوَةٍ، لَمْ يَضُرَّهُ ذلك اليومَ سُمٌ ولا سِحْرٌ".
وفى "سنن النسائى" وابن ماجه: من حديث جابر، وأبى سعيد رضى الله عنهما، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: "العَجْوَةُ مِنَ الجَنَّةِ، وهى شِفاءٌ مِنَ السُّمِّ، والكَمْأةُ مِنَ المَنِّ، وماؤها شِفَاءٌ لِلْعَيْنِ".
وقد قيل: إنَّ هذا فى عجوة المدينة، وهى أحدُ أصناف التمر بها، ومن أنفع تمر الحجاز على الإطلاق، وهو صِنف كريم، ملذذ، متين للجسم والقوة، مِن ألين التمر وأطيبه وألذه.
وقد تقدَّم ذكرُ التمر وطبعه ومنافعه فى حرف التاء، والكلامُ على دفع العَجْوَة للسُّمِّ والسِّحْر، فلا حاجة لإعادته.
عَنبَرٌ: تقدَّم فى "الصحيحين" من حديث جابر، فى قصة أبى عُبيدةَ، وأكلِهم



ص -256- من العنبر شهراً، وأنهم تزوَّدُّوا من لحمه وشَائِقَ إلى المدينة، وأرسلوا منه إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم، وهو أحدُ ما يدل على أنَّ إباحة ما فى البحر لا يَختصُّ بالسمك، وعلى أن ميتته حلال.
واعتُرِضَ على ذلك بأنَّ البحر ألقاه حياً، ثم جَزَرَ عنه الماء، فمات، وهذا حلال، فإنَّ موتَه بسبب
مفارقته للماء، وهذا لا يَصِحُّ، فإنهم إنما وجدوه ميتاً بالساحل، ولم يُشاهدوه قد خرج عنه حيَّاً، ثم جَزَرَ عنه الماء.
وأيضاً: فلو كان حياً لما ألقاه البحر إلى ساحله، فإنه من المعلوم أنَّ البحرَ إنما يقذِفُ إلى ساحله الميتَ من حيواناته لا الحىَّ منها.
وأيضاً: فلو قُدِّرَ احتمالُ ما ذكروه لم يجز أن يكون شرطاً فى الإباحة، فإنه لا يُباح الشىء مع الشك فى سبب إباحته، ولهذا مَنَعَ النبىُّ صلى الله عليه وسلم من أكل الصيد إذا وجده الصائِدُ غريقاً فى الماء للشك فى سبب موته، هل هو الآلة
أم الماء ؟
وأما العنبرُ الذى هو أحدُ أنواع الطِّيب، فهو مِن أفخر أنواعه بعد المسك، وأخطأ مَن قدَّمه على المسك، وجعله سيدَ أنواع الطِّيب، وقد ثبت عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال فى المِسْك: "هُوَ أطْيَبُ الطِّيب"، وسيأتى إن شاء الله تعالى ذكرُ الخصائص والمنافع التى خُصَّ بها المسكُ، حتى إنه طِيبُ الجَنَّة، والكُثبانُ التى هى مقاعدُ الصِّدِّيقين هناك مِن مِسْكٍ لا من عَنبرٍ.
والذى غَرَّ هذا القائل أنه لا يدخله التغير على طول الزمان، فهو كالذهب، وهذا لا يَدُلُّ على أنه أفضل من المسك، فإنه بهذه الخاصية الواحدة لا يُقاوِم ما فى المسك من الخواص.
وبعد.. فضروبُه كثيرة، وألوانه مختلفة، فمنه الأبيضُ، والأشهبُ، والأحمرُ، والأصفرُ، والأخضرُ، والأزرقُ، والأسودُ، وذو الألوان.
وأجودُه: الأشهب، ثم الأزرق، ثم الأصفر. وأردؤه: الأسود.
وقد اختلف الناسُ فى عُنصره، فقالت طائفة: هو نبات يَنبُت فى قعر البحر، فيبتلِعُه بعض دوابه، فإذا ثَمِلَتْ منه قَذَفتْه رَجِيعاً، فيقذِفُه البحر إلى ساحله.
وقيل: طَلٌ ينزل من السماء فى جزائر البحر، فتُلقيه الأمواج إلى الساحل.
وقيل: رَوْثُ دابة بحرية تُشبه البقرة.
وقيل: بل هو جُفَاء من جُفَاء البحر، أى: زَبَدٌ.



ص -257- وقال صاحب "القانون": هو فيما يُظَن ينبع مِن عَيْن فى البحر، والذى يُقال: إنه زَبَد البحر، أو روثُ دابة بعيدٌ.. انتهى.
ومزاجه حار يابس، مقوٍّ للقلب، والدماغ، والحواس، وأعضاء البدن، نافع من الفالج واللَّقْوة، والأمراض البلغمية، وأوجاع المَعِدَة الباردة، والرياح الغليظة، ومن السُّدد إذا شُرب، أو طُلِىَ به من خارج، وإذا تُبُخِّر به، نفع من الزُّكام، والصُّداع، والشَّقِيقة الباردة.
عُودٌ: العود الهندى نوعان؛ أحدهما: يُستعمل فى الأدوية وهو الكُسْت، ويقال له: القُسْط، وسيأتى فى حرف القاف.
الثانى: يُستعمل فى الطِّيب، ويقال له: الأَلُوَّة
وقد روى مسلم فى "صحيحه": عن ابن عمر رضى الله عنهما، "أنه كان يَسْتَجْمِرُ بالأَلُوَّة غير مُطرَّاة، وبكافُور يُطْرَحُ معها"، ويقول: هكذا كان يستجمرُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وثبت عنه فى صفة نعيم أهل الجَنَّة: "مجامِرُهُمُ الألُوَّةُ".و"المجامر": جمع مِجْمَرٍ؛
وهو ما يُتجمَّر به مِن عود وغيره، وهو أنواع: أجودُها: الهندى، ثم الصِّينى، ثم القَمارى، ثم المنْدَلى.
وأجوده: الأسود والأزرق الصُّلب الرزينُ الدسم، وأقلَّه جودة: ما خفَّ وطفا على الماء.
ويقال: إنه شجر يُقطع ويُدفن فى الأرض سنة، فتأكل الأرض منه ما لا ينفع، ويبقى عودُ الطِّيب، لا تعمل فيه الأرض شيئاً، ويتعفَّن منه قِشرُه وما لا طِيبَ فيه.
وهو حارٌ يابس فى الثالثة، يفتح السُّدد، ويكسر الرياح، ويُذهب بفضل الرُّطوبة، ويُقوِّى الأحشاء والقلب ويُفرحه، وينفع الدماغ، ويُقوِّى الحواس، ويحبِسُ البطن، وينفع مِن سَلَس البَوْل الحادث عن برد المثانة.
قال ابن سمجون: العود ضروب كثيرة يجمعها اسم الأَلُوَّة، ويُستعمل من داخل وخارج، ويُتجمَّرُ به مفرداً ومع غيره، وفى الخلط للكافور به عند التجمير معنى طبى، وهو إصلاحُ كل منهما بالآخر، وفى التجمُّر مراعاةُ جوهر الهواء وإصلاحُه، فإنه أحدُ الأشياء الستة الضرورية التى فى صلاحها صلاحُ الأبدان.
عَدَسٌ: قد ورد فيه أحاديثُ كُلُّهَا باطلة على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، لم يَقُلْ شيئاً منها



ص -258- ، كحديث: "إنه قُدِّس على لسانِ سبعين نبياً"
وحديث: "إنه يرق القلب، ويُغْزِرُ الدَّمعة، وإنه مأكول الصالحين"، وأرفع شىء جاء فيه وأصحه، أنه شهوةُ اليهود التى قدَّموها على المنِّ والسلوَى، وَهُو قَرِينُ الثوم والبصل فى الذكر.
وطبعه طبعُ المؤنث، بارد يابس، وفيه قوتان متضادَّتان. إحداهما: يَعقِلُ الطبيعة. والأخرى: يُطلقها، وقشره حار يابس فى الثالثة، حِرِّيف
مُطْلِق للبطن، وترِياقُه فى قشره، ولهذا كان صِحاحهُ أنفعَ من مطحونه، وأخفَّ على المَعِدَة، وأقلَّ ضرراً، فإنَّ لُبَّه بطىءُ الهضم لبرودته ويُبوسته، وهو مولِّد للسَّوداء، ويَضُرُّ بالماليخوليا ضرراً بيِّناً، ويَضُرُّ بالأعصاب والبصر.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 01:56 AM   #38
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


وهو غليظُ الدم، وينبغى أن يتجنبه أصحابُ السوداء، وإكثارهم منه يُولِّد لهم أدواء رديئة: كالوسواس، والجذام، وحُمَّى الربِّع، ويُقلل ضرره السلقُ، والإسفاناخ، وإكثار الدُّهن، وأردأ ما أُكِلَ بالنمكسود، وليُتجنب خلط الحلاوة به، فإنه يُورث سُدداً كبديَّة، وإدمانه يُظلم البصر لشدة تجفيفه، ويُعَسِّر البَوْل، ويُوجِبُ الأورام الباردة، والرياحَ الغليظة. وأجودُه: الأبيضُ السمينُ، السريع النُّضج.وأما ما يظنُّه الجُهَّالُ أنه كان سِماطَ الخليل الذى يُقدِّمه لأضيافه، فَكَذِبٌ مفترَى، وإنما حكى اللهُ عنه الضيافَة بالشِّوَاء، وهو العِجل الحَنِيذ.
وذكر البيهقى عن إسحاق قال: سُئل ابنُ المبارك عن الحديث الذى جاء فى العَدَس، أنه قُدِّسَ على لسان سبعين نبيّاً، فقال: ولا على لسان نبى واحد، وإنَّه لمؤذ منفخ، مَن حدثكم به ؟ قالوا: سَلم بن سالم، فقال: عمَّن ؟ قالوا: عنك. قال: وعنى أيضاً،،؟

حرف الغين
غَيْثٌ: مذكور فى القرآن فى عِدة مواضع، وهو لذيذ الاسم على السمع، والمسمَّى على الروح والبدن، تبتهجُ الأسماعُ بذكره، والقلوب بوروده، وماؤُه أفضلُ المياه، وألطفُهَا وأنفعُهَا وأعظمُهَا بركة، ولا سِيَّما إذا كان مِن سحاب راعد، واجتمع فى مستنقعات الجبال.
وهو أرطبُ من سائر المياه، لأنه لم تَطُلْ مُدَّته على الأرض، فيَكتسب من يُبوستها، ولم يُخالطه جوهر يابس، ولذلك يتغيَّر ويتعفَّن سريعاً للطافته وسرعة انفعاله.
وهل الغَيْثُ الرَّبيعى ألطفُ من الشتوى أو بالعكس ؟ فيه قولان.



ص -259- قال مَن رجَّح الغَيْث الشتوى: حرارةُ الشمس تكون حينئذ أقلَّ، فلا تجتذِب من ماء البحر إلا ألْطفَه، والجوُّ صافٍ وهو خالٍ من الأبخرة الدخانيَّة، والغبار المخالط للماء، وكُلُّ هذا يوجب لطفه وصفاءه، وخُلوَّه من مخالط.
وقال مَن رجَّح الرَّبيعى: الحرارة تُوجب تحلُّلَ الأبخرة الغليظة، وتُوجب رِقة الهواء ولطافته، فيخِفُّ بذلك الماء، وتَقِلُّ أجزاؤه الأرضية، وتُصادِف وقتَ حياة النبات والأشجار وطِيب الهواء
وذكر الشافعى رحمه الله عن أنس بن مالك رضى الله عنهما، قال: كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأصابنا مطرٌ، فَحَسَر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثوبَه، وقال: "إنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّه"، وقد تقدَّم فى هَدْيه فى الاستسقاء ذكر استمطاره صلى الله عليه وسلم وتبركه بماء الغَيْث عند أوَّلَ مجيئه.

حرف الفاء
فَاتِحَةُ الْكِتاب: وأُمُّ القرآن، والسبعُ المثانى، والشفاءُ التام، والدواءُ النافع، والرُّقيةُ التامة، ومفتاح الغِنَى والفلاح، وحافظةُ القوة، ودافعةُ الهم والغم والخوف والحزن لمن عرف مقدارَها وأعطاها حقَّها، وأحسنَ تنزيلها على دائه، وعَرَفَ وجهَ الاستشفاء والتداوى بها، والسرَّ الذى لأجله كانت كذلك.
ولما وقع بعضُ الصحابة على ذلك، رقى بها اللَّديغ، فبرأ لوقته. فقال له النبىُّ صلى الله عليه وسلم: "وما أدراك أنَّها رُقْيَة".
ومَن ساعده التوفيق، وأُعين بنور البصيرة حتى وقف على أسرارِ هذه السورة، وما اشتملت عليه مِنَ التوحيد، ومعرفةِ الذات والأسماء والصفات والأفعال، وإثباتِ الشرع والقَدَر والمعاد، وتجريدِ توحيد الربوبية والإلهية، وكمال التوكل والتفويض إلى مَن له الأمر كُلُّه، وله الحمدُ كُلُّه، وبيده الخيرُ كُلُّه، وإليه يرجع الأمرُ كُلُّه، والافتقار إليه فى طلب الهداية التى هى أصلُ سعادة الدارين، وعَلِمَ ارتباطَ معانيها بجلب مصالحهما، ودفع مفاسدهما، وأنَّ العاقبةَ المطلقة التامة، والنعمةَ الكاملة مَنوطةٌ بها، موقوفةٌ على التحقق بها، أغنته عن كثير من الأدوية والرُّقى، واستفتح بها من الخير أبوابه، ودفع بها من الشر أسبابَه.
وهذا أمرٌ يحتاجُ استحداثَ فِطرةٍ أُخرى، وعقلٍ آخر، وإيمانٍ آخر، وتاللهِ لا تجدُ



ص -260- مقالةٌ فاسدة، ولا بدعةٌ باطلة إلا وفاتحةُ الكتابِ متضمِّنة لردها وإبطالها بأقرب الطُرُق، وأصحِّها وأوضحِها، ولا تجدُ
باباً من أبواب المعارف الإلهية، وأعمالِ القلوب وأدويتها مِن عللها وأسقامها إلا وفى فاتحة الكتاب مفتاحُه، وموضعُ الدلالة عليه، ولا منزلاً من منازل السائرين إلى ربِّ العالمين إلا وبدايتُه ونهايتُه فيها.
ولعَمْرُ الله إنَّ شأنها لأعظمُ من ذلك، وهى فوقَ ذلك. وما تحقَّق عبدٌ بها، واعتصم بها، وعقل عمن تكلَّم بها، وأنزلها شفاءً تاماً، وعِصمةً بالغةً، ونوراً مبيناً، وفهمها وفهم لوازمَها كما ينبغى ووقع فى بدعةٍ ولا شِركٍ، ولا أصابه مرضٌ من أمراض القلوب إلا لِماماً، غيرَ مستقر.
هذا.. وإنها المفتاح الأعظم لكنوز الأرض، كما أنها المفتاحُ لكنوز الجَنَّة، ولكن ليس كل واحد يُحسن الفتح بهذا المفتاح، ولو أنَّ طُلابَ الكنوز وقفوا على سر هذه السورة، وتحقَّقُوا بمعانيها، وركَّبوا لهذا المفتاح أسناناً، وأحسنُوا الفتح به، لوصلوا إلى تناول الكُنوزِ من غير معاوِق، ولا ممانع.
ولم نقل هذا مجازفةً ولا استعارةً؛، بل حقيقةً، ولكنْ لله تعالى حكمةٌ بالغة فى إخفاء هذا السر عن نفوس أكثر العالَمين، كما لَه حكمة بالغة فى إخفاء كنوز الأرض عنهم. والكنوزُ المحجوبة قد استُخدمَ عليها أرواحٌ خبيثة شيطانية تحولُ بين الإنس وبينها، ولا تقهرُها إلاَّ أرواحٌ عُلْوية شريفة غالبة لها بحالها الإيمانى، معها منه أسلحةٌ لا تقومُ لها الشياطين، وأكثرُ نفوس الناس ليست بهذه المَثابة، فلا يُقاوِمُ تلك الأرواح ولا يَقْهَرُها، ولا ينال من سلبِها شيئاً، فإنَّ مَن قتل قتيلاً فله سلبه
فَاغِيَةٌ: هى نَوْرُ الحِنَّاء، وهى من أطيب الرياحين، وقد روى البيهقى فى كتابه "شُعَب الإيمان" من حديث عبد الله بن بُريدَة، عن أبيه رضى الله عنه يرفعه: "سيدُ الرَّياحين فى الدنيا والآخرة الفاغِيَةُ"، وروى فيه أيضاً، عن أنس بن مالك رضى الله عنه، قال: "كان أحَبَّ الرَّياحين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفاغِيَةُ". والله أعلم بحال هذين الحديثين، فلا نشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا نعلم صِحته.
وهى معتدلةٌ فى الحر واليُبْس، فيها بعضُ القبض، وإذا وُضِعَتْ بين طىِّ ثياب الصوف حفظتْها من السوس، وتدخل فى مراهم الفالج والتمدد، ودُهنها يُحلِّل الأعضاء، ويُلَيِّن العصب.



ص -261- فِضَّةٌ: ثبت أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان خاتِمُه من فِضَّة، وفَصُّه منه، وكانت قَبِيعةُ سيفِه فِضَّة، ولم يصح عنه فى المنع من لباس الفِضَّة والتحلِّى بها شىءٌ البتة، كما صَحَّ عنه المنع من الشُّرب فى آنيتها، وبابُ الآنية أضيقُ من باب اللباس والتحلى، ولهذا يُباح للنساء لباساً وحليةً ما يحرُم عليهن استعمالُه آنيةً، فلا يلزم من تحريم الآنية تحريمُ اللباس والحلية.
وفى "السنن" عنه: "وأما الفِضَّةُ فالعبوا بها لَعْباً". فالمنع يحتاجُ إلى دليل يُبينه، إما نصٌ أو إجماع، فإن ثبت أحدُهما، وإلا ففى القلب من تحريم ذلك على الرجال شىء، والنبىُّ صلى الله عليه وسلم أمسك بيده ذهباً، وبالأخرى حريراً، وقال: "هذان حرامٌ على ذُكُور أُمَّتى، حِلٌ لإناثهم".
والفِضَّة سِرٌ من أسرار الله فى الأرض وطلسم الحاجات، وإحسانُ أهل الدنيا بينهم، وصاحبُها مرموقٌ بالعيون بينهم، معظَّمٌ فى النفوس، مُصدَّرٌ فى المجالس، لا تُغلق دونه الأبواب، ولا تُمَلُّ مجالستُه، ولا معاشرتُه، ولا يُستثقل مكانه، تُشير الأصابعُ إليه، وتعقِد العيون نِطاقها عليه، إن قال سُمِعَ قوله، وإن شَفَعَ قُبِلَتْ شفاعتُه، وإن شهد زُكِّيتْ شهادتُه، وإن خَطَبَ فكُفء لا يُعاب، وإن كان ذا شيبة بيضاء فهى أجمل عليه من حِلية الشباب.
وهى من الأدوية المفرحة النافعةِ من الهمِّ والغمِّ والحزن، وضعف القلب وخفقانه، وتدخُلُ فى المعاجين الكُبَّار، وتجتذب بخاصيتها ما يتولَّد فى القلب من الأخلاط الفاسدة، خصوصاً إذا أُضيفت إلى العسل المصفَّى، والزعفران.
ومزاجُها إلى اليبُوسة والبُرودة، ويتولَّد عنها مِن الحرارة والرُّطوبة ما يتولَّد، والجِنَانُ التى أعدَّها الله عَزَّ وجَلَّ لأوليائه يومَ يلقونه أربعٌ: جنَّتانِ من ذهب، وجنَّتان مِن فِضَّة، آنيتهُما وحليتهما وما فيهما.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم
فى "الصحيح" من حديث أُم سلمة أنه قال: "الذى يشربُ فى آنيةِ الذَّهَب والفِضَّة إنما يُجَرْجِرُ فى بَطْنِهِ نارَ جَهَنَّمَ".
وصحَّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تشربوا فى آنيةِ الذَّهبِ والفِضَّةِ، ولا تأكُلُوا فى صِحَافِهما، فإنها لَهُم فى الدُّنْيا ولكم فى الآخِرَةِ".
فقيل: عِلَّةُ التحريم تضييقُ النقود، فإنها إذا اتُّخِذَتْ أوانىَ فاتت الحِكمةُ التى وُضعت لأجلها من قيام مصالح بنى آدم، وقيل: العِلَّةُ



ص -262- الفخر والخُيلاَء. وقيل: العِلَّةُ كسرُ قلوب الفقراء والمساكين إذا رأوها وعاينوها.
وهذه العللُ فيها ما فيها، فإنَّ التعليل بتضييق النقود يمنع من التحلى بها وجعلِها سبائكَ ونحوَها مما ليس بآنيةٍ ولا نقْدٍ، والفخرُ والخيلاءُ حرام بأى شىء كان، وكسر قلوب المساكين لا ضابطَ له، فإنَّ قُلوبَهم تنكسر بالدُّور الواسعة، والحدائق المعجبة، والمراكبِ الفارهة، والملابس الفاخرة، والأطعمة اللذيذة، وغير ذلك من المباحات، وكُلُّ هذه عللٌ منتقَضة، إذ تُوجد العِلَّةُ، ويَتَخلَّف معلولُها.
فالصواب أنَّ العِلَّة والله أعلم ما يُكْسِب استعمالُها القلبَ من الهيئة، والحالة المنافية للعبودية منافاةً ظاهرة، ولهذا عَلَّل النبىُّ صلى الله عليه وسلم بأنها للكفار فى الدُّنْيا، إذ ليس لهم نصيب مِن العبودية التى ينالون بها فى الآخرة نعيمها، فلا يصلُح استعمالُها لعبيد الله فى الدنيا، وإنما يستعمِلُها مَنْ خرج عن عبوديته، ورَضِىَ بالدنيا وعاجِلهَا من الآخرة.

حرف القاف
قُرْآنٌ: قال الله تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ} [الإسراء: 82 ]
والصحيح: أنَّ "من" ههنا لبيان الجنس لا للتبعيض.
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِى الصُّدُورِ}[يونس: 57].
فالقرآنُ هو الشِّفاء التام مِن جميع الأدواء القلبية والبدنية، وأدواءِ الدنيا والآخرة، وما كُلُّ أحدٍ يُؤهَّل ولا يُوفَّق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوىَ به، ووضعَه على دائه بصدقٍ وإيمان، وقبولٍ تام، واعتقادٍ جازم، واستيفاءِ شروطه، لم يُقاوِمْهُ الداءُ أبداً.
وكيف تُقاوِمُ الأدواءُ كلامَ ربِّ الأرض والسماءِ الذى لو نزل على الجبال، لصَدَعَهَا، أو على الأرض، لقطعها، فما مِن مرضٍ من أمراض القُلُوبِ والأبدان إلا وفى القُرآن سبيلُ الدلالة على دوائه وسببه، والحِمية منه لمن رزقه الله فهماً فى كتابه.
وقد تقدَّم فى أول الكلام على الطب بيانُ إرشاد القرآن العظيم إلى أُصوله ومجامعه التى هى حفظُ الصحة والحِميةُ، واستفراغُ المؤذى، والاستدلالُ بذلك على



ص -263- سائر أفراد هذه الأنواع. وأما الأدوية القلبية، فإنه يذكرها مُفصَّلةً، ويذكر أسبابَ أدوائها وعلاجها. قال: {أَوَ لَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ}[العنكبوت: 51]، فمَن لم يَشْفِه القرآنُ، فلا شفاه الله، ومَن لم يَكفِه، فلا كفاه الله.
قِثَّاءٌ: فى "السنن": من حديث عبد الله بن جعفر رضى الله عنه
"أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان يأكلُ القِثَّاءَ بالرُّطب". ورواه الترمذىُّ وغيره.
القِثَّاء بارد رطب فى الدرجة الثانية، مطفىءٌ لحرارة المَعِدَة الملتهبة، بطىء الفساد فيها، نافعٌ من وجع المثانة، ورائحتُه تنفع من الغَشْى، وبِزرُه يُدِرُّ البَوْل، وورقهُ إذا اتُّخِذ ضِماداً، نفع من عضة الكلب.
وهو بطىءُ الانحدار عن المَعِدة، وبرده مُضِرٌ ببعضها، فينبغى أن يُستعملَ معه ما يُصلحه ويكسر برودته ورطوبته، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أكله بالرُّطب، فإذا أُكل بتمر أو زبيب أو عسل عدَّله.
قُسْطٌ وكُسْت: بمعنى واحد. وفى "الصحيحين": من حديث أنس رضى الله عنه، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: "خيرُ ما تداوَيْتُم به الحِجامةُ والقُسْطُ البَحْرِىُّ".
وفى "المسند": من حديث أُمِّ قيس، عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم: "عليكم بهذا العُود الهندىِّ، فإنَّ فيه سَبْعَةَ أشْفِيةٍ منها ذاتُ الجَنْبِ".
القُسْط: نوعان. أحدهما: الأبيضُ الذى يُقَال له: البحرىُّ. والآخر: الهندىُّ، وهو أشدُّهما حراً، والأبيضُ ألينهُما، ومنافعُهما كثيرة جداً.
وهما حاران يابسان فى الثالثة، يُنشِّفان البلغم، قاطعانِ للزُّكام، وإذا شُرِبَا، نفعا من ضعف الكَبِدِ والمَعِدَة ومن بردهما، ومِن حُمَّى الدَّوْرِ والرِّبع، وقطعا وجعَ الجنب، ونفعا مِن السُّمُوم، وإذا طُلِىَ به الوجهُ معجوناً بالماء والعسل، قَلَعَ الكَلَف.
وقال "جالينوسُ": ينفع من الكُزَاز، ووجع الجَنْبين، ويقتل حَبَّ القَرَع.
وقد خفىَ على جُهَّال الأطباء نفعُه من وجِعَ ذاتِ الجَنْب، فأنكروه، ولو ظَفِر هذا الجاهلُ بهذا النقل عن "جالينوس" لنزَّله منزلةَ النص، كيف وقد نصَّ كثيرٌ من الأطباء



ص -264- المتقدمين على أنَّ القُسْطَ يصلحُ للنوع البلغمىِّ من ذات الجنب، ذكره الخطَّابىُّ عن محمد بن الجَهْم.
وقد تقدَّم أنَّ طِبُّ الأطباء بالنسبة إلى طِبِّ الأنبياء أقلُّ من نسبةِ طِب الطُّرقيَّة والعجائز إلى طِبِّ الأطباء، وأنَّ بيْن ما يُلقَّى بالوحى، وبيْن ما يُلَقَّى بالتجربة، والقياسِ من الفرْق أعظمَ مما بَيْن القَدَم والفرق.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 01:57 AM   #39
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ولو أنَّ هؤلاء الجُهَّال وجدوا دواءً منصوصاً عن بعض اليهود والنصارى والمشركين من الأطباء، لتلقَّوْه بالقبول والتسليم، ولم يتوقَّفُوا على تجربته.
نعم.. نحن لا ننكِرُ أنَّ للعادة تأثيراً فى الانتفاع بالدواء وعدمه، فمَن اعتاد دواءً وغذاءً، كان أنفعَ له، وأوفقَ ممن لم يَعتدْه، بل ربما لم ينتفع به مَن لم يعتده.
وكلامُ فضلاء الأطباء وإن كان مطلَقاً فهو بحسب الأمزجة والأزمنة، والأماكن والعوائد، وإذا كان التقييدُ بذلك لا يقدح فى كلامهم ومعارفهم، فكيف يقدح فى كلام الصادق المصدوق، ولكن نفوس البَشَر مركبةٌ على الجهل والظلم، إلا مَن أيَّده الله بروح الإيمان، ونَوَّرَ بَصيرته بنور الهُدَى.
قَصَبُ السُّكَّرِ: جاء فى بعض ألفاظ السُّنَّة الصحيحة فى الحَوض: "ماؤه أحلى من السكَّر" ولا أعرف "السكر" فى الحديث إلا فى هذا الموضع.
والسكر حادث لم يتكلم فيه متقدِّمو الأطباء، ولا كانوا يعرفونه، ولا يَصِفونه فى الأشربة، وإنما يعرفون العسل، ويُدخلونه فى الأدوية.
وقصبُ السكر حارٌ رطب ينفع من السُّعال، ويجلو الرطوبةَ والمثانة، وقصبةَ الرِّئة، وهو أشدُّ تلييناً من السكر، وفيه معونةٌ على القىء، ويُدِرُّ البَوْل، ويزيد فى الباه. قال عفان بن مسلم الصفَّار: مَنْ مَصَّ قصبَ السكر بعد طعامه، لم يزل يومَه أجمعَ فى سرور.. انتهى.
وهو ينفع من خشونة الصدر والحلق إذا شُوِىَ، ويُولِّد رياحاً دفعُها بأن يُقشَّرَ ويُغسل بماء حار.
والسكر حارٌ رطب على الأصح، وقيل: بارد. وأجودُه: الأبيض الشفاف الطَّبَرْزَد، وعَتيقُه ألطفُ من جديده، وإذا طُبِخَ ونُزِعَتْ
رغوتُه، سكَّن العطشَ والسُّعال، وهو يضر المَعِدَة التى تتولَّد فيها الصفراءُ لاستحالته إليها، ودفعُ ضرره بماء اللَّيمون أو



ص -265- لنارَنْجِ، أو الرُّمان اللفَّان.
وبعضُ الناس يُفضِّلُه على العسل لقِلَّة حرارته ولينه، وهذا تحامل منه على العسل، فإنَّ منافع العسل أضعافُ منافع السكر، وقد جعله الله شِفاءً ودواءً، وإداماً وحلاوةً، وأين نفعُ السكر مِن منافع العسل: مِن تقويةِ المَعِدَة، وتليين الطبع، وإحدادِ البصر، وجِلاءِ ظُلمته، ودفعِ الخوانيق بالغرغرةِ به، وإبرائِهِ من الفالج واللَّقْوة، ومِن جميع العلل الباردة التى تَحدُث فى جميع البدن من الرطوبات، فيجذِبُها من قعر البدن، ومن جميع البدن، وحفظِ صحته وتسمينه وتسخينه، والزيادةِ فى الباه، والتحليلِ والجِلاءِ، وفتح أفواهِ العروق، وتنقيةِ المِعَى، وإحدارِ الدُّود، ومنعِ التخم وغيره من العفن، والأُدم النافع، وموافقةِ مَن غلب عليه البلغمُ والمشايخ وأهلِ الأمزجة الباردة.. وبالجملة: فلا شىء أنفعُ منه للبدن، وفى العلاج وعجز الأدوية، وحفظِ قواها، وتقويةِ المَعِدة إلى أضعاف هذه المنافع، فأين للسُّكَّرِ مثلُ هذه المنافع والخصائص أو قريبٌ منها ؟

حرف الكاف
كِتَابٌ لِلحُمَّى: قال المرْوَزِىُّ: بَلَغَ أبا عبد الله أنى حُممتُ، فكتب لى من الحُمَّى رقعةً فيها: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله، وبالله، محمدٌ رسول الله، {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِى بَرْداً وَسَلاَمَاً عَلَى إبْرَاهِيمَ وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ}[الأنبياء: 69-70]، اللَّهُمَّ ربَّ جبرائيلَ، وميكائيلَ، وإسرافيلَ، اشفِ صاحبَ هذا الكتابِ بِحَوْلِك وقُوَّتِكَ وجَبَرُوتِكَ،إلهَ الحق آمين.
قال المَرْوزىُّ: وقرأ على أبى عبد الله وأنا أسمعُ أبو المُنذر عمرُو بن مجمع، حدَّثنا يونسُ بن حِبَّانَ، قال: سألتُ أبا جعفر محمد بن على، أن أُعلِّقَ التَعْويذَ، فقال: إن كان من كتاب الله أو كلام عن نبىِّ الله فعلِّقْه واستَشفِ به ما استطعتَ. قلتُ: أكتبُ هذه من حُمَّى الرِّبع: باسم الله، وبالله، ومحمد رسول الله.... إلى آخره ؟ قال: أىْ نعم.



ص -266- وذكر أحمدُ عن عائشة رضى الله عنها وغيرها، أنهم سهَّلُوا فى ذلك.
قال حربٌ: ولم يُشدِّدْ فيه أحمد بن حنبل. قال أحمد: وكان ابن مسعود يكرهه كراهةً شديدة جدّا. وقال أحمد وقد سُئِل عن التمائمُ تُعَلَّق بعد نزول البلاء ؟ قال: أرجو أن لا يكونَ به بأس.
قال الخَلاَّل: وحدَّثنا عبد الله بن أحمد، قال: رأيتُ أبى يكتب التعويذَ للذى يفزَعُ، وللحُمَّى بعد وقوع البلاء.
كتاب لعُسْر الولادة: قال الخَلال: حدَّثنى عبدُ الله بن أحمد، قال: رأيتُ أبى يكتب للمرأة إذا عَسُرَ عليها ولادُتها فى جامٍ أبيض، أو شىء نظيف، يكتُبُ حديث ابن عباس رضى الله عنه: لا إله إلا الله الحليمُ الكريمُ، سبحان الله ربِّ العرش العظيم، الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِين: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُواْ إلاَّ سَاعَةً مِّنْ نَهَارٍ، بَلاَغٌ}[الأحقاف: 35]، {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا}[النازعات: 46]
قال الخَلال: أنبأنا أبو بكر المَرْوزىُّ: أنَّ أبا عبد الله جاءه رجل فقال: يا أبا عبد الله؛ تكتبُ لامرأة قد عَسُرَ عليها ولدُها منذ يومين ؟ فقال: قُلْ له: يَجِئ بجامٍ واسِع، وزعفرانٍ، ورأيتُهُ يكتب لغير واحد.
ويُذكر عن عِكرمةَ، عن ابن عباس، قال: مَرَّ عيسى صلَّى الله على نبيِّنا وعليه وسَلَّم على بقرة قد اعتَرَضَ ولدُها فى بطنها، فقالت: يا كلمةَ الله؛ ادعُ الله لى أن يُخَلِّصَنى مما أنا فيه. فقال: يا خالقَ النفسَ مِنَ النفسِ، ويا مخلِّصَ النفسَ مِنَ النفسِ، ويا مُخْرِجَ النفسَ مِنَ النفسِ، خَلِّصْهَا. قال: فرمتْ بولدها، فإذا هى قائمة تَشُمُّه. قال: فإذا عَسُرَ عَلى المرأة ولدُها، فاكتبْه لها. وكل ما تقدم من الرقى، فإن كتابته نافعة.
ورخص جماعة من السلف في كتابة بعض القرآن وشربه، وجعل ذلك من الشفاء الذي جعل الله فيه.
كتاب آخر لذلك: يكتب في إناء نظيف: { إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ } [الانشقاق: 1-4]، وتشرب منه الحامل، ويرش على بطنها.
كتاب للرعاف: كان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يكتب على



ص -267- جبهته: { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ } [هود: 44]. وسمعته يقول: كتبتها لغير واحد فبرأ، فقال: ولا يجوز كتابتها بدم الراعف، كما يفعله الجهال، فإن الدم نجس، فلا يجوز أن يكتب به كلام الله تعالى.
كتاب آخر له: خرج موسى عليه السلام برداء، فوجد شعيباً، فشده بردائه { يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ } [الرعد: 39].
كتاب آخر للحزاز: يكتب عليه: { فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ } [البقرة: 266] بحول الله وقوته.
كتاب آخر له: عند اصفرار الشمس يكتب عليه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الحديد: 28].
كتاب آخر للحمى المثلثة: يكتب على ثلاث ورقات لطاف: بسم الله فرَّت، بسم الله مرت، بسم الله قلت، ويأخذ كل يوم ورقة، ويجعلها في فمه، ويبتلعها بماء.
كتاب آخر لعرق النسا: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم رب كل شيء، ومليك كل شيء، وخالق كل شيء، أنت خلقتني، وأنت خلقت النَّسا، فلا تسلطه علي بأذى، ولا تسلطني عليه بقطع، واشفني شفاء لا يغادر سقماً، لا شافي إلا أنت.
كتاب للعرق الضارب: روى الترمذي في "جامعه": من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الحمى، ومن الأوجاع كلها أن يقولوا: "بسم الله الكبير، أعوذ بالله العظيم من شر كل عرق نعار، ومن شر حر النار".
كتاب لوجع الضرس: يكتب على الخد الذي يلي الوجع: بسم الله الرحمن الرحيم: { قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ } [النحل: 78]، وإن شاء كتب: { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [الأنعام: 13].



ص -268- كتاب للخراج: يكتب عليه: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً لا تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلا أَمْتاً } [طه: 105].
كمأة: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الكمأة من المن وماؤها شفاءللعين"، أخرجاه في "الصحيحين".
قال ابن الأعرابي: الكمأة: جمع، واحده كمء، وهذا خلاف قياس العربية، فإن ما بينه وبين واحده التاء، فالواحد منه بالتاء، وإذا حذفت كان للجمع. وهل هو جمع، أو اسم جمع ؟ على قولين مشهورين، قالوا: ولم يخرج عن هذا إلا حرفان: كمأة وكمء، وجبأة وجبء، وقال غير ابن الأعرابي: بل هي على القياس: الكمأة للواحد، والكمء للكثير، وقال غيرهما: الكمأة تكون واحداً وجمعاً.
واحتج أصحاب القول الأول بأنهم قد جمعوا كمئاً على أكمؤ، قال الشاعر:

ولقد جنيتك أكمؤا وعساقلا ولقد نهيتك عن بنات الأوبر

وهذا يدل على أن "كمء" مفرد، "وكمأة" جمع.
والكمأة تكون في الأرض من غير أن تزرع، وسميت كمأة لاستتارها، ومنه كمأ الشهادة: إذا سترها وأخفاها، والكمأة مخفية تحت الأرض لا ورق لها، ولا ساق، ومادتها من جوهر أرضي بخاري محتقن في الأرض نحو سطحها يحتقن ببرد الشتاء، وتنميه أمطار الربيع، فيتولد ويندفع نحو سطح الأرض متجسداً، ولذلك يقال لها: جدري الأرض، تشبيهاً بالجدري في صورته ومادته، لأن مادته رطوبة دموية، فتندفع
عند سن الترعرع في الغالب، وفي ابتداء استيلاء الحرارة، ونماء القوة.
وهي مما يوجد في الربيع، ويؤكل نيئاً ومطبوخاً، وتسميها العرب: نبات الرعد لأنها تكثر بكثرته، وتنفطر عنها الأرض، وهي من أطعمة أهل البوادي، وتكثر بأرض العرب، وأجودها ما كانت أرضها رملية قليلة الماء.
وهي أصناف: منها صنف قتال يضرب لونه إلى الحمرة يحدث الاختناق.
وهي باردة رطبة في الدرجة الثالثة، رديئة للمعدة، بطيئة الهضم، وإذا أدمنت،



ص -269- أورثت القولنج والسكتة والفالج، ووجع المعدة، وعسر البول، والرطبة أقل ضرراً من اليابسة ومن
أكلها فليدفنها فى الطين الرَّطب، ويَسلِقها بالماء والملح والصَّعْتر، ويأكلها بالزيت والتوابِل الحارَّة، لأن جوهرها أرضى غليظ، وغِذاءها ردىء، لكن فيها جوهر مائى لطيف يدل على خفتها، والاكتحال بها نافع من ظلمة البصر والرَّمد الحار، وقد اعترف فضلاء الأطباء بأنَّ ماءها يجلو العَيْن. وممن ذكره المسيحىُّ، وصاحب القانون، وغيرهما.
وقوله صلى الله عليه وسلم: "الكَمْأَة من المَنِّ"، فيه قولان:
أحدهما: أنَّ المنَّ الذى أُنزل على بنى إسرائيل لم يكن هذا الحلو فقط، بل أشياءُ كثيرة مَنَّ الله عليهم بها من النبات الذى يُوجد عفواً من غير صنعة ولا عِلاج ولاحرث، فان المن مصدر بمعنى المفعول أى "ممنون" به فكل ما رزقه الله العبد عفوا بغير كسب منه ولا علاج، فهو مَنٌ محضٌ، وإن كانت سائر نعمه مَنّاً منه على عبده، فخصَّ منها ما لا كسب له فيه، ولا صُنعَ باسم "المنِّ"، فإنه مَنٌ بلا واسطة العبد، وجعل سبحانه قُوتَهم بالتِّيه "الكمأة"، وهى تقومُ مقام الخبز، وجعل أُدمهم "السَّلْوى"، وهو يقوم مقام اللَّحم، وجعل حَلواهم "الطلَّ" الذى ينزلُ على الأشجار يقوم لهم مقام الحلوى. فكَمُل عيشهُم.
وتأمل قوله صلى الله عليه وسلم: "الكمأة من المنِّ الذى أنزله الله على بنى إسرائيل" فجعلها من جملته، وفرداً من أفراده، والترنْجبين الذى يسقط على الأشجار نوع من المَنِّ، ثم غلب استعمال المَنِّ عليه عُرْفاً حادثاً.
والقول الثانى: أنه شَبَّهَ الكمأةَ بالمَنِّ المُنَزَّل من السماء، لأنه يُجمع من غير تعب ولا كلفة ولا زرع بِزر ولا سقى.
فإن قلت: فإذا كان هذا شأنَ الكمأة، فما بالُ هذا الضرر فيها، ومن أين أتاها ذلك ؟
فاعلم أنَّ اللهَ سبحانه أتقن كُلَّ شىء صنعه، وأحسن كُلَّ شىء خلقه، فهو عند مبدإ خلقه برىءٌ من الآفات والعلل، تامُّ المنفعة لما هُيىء وخُلِقَ له، وإنما تعرِضُ له



ص -270- الآفاتُ بعد ذلك بأُمور أُخَر من مجاورة، أو امتزاج واختلاط، أو أسباب أُخَر تقتضى فسادَه، فلو تُرِكَ على خِلقته الأصلية من غير تعلق أسباب الفساد به، لم يفسد.
ومَنْ له معرفة بأحوال العالَم ومبدئه يعرِف أنَّ جميع الفساد فى جَوِّه ونباته وحيوانه وأحوالِ أهله، حادثٌ بعد خلقه بأسباب اقتضت حدوثَه، ولم تزل أعمالُ بنى آدَم ومخالفتُهم للرُّسُل تُحدث لهم من الفساد العام والخاص ما يجلب عليهم من الآلام، والأمراض، والأسقام، والطواعين، والقحوط، والجدوب، وسلب بركات الأرض، وثمارها، ونباتها،وسلب منافعها، أو نقصانها أُموراً متتابعة يتلو بعضُهَا بعضاً.
فإن لم يَتَّسِعْ علمك لهذا فاكتفِ بقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ}[الروم:41]، ونَزِّل هذه الآية على أحوالِ العالَم، وطابِقْ بين الواقع وبينها، وأنت ترى كيف تحدث الآفاتُ والعلل كل وقت فى الثمار والزرع والحيوان، وكيف يحدُث من تلك الآفات آفاتٌ أُخَرُ متلازمة، بعضُها آخذ برقاب بعض، وكُلَّما أحدث الناسُ


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
قديم 04 Apr 2010, 01:57 AM   #40
محمد الغماري
وسام الشرف


الصورة الرمزية محمد الغماري
محمد الغماري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم باحث : 8176
 تاريخ التسجيل :  Jan 2010
 أخر زيارة : 08 Aug 2011 (06:14 AM)
 المشاركات : 1,647 [ + ]
 التقييم :  10
لوني المفضل : Cadetblue


ظلماً وفجوراً، أحدث لهم ربهم تبارك وتعالى من الآفات والعلل فى أغذيتهم وفواكههم، وأهويتهم ومياههم، وأبدانهم وخلقهم، وصُورهم وأشكالهم وأخلاقهم من النقص والآفات، ما هو موجب أعمالهم وظلمهم وفجورهم.
ولقد كانت الحبوب من الحِنطة وغيرها أكبرَ مما هى اليوم، كما كانت البركةُ فيها أعظمَ. وقد روى الإمام أحمد بإسناده: أنه وجد فى خزائن بعض بنى أميةَ صرة فيها حِنطةٌ أمثال نوى التمر مكتوبٌ عليها: هذا كان ينبُت أيامَ العدل. وهذه القصة، ذكرها فى "مسنده" على أثر حديث رواه
وأكثرُ هذه الأمراض والآفات العامة بقيةُ عذاب عُذِّبتْ به الأُممُ السالفة، ثم بقيت منها بقية مُرصَدَةٌ لمن بقيت عليه بقيةٌ من أعمالهم، حكماً قسطاً، وقضاءً عدلاً، وقد أشار النبىُّ صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله فى الطاعون: "إنَّه بقيةُ رجز أو عذاب أُرسِلَ على بنى إسرائيلَ".
وكذلك سلَّط اللهُ سبحانه وتعالى الريحَ على قومٍ سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيام، ثم أبقَى فى العالَم منها بقيةً فى تلك الأيام، وفى نظيرها عِظةً وعِبرة.
وقد جعل اللهُ سبحانه أعمال البَرِّ والفاجر مقتضياتٍ لآثارها فى هذاالعالَم اقتضاءً



ص -271- لا بد منه، فجعل منعَ الإحسان والزكاة والصدقة سبباً لمنع الغَيْث من السماء، والقحطِ والجَدْبِ، وجعَلَ ظلمَ المساكين، والبخسَ فى المكاييل والموازين، وتعدِّى القَوِّىُّ على الضعيف سبباً لجَوْر الملوك والولاة الذين لا يَرحمون إن اسْتُرْحِموا، ولا يَعْطِفُون إن استُعطِفُوا، وهم فى الحقيقة أعمالُ الرعايا ظهرت فى صور وُلاتهم، فإنَّ اللهَ سبحانه بحكمته وعدله يُظهِرُ للناس أعمالَهم فى قوالِب وصورٍ تناسبها، فتارةً بقحط وجدب، وتارة بعدوٍّ، وتارةً بولاة جائرين، وتارةً بأمراضٍ عامة، وتارةً بهُموم وآلام وغموم تحضُرها نفوسُهم لا ينفكُّونَ عنها، وتارةً بمنع بركات السماء والأرض عنهم، وتارةً بتسليط الشياطين عليهم تَؤُزُّهم إلى أسباب العذاب أزَّاً، لِتَحِقَّ عليهم الكلمة، وليصيرَ كل منهم إلى ما خُلِقَ له. والعاقل يُسَيِّر بصيرته بين أقطار العالَم، فيُشاهدُه، وينظر مواقعَ عدل الله وحكمته، وحينئذ يَتَبيَّنُ له أنَّ الرُّسُلَ وأتباعَهُم خاصةً على سبيل النجاة، وسائر الخلق على سبيل الهلاك سائرون، وإلى دار البَوار صائرون، واللهُ بالغُ أمرِه، لا مُعَقِّبَ لحكمه، ولا رادَ لأمره.. وبالله التوفيق
وقوله صلى الله عليه وسلم فى الكمأة: "وماؤها شفاء للعَيْنِ" فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنَّ ماءَها يُخلَط فى الأدوية التى يُعالَج بها العَيْنُ، لا أنه يُستعمل وحده، ذكره أبو عُبيد.
الثانى: أنه يُستعمل بحْتاً بعد شَيِّها، واستقطار مائها، لأنَّ النار تُلطِّفه وتُنضجه، وتُذِيبُ فضلاتِه ورطوبتَه المؤذية، وتُبقى المنافع.
الثالث: أنَّ المراد بمائها الماءُ الذى يحدث به من المطر، وهو أولُ قَطْر ينزل إلى الأرض، فتكون الإضافة إضافةَ اقتران، لا إضافة جزء، ذكره ابن الجوزى، وهو أبعدُ الوجوه وأضعفها.
وقيل: إن استُعمل ماؤها لتبريد ما فى العَيْن، فماؤها مجرَّداً شفاء، وإن كان لغير ذلك، فمركَّب مع غيره.
وقال الغافقى: ماء الكمأة أصلح الأدوية للعَيْن إذا عُجِنَ به الإثمِد واكتُحِلَ به، ويُقوِّى



ص -272- أجفانها، ويزيدُ الروحَ الباصرة قوةً وحِدَّة، ويدفع عنها نزول النوازل.
كَبَاثٌ: فى "الصحيحين": من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنه، قال: كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَجْنِى الكَباثَ، فقال: "عليكم بالأسْوَدِ مِنْهُ، فإنَّه أطْيَبُه".
الكَباث بفتح الكاف، والباء الموحدة المخففة، والثاء المثلثة ثمرُ الأراك. وهو بأرض الحجاز، وطبعُه حار يابس، ومنافعُه كمنافع الأراك: يُقَوِّى المعدة، ويُجيدُ الهضمَ، ويجلُو البلغمَ، وينفعُ مِن أوجاع الظهر، وكثيرٍ من الأدواء. قال ابن جُلْجُل: إذا شُرِبَ طحينُه، أدرَّ البَوْلَ، ونقَّى المثانة، وقال ابنُ رضوان: يُقَوِّى المَعِدَة، ويُمسكُ الطبيعة.
كَتَمٌ: روى البخارىُّ فى "صحيحه": عن عثمان بن عبد الله ابن مَوْهَب، قال: دخلنا على أُمِّ سَلَمة رضى الله عنها، فأخرجت إلينا شعَراً من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو مخضوبٌ بالحِنَّاء والكَتَمِ.
وفى "السنن الأربعة": عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إنَّ أحسنَ ما غيَّرْتُم به الشَّيْبَ الحِنَّاءُ والكَتَمُ".
وفى "الصحيحين": عن أنس رضى الله عنه، أنَّ أبا بكر رضى الله عنه اختَضب بالحِنَّاءِ والكَتَمِ.
وفى "سنن أبى داود": عن ابن عباس رضى الله عنهما، قال: مَرَّ على النبىِّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ قد خَضَبَ بالحِنَّاء، فقال:
"ما أحْسَنَ هذا" ؟، فمرَّ آخرُ قد خَضَبَ بالحِنَّاءِ والكَتَم، فقال: "هذا أحسنُ من هذا"، فمرَّ آخَرُ قد خَضَبَ بالصُّفرة، فقال: "هذا أحسنُ من هذا كُلِّهِ".
قال الغافِقى: "الكَتَمُ نبتٌ ينبُت بالسهول، ورقُه قريب مِن ورق الزَّيْتون، يعلُو فوقَ القامة، وله ثمر قَدْرَ حَبِّ الفُلفُل، فى داخله نوى، إذا رُضِخَ اسودَّ، وإذا استُخرجَتْ عُصارة ورقه، وشُرِبَ منها قدرُ أُوقية، قَيَّأَ قيئاً شديداً، وينفع عن عضة الكلب. وأصلُه إذا طبِخَ بالماء كان منه مِدادٌ يُكتب به.
وقال الكِندى: بزر الكَتَم إذا اكتُحِلَ به، حلَّل الماء النازل فى العين وأبرأها.
وقد ظن بعض الناس أنَّ الكَتَمَ هو الوَسْمة، وهى ورق النِّيل، وهذا وهَمٌ، فإن الوَسْمة غير الكَتَم. قال صاحب "الصحاح": "الكَتَم بالتحريك: نبت يُخلط بالوَسْمة يُختضَب به. قيل: والوَسْمة نباتٌ له ورق طويل يَضرِبُ لونه إلى الزرقة أكبرُ من ورق



ص -273- الخِلاف، يُشبه ورق اللُّوبياء، وأكبرُ منه، يُؤتى به من الحجاز واليمن.
فإن قيل: قد ثبت فى "الصحيح" عن أنس رضى الله عنه، أنه قال: "لم يختضِب النبىُّ صلى الله عليه وسلم".
قيل: قد أجاب أحمد بن حنبلٍ عن هذا وقال: قد شَهِدَ به غيرُ أنس رضى الله عنه على النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه خَضَبَ. وليس مَنْ شَهِدَ بمنزلة مَن لم يشهدْ، فأحمدُ أثبتَ خِضاب النبىّ صلى الله عليه وسلم، ومعه جماعة من المحدِّثين، ومالك أنكره.
فإن قيل: قد ثبت فى "صحيح مسلم" النهىُ عن الخِضاب بالسواد فى شأن أبى قُحافةَ لمَّا أُتِىَ به ورأسُه ولحيتُه كالثَّغَامة بياضاً، فقال: "غَيِّرُوا هذا الشَّيْبَ وجَنِّبُوهُ السَّوَاد". والكتمُ يُسَوِّد الشعرَ.
فالجواب من وجهين، أحدهما: أنَّ النهى عن التسويد البحت، فأمَّا إذا أُضيف إلى الحِنَّاء شىءٌ آخرُ، كالكَتَم ونحوه، فلا بأس به، فإنَّ الكَتَمَ والحِنَّاء يجعل الشعر بيْن الأحمر والأسود بخلاف الوَسْمة، فإنها تجعلُه أسود فاحماً، وهذا أصح الجوابين.
الجواب الثانى: أنَّ الخِضَاب بالسَّوَاد المنهى عنه خِضابُ التدليس، كخِضاب شعر الجارية، والمرأةِ الكبيرة تغرُّ الزوج، والسيدَ بذلك، وخِضَاب الشيخ يَغُرُّ المرأةَ بذلك، فإنه من الغش والخِداع، فأما إذا لم يتضمن تدليساً ولا خِداعاً، فقد صحَّ عن الحسن والحسين رضى الله عنهما أنهما كانا يخضِبان بالسَّواد، ذكر ذلك ابن جرير عنهما فى كتاب "تهذيب الآثار"، وذكره عن عثمان ابن عفان، وعبد الله بن جعفر، وسعد بن أبى وقاص، وعُقبةَ بن عامر، والمغيرة بن شعبة، وجرير بن عبد الله، وعمرو بن العاص.
وحكاه عن جماعة من التابعين، منهم: عمرو بن عثمان، وعلى بن عبد الله بن عباس، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن الأسود، وموسى بن طلحة، والزُّهْرى، وأيوب، وإسماعيل بن معدى كرب.
وحكاه ابن الجوزى عن محارب بن دِثار، ويزيد، وابن جُريج، وأبى يوسفَ، وأبى إسحاق، وابن أبى ليلى، وزياد بن عَلاقة، وغَيلان بن جامع، ونافع بن جُبير، وعمرو بن على المُقَدَّمى، والقاسم بن سلام
كَرْمٌ: شجرة العِنَب، وهى الحَبَلَةُ، ويُكره تسميتها كَرْماً، لما روى مسلم فى "صحيحه" عن النبىِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يقولَنَّ أحدُكُمْ للعِنَبِ الكَرْمَ، الكَرْمُ: الرَّجُلُ



ص -274- المُسْلِمُ". وفى رواية: "إنما الكَرْمُ قَلْبُ المُؤْمِنِ"، وفى أُخرى: "لا تقولوا: الكرمُ، وقُولُوا: العِنَبُ والحَبَلَةُ".
وفى هذا معنيان:
أحدهما: أنَّ العرب كانت تُسمى شجرة العِنَب الكَرْمَ، لكثرة منافعها وخيرها، فكره النبىُّ صلى الله عليه وسلم تسميَتها باسم يُهيِّج النفوس على محبتها ومحبة ما يُتخذ منها من المسكر، وهو أُمُّ الخبائث، فكره أن يُسمَّى أصلُه بأحسن الأسماء وأجمعها للخير.
والثانى: أنه من باب قوله: "لَيْسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ"، و"لَيْسَ المِسْكينُ بالطَّوَّافِ". أى: أنكم تُسمون شجرةَ العِنَب كَرْماً لكثرة منافعه، وقلبُ المؤمن أو الرجل المسلم أولى بهذا الاسم منه، فإنَّ المؤمنَ خيرٌ كُلُّه ونفع، فهو من باب التنبيه والتعريف لما فى قلب المؤمن من الخير، والجود، والإيمان، والنور، والهدى، والتقوى، والصفات التى يستحق بها هذا الاسم أكثرُ من استحقاق الحَبَلَة له.وبعد.. فقوةُ الحَبَلَةِ باردة يابسة، وورقُها وعلائقها وعرمُوشها مبرد فى آخر الدرجة الأُولى، وإذا دُقَّت وضُمِّدَ بها من الصُّدَاع سكنته، ومن الأورام الحارة والتهاب المعدة. وعُصارةُ قضبانه إذا شُرِبت سكَّنت القىء، وعقلت البطن، وكذلك إذا مُضغت قلوبها الرطبة. وعُصارةُ ورقها،
تنفع من قروح الأمعاء، ونفْث الدم وقيئه، ووجع المَعِدَة. ودمعُ شجره الذى يُحمل على القضبان، كالصمغ إذا شُرِبَ أخرج الحصاة، وإذا لُطِخَ به، أبرأ القُوَبَ والجَرَبَ المتقرح وغيره، وينبغى غسل العضو قبل استعمالها بالماء والنَّطْرون، وإذا تمسَّح بها مع الزيت حلق الشعر، ورمادُ قضبانه إذا تُضمِّدَ به مع الخل ودُهْن الورد والسَّذاب، نفع من الورم العارض فى الطِّحال، وقوةُ دُهْن زهرة الكَرْم قابضة شبيهةٌ بقوة دُهْن الورد، ومنافعها كثيرة قريبة من منافع النخلة.



ص -275- كَرَفْس: روى فى حديث لا يصِحُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "مَن أكَلَهُ ثم نامَ عليه، نام ونَكْهتُهُ طَيِّبةٌ، وينامُ آمناً من وَجَعِ الأضراسِ والأسنانِ"، وهذا باطل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن البُسْتانىَّ منه يُطيِّب النكهة جدّاً، وإذا عُلِّق أصله فى الرقبة نفع من وجع الأسنان.
وهو حارٌ يابس، وقيل: رطب مفتِّح لسُداد الكَبِد والطِّحال، وورقُه رطباً ينفعُ المَعِدَة والكَبِدَ الباردة، ويُدِرُّ البَوْل والطَّمْث، ويُفتِّت الحصاة، وحَبّه أقوى فى ذلك، ويُهيِّج الباه، وينفعُ مِن البَخَر. قال الرازىُّ: وينبغى أن يُجتنب أكله إذا خِيفَ من لدغ العقارب.
كُرَّاثٌ: فيه حديث لا يصِحُّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو باطل موضوع: "مََن أَكَلَ الكُرَّاث ثم نامَ عليه نام آمناً مِنْ ريح البَوَاسيرِ واعْتَزَلَهُ الملََكُ لِنَتَنِ نََكْهَتِه حتى يُصْبحَ".
وهو نوعان: نَبَطىٌّ وشامىٌّ، فالنبطىُّ: البقلُ الذى يوضع على المائدة. والشامىُّ: الذى له رؤوس، وهو حار يابس مُصدِّع، وإذا
طُبخَ وأُكِلَ، أو شُرِب ماؤه، نفع من البواسير الباردة. وإن سُحِقَ بزره، وعُجِنَ بقَطِرَانٍ، وبُخِّرَت به الأضراسُ التى فيها الدودُ نثرها وأخرجها، ويُسكِّن الوجع العارض فيها، وإذا دُخنت المقعدةُ ببزره خَفَّت البواسير، هذا كله فى الكُرَّاث النَبَطى.
وفيه مع ذلك فساد الأسنان واللِّثَة، ويُصَدِّع، ويُرى أحلاماً رديئةً، ويُظلم البصر، ويُنتن النَّكهة، وفيه إدرارٌ للبَوْل والطَّمث، وتحريكٌ للباه، وهو بطىءُ الهضم.

حرف اللام
لَحْمٌ: قال الله تعالى: {وَأَمْدَدْنَاهُم بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ}[الطور: 22]، وقال: {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ}[الواقعة: 21].
وفى "سنن ابن ماجه" من حديث أبى الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سَيِّدُ طَعَامِ أهْلِ الدُّنيا وأهْلِ الجَنَّةِ اللَّحْمُ".



ص -276- ومن حديث بُريدةَ يرفعه: "خَيْرُ الإدَامِ فِى الدُّنيا والآخِرَةِ اللَّحْمُ".
وفى "الصحيح" عنه صلى الله عليه وسلم:"فضلُ عائشةَ على النِّساءِ كفضلِ الثَّريدِ على سائِرِ الطَّعَامِ".
و"الثريد": الخبز واللَّحم. قال الشاعر:

إذَا مَا الْخبْزُ تَأْدِمُهُ بِلَحْمٍ فَذَاكَ أَمَانَةَ اللهِ الثّرِيدُ

وقال الزُّهْرى: أكل اللَّحْم يَزيدُ سبعين قوَّة، وقال محمد بن واسع: اللَّحْم يزيد فى البصر، ويُروى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه: "كُلُوا اللَّحْمَ، فإنه يُصَفِّى اللَّوْنَ، ويُخْمِصُ البَطْنَ، ويُحَسِّنُ الخُلُقَ"، وقال نافع: كان ابن عمر إذا كان رمضانُ لم يَفُتْه اللَّحْم، وإذا سافر لم يفته اللَّحْمَ. ويُذكر عن علىٍّ: مَن تركه أربعين ليلة ساء خُلُقه.
وأما حديث عائشة رضى الله عنها، الذى رواه أبو داود مرفوعاً: "لا تَقْطَعُوا اللَّحْمَ بالسكِّين، فإنه من صَنِيع الأعَاجِم، وانْهشُوهُ، فإنه أَهْنَأُ وأمرأُ". فرده الإمام أحمد بما صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم مِن قَطعِه بالسِّكِين فى حديثين، وقد تقدَّما.
واللَّحمُ أجناس يختلِفُ باختلافِ أُصولِهِ وطبائعه، فنذكرُ حُكمَ كل جنس وطبعَه ومنفعَته ومضرَّته.


 
 توقيع : محمد الغماري

احفظ الله يحفظك

تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

[email protected]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الطب الرقوي من الهدي النبوي ( الطب النبوي ) . 1الراقي دراسات وبحوث وتحليل المنتدى ـ الإدارة العلمية والبحوث Studies and Research and Analysis Forum 14 15 Aug 2012 01:02 PM
مخطوطة الطب النبوي لإبن القيم الجوزيه إبن سينـــا المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 9 14 Dec 2011 07:49 PM
الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي أو الداء والدواء... لأبن القيم محمد الغماري طب الأعشاب . علمها وطبها وفوائدها Department of Herbal Medicine. Flag and Dobaa and benefits 44 04 Apr 2010 03:38 AM
الطب النبوي بن قيم الجوزية أبو سفيان المكتــــــبة العــــــــــــــامة ( Public Library ) 4 23 Apr 2008 02:12 PM
رااائع فلاش + انشوده وصف الجنه لأبن القيم الجوزيه مساء الورد منهج السلف الصالح . The Salafi Curriculum 3 08 Dec 2007 02:59 AM

 
مايُكتب على صفحات المركز يُعبّر عن رأى الكاتب والمسؤولية تقع على عاتقه


علوم الجان - الجن - عالم الملائكة - ابحاث عالم الجن وخفاياه -غرائب الجن والإنس والمخلوقات - فيديو جن - صور جن - أخبار جن - منازل الجن - بيوت الجن- English Forum
السحر و الكهانة والعرافة - English Magic Forum - الحسد والعين والغبطة - علم الرقى والتمائم - الاستشارات العلاجية - تفسير الرؤى والاحلام - الطب البديل والأعشاب - علم الحجامة

الساعة الآن 07:28 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2011-2012
جميع الحقوق محفوظة لمركز دراسات وأبحاث علوم الجان العالمي